تفتح الشابة السويدية الكسندرا سميث حقيبة السفر وتجلس امامها للحظات. تفكر في اختيار اهم الحاجات التي ستستخدمها في رحلتها الى الاراضي الفلسطينيةالمحتلة فتجد ان الاحذية الرياضية اضافة الى الملابس العملية مهمة في السفر الى مناطق المخاطر. فهي ذاهبة الى قرى الضفة الغربية برفقة ستة من زملائها من حركات مسيحية مختلفة ليبقوا هناك فترة ثلاثة اشهر ويراقبوا اذا كانت حقوق الفلسطيني تهدر! تلتفت الكساندرا وتقول: "اشعر ببعض التوتر ولكني متشوقة للوصول الى المناطق الفلسطينيةالمحتلة لأباشر مهمتي وأنا مقتنعة بها، خصوصاً ان منظمة سيدا تمولها وهي منظمة موثوق بها". تنظم منظمة "سيدا" السويدية الرسمية منذ اكثر من سنة مشروع ارسال متطوعين من الكنائس السويدية الى الاراضي الفلسطينيةالمحتلة للعمل هناك كمراقبين ودروع بشرية للعائلات الفلسطينية. تشرح الكسندرا انها خضعت ورفاقها الى دورة تدريبية مكثفة حول كيفية التعامل مع الاحداث التي تجرى في فلسطين. وتشمل مهمتها "مرافقة طلاب المدارس الى الحواجز الاسرائيلية ومراقبة تعامل جنود الاحتلال معهم والعمل على ضمان حصولهم على معاملة انسانية لا تتعارض وحقوق الانسان كما سنقيم مع بعض العائلات الفلسطينية المهددة". وتشير الكسندرا الى انها ورفاقها يشكلون "طرفاً حيادياً في قلب الصراع بين الاطراف، اذ نسعى لأن نكون حياديين في الامور كافة". وتستدرك الكسندرا بالقول انه "من الصعب ان يكون الانسان حيادياً في قضايا احترام حقوق الانسان واستخدام القوة ضد المدنيين العزل، لذا نحن نسجل كل مخالفة ترتكبها سلطات الاحتلال ونرفعها الى الجهات المعنية". وتجد الكسندرا صعوبة في وصف تلك الجهات المعنية او التعريف بها وهي التي ستهتم بالشكاوى. ولكنها تشير الى أن "وجودنا مع الفلسطينيين يؤدي مباشرة الى تخفيف معاناتهم اليومية". تخرجت الكسندرا حديثاً في جامعة استوكهولم حيث تخصصت في العلوم السياسية، وتقول: "قررت ان اقوم بعمل ما يغني خبرتي وفي الوقت نفسه يساعد بعض الناس على تحسين اوضاعهم، لذا عندما قرأت الاعلان الذي نشرته منظمة سيدا حول التطوع الشبابي الى فلسطين لم اتردد في اتخاذ قرار المشاركة". تمول هيئة "سيدا" المشروع كاملاً ويحصل المتطوع على بطاقة سفر وعلى راتب شهري يعادل 2000 دولار شهرياً ويوقع على عقد مع "سيدا" للخدمة في فلسطين فترة ثلاثة اشهر. ولكن، ما الذي يدفع شابة سويدية تعيش حياة هادئة في بلد آمن للسفر الى بلاد الحروب والاضطرابات؟ لا تجد الكسندرا صعوبة في شرح الهدف الاساس من مشاركتها في هذا المشروع الانساني: "بعد ان انهيت دراستي شعرت بأنني اريد ان اشترك في عمل استفيد منه وأفيد الآخرين، لذا اجد ان السفر مع رفاقي ورفيقاتي من المنظمات المسيحية الى فلسطين لمساعدة من تهدر حقوقهم عمل مفيد جداً". الجدير ذكره ان معظم المنظمات المسيحية التي تقع تحت مظلة الكنيسة الرسمية في السويد لها موقف ثابت من قضايا حقوق الانسان وتدين باستمرار الاعتداءات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. ومعلوم ان الكنيسة السويدية هي من الكنائس غير المرغوب فيها في اسرائيل. وعبر عن هذا الموقف سفير اسرائيل في السويد زفي مازيل الذي طرد اخيراً من متحف التاريخ في استوكهولم، اذ اتهم كاردينال السويد كو غي هامار بأنه "معاد للسامية" بسبب ادانته الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين. الكسندرا على علم بكل تلك الاحداث وتشدد على انها تسعى مع زملائها لأن يكونوا طرفاً وتعرب عن قليل من الخوف لما ينتظرها في الضفة الغربية، اذ ان الجيش الاسرائيلي زاد من وتيرة حربه على المنظمات الاهلية السلمية وارتكب جنوده جرائم قتل في حق ناشطين من اميركا وأوروبا، ولكن "اتمنى ان استفيد من الدورة التدريبية التي خضعت لها هنا وسأتجنب المخاطر". وتظهر الكسندرا قناعة كبيرة في الخطوة التي تتخذها، ولكن "امي وأبي اعربا عن مخاوفهما ولكنهما لم يعارضا مشروعي وانما حملاني توصيات كثيرة لأنتبه على نفسي". وزارت الكسندرا المناطق الفلسطينية مرة واحدة قبل سنوات ولكن هذه الرحلة ستكون مختلفة تماماً عن الرحلة الاولى لأنها ستعيش مع العائلات الفلسطينية وسترافق الاطفال والطلاب من والى مدارسهم وعبر الحواجز الاسرائيلية كما انها ستسكن مع عائلات فلسطينية قد تكون مهددة بالقتل او التهجير. مهمة الكسندرا صعبة ولكنها كما تقول، "مهمة انسانية يجب ان يقوم بها كل شخص مقتنع بالعمل من اجل حقوق الانسان".