دخلت مفاوضات السلام السودانية نفقاً مظلماً جديداً، بعدما غادر رئيس الوفد الحكومي نائب الرئيس علي عثمان محمد طه مقر المفاوضات في نيافاشا في كينيا أمس فجأة إلى الخرطوم، واستنكرت "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق الخطوة، واتهمت الخرطوم بالدفع نحو تفتيت البلاد ودفع الجنوبيين إلى الانفصال. ويعتقد بأن طه سيتشاور مع الرئيس عمر البشير، بعد التصلب في المواقف في ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بتطبيق الشريعة في الخرطوم واقتسام السلطة في منطقتي النوبة وجنوب النيل الأزرق. عاد إلى الخرطوم فجأة أمس النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه الذي يقود وفد الحكومة إلى محادثات السلام مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" الجارية منذ شهرين في كينيا، لاجراء مشاورات مع الرئيس عمر البشير. وذكر عضو وفد الحكومة الدكتور أمين حسن عمر أن الوفدين المفاوضين طلبا من الوسطاء التدخل بعد التصلب الذي ظهر في المواقف من تطبيق الشريعة في الخرطوم واقتسام السلطة في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، مشيراً إلى أن الوسطاء سيجرون اتصالات مع الطرفين لتقريب مواقفهما. وتوقع أن يفرغ الوسطاء من مهمتهم بعد 72 ساعة قبل أن يرفعوا تقريراً إلى طه وزعيم الحركة جون قرنق. وقال عمر ل"الحياة" في اتصال هاتفي أمس، إن القضايا الخلافية انحصرت في ست مسائل جوهرية استطاع الطرفان تسوية ثلاث منها، وتجمدت مواقفهما في الثلاث الأخرى، مما استدعى طلب تدخل الوسطاء للمساعدة في تقريب المواقف وتحريكها، مشيراً إلى أن القضايا الخلافية وقع اتفاق جزئي من بعض نقاطها، لكنه رفض الافصاح عنها. وعلم أن مواقف الطرفين تقاربت في المسائل المتصلة بتمثيل الحزب الحاكم في حكومة الجنوب وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ونسب مشاركة "الحركة الشعبية" في الحكومة الاتحادية والبرلمان الانتقالي. وفي أسمرا، علمت "الحياة" من مصادر قريبة إلى المفاوضات أن طه سيبقى في الخرطوم ثلاث أيام لاجراء مشاورات مع الرئيس السوداني. وأوضحت المصادر "أن طه تعرض لضغوط كبيرة بعد تصريحات الرئيس البشير الأخيرة عن عدم استثناء غير المسلمين من القوانين الإسلامية، وإعلانه موافقة قرنق على أن تحكم الخرطوم بقانون واحد، مما وضع رئيس الوفد المفاوض في موقف حرج، بعدما كان أبدى مرونة في المفاوضات". واعتبر الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان مغادرة طه إلى الخرطوم "موقفاً متشدداً جديداً". وقال: "درج الوفد الحكومي على سياسة المماطلة وشراء الوقت". وأضاف ان هذه الاستراتيجية "ستضفي قدراً من السلبية على قوة دفع المفاوضات". وناشد عرمان "الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني وعلماء الدين والطرق الصوفية التعبير عن آرائهم بوضوح حتى لا يعتبر الوفد الحكومي أنه يعبّر عن جموع المسلمين". واتهم عرمان الحكومة بأنها "تريد دفع الشعب السوداني نحو تفتيت الوحدة ودفع الجنوبيين نحو الانفصال".