اغتالت اسرائيل مساء امس زعيم "حركة المقاومة الاسلامية" حماس في غزة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي استشهد متأثراً بجروح خطيرة اصيب بها في هجوم بالصواريخ شنته "اباتشي" اسرائيلية على سيارته بالقرب من منزله في شارع الجلاء في غزة. وذلك بعد اربعة ايام على اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش دعمه خطة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للانفصال من جانب واحد عن الفلسطينيين والانسحاب من قطاع غزة. وذكر ان الهجوم أدى ايضاً الى استشهاد محمد نجل الرنتيسي وإثنين من مرافقيه. وأكدت اسرائيل انها استهدفت قائد "حماس" الذي نقل الى المستشفى مصاباً بجروح في رأسه وكل انحاء جسمه وفارق الحياة بعد خمس دقائق من وصوله، حسب اعلان مسؤولين في المستشفى. وكان قادة حركة "حماس"وانصارها بايعوا الرنتيسي قائداً للحركة في قطاع غزة في 23 من الشهر الماضي، اي في اليوم التالي لاستشهاد الشيخ احمد ياسين مؤسس "حماس" وزعيمها الروحي في غارة جوية اسرائيلية استهدفته ايضاً لدى خروجه من احد مساجد غزة. واعلن القيادي في حركة "حماس" اسماعيل هنية أمام حشد تجمع امام مدخل المستشفى بُعيد الاغتيال "ان دماء الرنتيسي لن تذهب هدراً". ونددت السلطة الفلسطينية بعملية اغتيال الرنتيسي ووصفتها بأنها "ارهاب دولة". وقال وزير شؤون المفاوضات صائب عريقات: "اننا نندد بأشد العبارات بالجريمة الاسرائيلية وارهاب الدولة. ومن الواضح الآن للعالم أن الشعب الفلسطيني يحتاج الى حماية دولية أكثر من أي وقت سابق". وبعد ذيوع نبأ الاغتيال مساء امس انطلقت مسيرات غضب في عدد من مدن الضفة الغربية. كما حصلت عمليات احتجاج في عدد من المعتقلات الاسرائيلية حيث يحتجز آلاف الفلسطينيين. وكان مسؤولون اسرائيليون اعلنوا غداة صدور "وعد بوش" ان سياسة الاغتيالات ستستمر ضد قادة الفصائل الفلسطينية. وجاء الهجوم الذي استهدف الرنتيسي بعد اربع ساعات على تفجير فتى فلسطيني نفسه عند معبر "اريتز" بين قطاع غزة واسرائيل ما اسفر عن جرح اربعة جنود اسرائيليين، واعلنت المسؤولية عنه "كتائب القسام" الجناح العسكري ل "حماس" وكتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة "فتح". تداعيات "وعد بوش" وصدر امس اول رد فعل "عملي" من السلطة الفلسطينية على "وعد" الرئيس الاميركي جورج بوش لاسرائيل الاربعاء الماضي تمثل بإعلان وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث ان القيادة الفلسطينية قررت ارجاء زيارة وفد فلسطيني برئاسته كانت مقررة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري الى واشنطن. واوضح شعث في تصريح لاذاعة "صوت فلسطين" ان سبب التأجيل هو "التطورات السياسية التي احدثها خطاب الرئيس بوش"، وان "السلطة الفلسطينية بحاجة الى وقت لإعداد استراتيجية جديدة". راجع ص 4 و 5 وكان بوش اعلن الاربعاء ان "من غير الواقعي" التفكير بالعودة الى حدود اسرائيل التي رسمتها اتفاقات الهدنة عام 1949، وهو موقف يفتح المجال لتعديل الحدود القائمة قبل حرب حزيران يونيو 1967 ورأى ان على اللاجئين الفلسطينيين الاقامة في الدولة الفلسطينية المقبلة من دون امكانية العودة الى اسرائيل، كما ايد احتفاظ اسرائيل بكتل استيطانية كبرى في الضفة الغربية. وجاء اعلان شعث ارجاء زيارة الوفد الفلسطيني الى واشنطن بعد قول الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات امس في كلمة بمناسبة "يوم الاسير الفلسطيني" ان "ليس من حق احد في هذا العالم ان يتنازل عن ارضنا وحقوقنا فشعبنا وقيادته الشرعية المنتخبة هما وحدهما المؤهلان للنطق باسم شعبنا في كافة المحافل العربية والدولية". الموقف الاوروبي وفيما اكد مصدر فلسطيني رسمي ل "الحياة" ان السلطة الفلسطينية ستتوجه، في اطار حملتها المضادة ل "تحول" الموقف الاميركي، الى الاممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي لتحددا موقفهما من التجاوز الاميركي للقانون الدولي، اكد وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي في اعلان مشترك صدر عن اجتماع في تولامور في ايرلندا امس ان "خريطة الطريق" هي "الوسيلة الوحيدة لانهاء النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي". وشدد اعلان الوزراء الاوروبيين "أيضاً على الحاجة الى تجنب حصول فراغ سياسي والمخاطر التي تنجم عنه خلال الفترة الانتقالية بين الان وبدء انسحاب" محتمل من غزة. ورحبت السلطة الفلسطينية بموقف الاتحاد الاوروبي، معتبرة أنه يشكل "انتصاراً للشرعية الدولية". وأضاف عريقات وزير شؤون المفاوضات ان بيان الاتحاد الاوروبي "أكد وجوب عدم الاجحاف في أي من القضايا المحفوظة لمفاوضات الوضع النهائي" مضيفاً ان "قضايا الحدود واللاجئين او غيرها من القضايا هي موضوع مفاوضات حسب قرارات الشرعية الدولية بين الجانبين". مجلس الجامعة العربية وعقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً أمس على مستوى المندوبين برئاسة المندوب المغربي السفير محمد فرج الدكالي ومشاركة الامين العام للجامعة. وأكد بيان صادر عن الاجتماع "رفض الموقف الاميركي الجديد الذي من شأنه أن ينسف عملية السلام في الشرق الأوسط بمرجعياتها كافة ويشجع إسرائيل على التمادي في عدوانها ضد الشعب الفلسطيني". واتفق المندوبون على ضرورة تقديم المبادرة العربية للسلام إلى الرأي العام الدولي للرد على الرسائل المتبادلة بين بوش وشارون مع التشديد على أن العرب لن يقبلوا بديلاً عنها وعن قيام دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران يونيو 1967 وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة عاصمتها القدس الشريف. وقال الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى: "نحن مستعدون للعيش في سلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات كجزء من العمل على إنهاء هذا النزاع ولكن في ظل تنفيذ قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وتنفيذ المبادرة العربية للسلام بالكامل". وأضاف أن ما فعلته واشنطن أثر في دورها كوسيط في عملية السلام وأن ذلك له تأثير بالغ "لأن دورها ليس أن تقرر لطرف على حساب طرف آخر"، مشيراً إلى أن الأمر سيكون مطروحاً على قمة تونس المقبلة. وأكد وزير الخارجية الأردني مروان المعشر في تصريحات مشتركة مع الوزير شعث في عمان أمس أن "مفاوضات الحل النهائي يجب أن تُترك للأطراف المعنية وحدها، وليس من حق أحد إلا هذه الأطراف التفاوض حولها" وأشار الى أن الملك عبدالله الثاني الذي يلتقي بوش الأربعاء المقبل سيركز على أن هناك "مرجعيات وحقائق واضحة للعملية السلمية تتمثل بقرارات الشرعية الدولية وخريطة الطريق والمفاوضات السابقة بين الفلسطينيين وإسرائيل" قائلاً أنه "لا بدّ من التحرك من أجل تأكيد هذه الحقائق والتشديد على إعادة العملية السلمية الى مسارها الصحيح". وأوضح المعشر أن "الأردن يريد ضمانات وتأكيدات أميركية تشيع الاطمئنان بأننا نسير على الطريق الصحيحة، وأن الانسحاب الاسرائيلي ليس من غزة وحدها، ولكنه خطوة أولى على طريق إنهاء الاحتلال الاسرائيلي بالكامل" معتبراً أن "التطورات الأخيرة في خصوص العملية السلمية" بمن فيها وعد بوش "مقلقة جداً".