ظهر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في الكوفة للمرة الأولى بعد المعارك التي خاضتها ميليشياته جيش المهدي ضد القوات الأميركية، ليعلن في خطبة الجمعة أنه لن يحل هذا الجيش، وتلقى دعماً لموقفه من المرجعية الشيعية التي اعتبرت الشروط الأميركية، وبينها تسليم الصدر، "تعجيزية"، محذرة الأميركيين من مهاجمة النجف وكربلاء، ومهددة باللجوء إلى السلاح للدفاع عن المدينتين اللتين اعتبرتهما خطاً أحمر "لا يمكن تجاوزه". وتولت القوات الأميركية المحادثات مباشرة مع وجهاء الفلوجة، لكنها استبقتها بغارة جوية استخدمت فيها قنبلة ضخمة زنتها 900 كيلوغرام على منزل أطلقت منه النار. وطالب الأميركيون الوفد العراقي بتسليم المقاتلين الأجانب والمسلحين العراقيين الذين يدعمونهم. وقال الصدر في خطبة الجمعة من مسجد الكوفة: "أن الأحداث أظهرت القبيح وميزت بين الحق والباطل، وأنا أقول إنهم الأميركيون باقون لسنين طوال ويقومون بتعزيزات لمواقعهم ولن تنفع المهادنة معهم". وأضاف ان "أميركا لم تفرق بين صغير وكبير تحت ذريعة الحرية والديموقراطية، فأية ديموقراطية هذه وأي حرية، فلا تغرنكم الأقاويل حيث أنهم يقولون إننا سنسلم السلطة أو نشكل الحكومة". وزاد: "يتهمني البعض بأنني أخرت نقل السلطة إلى العراقيين أو تشكيل حكومة عراقية موقتة، وأنا أقول نعم لقد أخرنا بيع العراق وتنصيب حكومة عميلة". وأوضح: "لن نسمح بدخول هذه القوات إلى مدينة النجف وإلى المقدسات، لأنها حرام عليهم". وقال الصدر مخاطباً المصلين: "أنا للشهادة طالب فأعينوني بالصبر والثبات واعلموا ان هذه الحرب هي حرب ضد المذهب وأن السياسة هي غير ما تطلبون". وتعهد أنصار مقتدى الصدر أمس الدخول في حرب شاملة إذا اجتاحت قوات أميركية النجف، معلنين أنهم لن يسمحوا بقتل زعيم آخر لهم من دون حساب. وتتخذ قوة مكونة من نحو 2500 جندي أميركي مواقعها قرب النجف لقتل أو اعتقال الصدر، إلا أنها لم تهاجم المدينة بعد. وبدت فرص التوصل إلى تسوية سلمية آخذة في التراجع بعدما تعهد الصدر بعدم حل ميليشياته المعروفة باسم "جيش المهدي". وقال الشيخ ناصر السعدي أمام عشرات الآلاف من أنصار الصدر في ضاحية مدينة الصدر الشيعية الفقيرة في بغداد: "أيها الأميركيون، اياكم والسقوط في مستنقع واجتياح النجف. أنهار من دمائكم ستتدفق". وبدا أن الجو العام في مدينة الصدر التي يستمد منها الزعيم الشاب شعبيته الأساسية، مشحون بالتحدي. ودوت هتافات التأييد من الحشود مثل: "نعم... نعم... مقتدى". وقال السعدي إن الصدر "سينتصر على جيش عدو متجبر حتى لو مات". وأضاف: "قتلنا الحلم الأميركي. لن يمكنكم السيطرة على هذا البلد. أنتم لا تفهمون ما يعنيه الاستشهاد. انظروا إلى أئمتنا الذين ماتوا في سبيل مبادئهم ومعتقداتهم". في الفلوجة، بدأ وجهاء المدينة أمس محادثات مع مسؤولين أميركيين طالبوا بتسليم المقاتلين الأجانب والعراقيين الذين يدعمونهم. وأعلن أحد المسؤولين العراقيين اثر المحادثات انه "متفائل" بإمكان التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار. وقال دان سينور، الناطق باسم الحاكم الأميركي بول بريمر: "نود أن يسلم زعماء الفلوجة المقاتلين الأجانب والإرهابيين الدوليين والعراقيين الذين يدعمونهم". ويشارك في المحادثات ريتشارد جونز المسؤول الكبير في "التحالف" وقائدان عسكريان هما الجنرال جيمس كونواي قائد الفوج الأول في قوات المارينز والجنرال جوزف ويبير رئيس الأركان قائد قوات الائتلاف. وقال جونز إن "هدف المحادثات وقف إراقة الدماء والعنف وفرض النظام في المدينة". وأكد سينور أنه على رغم تعليق العمليات العسكرية الأميركية منذ أسبوع، ما زال المقاتلون ينتهكون الهدنة. وأضاف: "نريد أن نمضي قدماً في العملية السياسية ... لكن ليس على حساب قوات المارينز". وعلى رغم تمديد الهدنة 48 ساعة، فإن المناوشات تواصلت أمس بين القوات الأميركية والمقاتلين العراقيين. وكانت القيادة العسكرية الأميركية حذرت في وقت سابق من أنها لن تتردد في اطلاق النار على المساجد إذا استخدمها المسلحون.