الجيش الأفغاني الفتي"متوازن إثنياً"... ألفان حتى الآن مهمتهم إعلان نهاية"أمراء الحرب" تتابع حلقة اليوم عملية إعادة بناء الجيش الوطني الأفغاني بعدما عالجت حلقة أمس الوضع الأمني في كابول في ظل التهديدات بعمليات انتحارية واسعة النطاق. لمعت عيناه عندما سألته عن"مقبرة الدبابات"على أبواب كابول حيث تصطف مئات الآليات العسكرية الروسية وقد بدأ الصدأ يعلوها. تركها"الدب الأحمر"وراءه عندما غادر أفغانستان مهزوماً في 9891. بعضها كان ما زال يعمل آنذاك وانتقلت ملكيته الى نظام نجيب الله ثم الى فصائل المجاهدين الذين دخلوا كابول في 2991، قبل ان ينتهي في يد حركة"طالبان"في 6991 وتحيله"على المعاش"قاذفات ال"بي 25"الأميركية مع بدء"الحرب على الإرهاب"في 1002. تحرّك في مقعده الفاخر في وزارة الدفاع الأفغانية في العاصمة كابول. ابتسم، ثم قال:"مقبرة الدبابات الروسية ليست هنا. يجب ان تنظر الى الطريق بين كابول وجلال آباد. في عملية جلال آباد وحدها قتلت 008 جندي روسي ودمّرت 331 آلية ... أنا من استولى على خوست وإن كانت باكستان أعطت شرف ذلك الى جلال الدين حقاني". تناول الجنرال عبدالرحيم وردك، نائب وزير الدفاع الأفغاني، مجلداً ضخماً يحوي قصاصات صحافية وبيانات عسكرية ورسائل من شخصيات بارزة بينها الرئيس ريتشارد نيكسون، وطلب مني أن أقرأ. صحيفة"واشنطن تايمز"عدد 41 آب/اغسطس 7891 تصف معركة ضخمة قادها وردك في تموز يوليو من تلك السنة وشملت شن هجمات عنيفة على شريط يمتد بطول 03 كلم بين كابول وجلال أباد."أكبر هزيمة لموسكو في معركة واحدة منذ الحرب العالمية الثانية"، هكذا نقلت الصحيفة عن"مصادر البنتاغون"وصفها لمجريات تلك المعركة التي خسر فيها الروس مئات الجنود والآليات العسكرية. أخذ وردك المجلد مجدداً وفتحه. صفحة تتناول"عملية غاشاي، أي السهم بلغة البشتو وكانت تقضي بعزل كابول عن محيطها، وأخرى تتناول"عملية الطوفان"في ولاية كونار، وثالثة تتناول"عملية البرق"التي تهدف الى تخفيف ضغط الروس على فصائل المجاهدين في خوست، ورابعة تروي عملية"الانهيار الثلجي - أفالانش"بين كابول وجلال آباد. بدا فخوراً بانتصاراته على الروس، وبصواريخ ال"ستينغر"التي أعطته إياها الولاياتالمتحدة وكانت سبباً رئيسياً في خسارة الاتحاد السوفياتي الحرب بعدما فقد سيطرته على أجواء أفغانستان. لكن وردك لم يستفد كثيراً من هزيمة الروس وبعدهم نظام نجيب الله. فهو ينتمي، كما قال، الى"حزب إسلامي معتدل"الجبهة الوطنية الإسلامية في أفغانستان، بينما الفصيلان اللذان تقاسما أكثر من غيرهما إرث النظام الشيوعي المنهار كانا"الحزب الإسلامي"بقيادة قلب الدين حكمتيار و"الجمعية الإسلامية"بقيادة برهان الدين رباني وقائده العسكري أحمد شاه مسعود أسد بانشير. وعلى رغم انه تولى مناصب في حكومة المجاهدين بعد انتقالها الى كابول في 2991، إلا انه ابتعد عن الأضواء بعد احتدام الصراع بين حكمتيار ومسعود وتدميرهما ما تبقى من العاصمة الأفغانية. انتقل للعيش في إسلام آباد خلال حكم حركة"طالبان"، لكنه لم ينضم اليها. يقول:"نعم، اتصلوا بي ... كان ذلك بعد هزيمتهم في مزار الشريف عندما فقدوا آلاف العناصر في الانقلاب ضدهم هناك في 7991. طلبوا مني أن أتولى تنظيم صفوفهم لكنني لم أفعل. بعد ذلك صار بعضهم يطلق عليّ إشاعات. قالوا إنني أطلقت لحية طويلة وانهم رأوني مع طالبان في ولاية غنزي. هذا غير صحيح أبداً". وللتدليل على انه لم يكن مع"طالبان"، أضاف الجنرال انه كان واحداً من ثلاثة - مع حامد كارزاي، الرئيس الحالي، وعبد الحق الذي اعدمته"طالبان"بعدما حاول ان ينظّم تمرداً ضدها في شرق البلاد - حاولوا"إصلاح الوضع"مع بدء الحرب الأميركية لاطاحة نظام الملا عمر وقادة تنظيم"القاعدة"في 1002. قال:"كان يمكنني ان أكوّن قوة جنوبية في خلال 3 أيام. لكن لم يساعدني أحد ... لم أكن أريد ان تسقط كابول في يد تحالف الشمال. كان الأفضل أن تسقط في يد تحالف شمالي - جنوبي"، في إشارة الى حساسية البشتون من دخول تحالف الشمال الذي يسيطر عليه الطاجيك، العاصمة الأفغانية إثر انسحاب حركة"طالبان"منها في كانون الأول ديسمبر 1002. إعادة بناء الجيش يُشرف وردك، البشتوني من ولاية وردك القريبة من كابول، من موقعه هذا في وزارة الدفاع الأفغانية والذي تولاه خلفاً للجنرال الأوزبكي عبدالرشيد دوستم، على إعادة بناء القوات المسلحة، في خطوة يُتوقع في النهاية ان تعزز سلطة الحكومة المركزية على الولايات وتُقلّم أظافر"أمراء الحرب". لا أعرف إذا كان وردك يرى نفسه"أمير حرب"، لكنه بدا مقتنعاً بأن إنقاذ أفغانستان من مأساتها يتطلب بناء جيش وطني يعلو على الإثنيات والأحزاب المختلفة والمتصارعة في ما بينها."نريد ان يكون ولاء جيشنا لهذه الأمة وليس لإثنية أو حزب". كررها أكثر من مرة أثناء حديثه عن إعادة بناء الجيش الأفغاني، وهي مهمة ما زالت في بدايتها لكنها مشروع طموح يُتوقع في النهاية أن يفضي الى تكوين جيش من 07 ألف جندي قادرين على حفظ أمن البلد. يُقر وردك، وهو أصلاً"ابن المؤسسة العسكرية"إذ كان ضابطاً في أيام حكم الملك السابق وتلقى تدريباً في كليات عسكرية أميركية كان أول متدرب أجنبي فيها ينجز سباق الألف ميل ومصرية كلية ناصر العسكرية حيث درس الحرب العربية - الإسرائيلية، بأن مهمة بناء الجيش ستكون صعبة. جزء من هذه الصعوبة يكمن في تحقيق تمثيل متوازن للإثنيات داخل المؤسسة العسكرية. فليس سراً ان كثيرين من البشتون يعتبرون الطاجيك مهيمنين على مقاليد الأمور في المؤسسة منذ سيطرتهم على كابول في 1002 إثر هزيمة حركة"طالبان"التي كانت تراهن على ولاء القبائل البشتونية لها. وفي هذا الإطار يمكن فهم كلام وردك عن معارضته سيطرة تحالف الشمال الذي يهيمن عليه الطاجيك على كابول وكيف انه كان يُفضّل ان يسيطر عليها تحالف شمالي طاجيكي جنوبي بشتوني، وهو أمر لم يحصل. الجيش الذي يُبنى حالياً"متوازن إثنياً"، كما قال وردك. امتنع عن الدخول في كيفية توزيع الحصص على الإثنيات، لكنه أكد ان النسب المعتمدة هي"النسب المعروفة لحجم كل إثنية مع هامش خطأ خمسة في المئة صعوداً أو نزولاً". وبحسب هذا التوزيع يكون للبشتون الغالبية في الجيش الجديد قرابة 04 في المئة، يليهم الطاجيك والأوزبك والهزارة. لكن وردك يشدد على ان هذا التوزيع الإثني المعتمد حالياً لن يكون قاعدة تُتبع في المستقبل"إذ ان أهدافنا وطنية وليس إثنية أو حزبية". ويُقر وردك بأن عملية بناء الجيش ما زالت في بدايتها، إذ لم يتخرّج حتى الآن سوى قرابة الفي جندي، وهو عدد أقل بكثير من الآمال المعلقة عليه. وعلى رغم انه يمتدح المساعدة التي تقدمها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا لتدريب المتطوعين الجدد للجيش وتخريجهم، إلا انه يقول ان ذلك غير كاف. ويوضح ان آلاف المتطوعين يتقدمون للجيش الوطني، إلا ان الدول الغربية المشرفة على التدريب لا تأخذ سوى عدد قليل منهم. ويزيد ان عملية التدريب حالياً بدءاً من كانون الثاني/يناير الماضي تشمل 3 الى 4 كتائب تتخرج سوية"لكننا نودّ ان ندرّب 6 الى 7 كتائب دفعة واحدة. فنحن من سيقاتل ويموت من أجل بلدنا، وكلما كبر جيشنا كلما أسرعنا في حماية وطننا". مراكز تدريب الجيش في مقر"الكلية الحربية"في كابول ضباط غربيون كبار يشرفون على عملية تخريج دفعات الجيش الوطني. الفرنسيون يتولون تخريج ضباط الصف، والبريطانيون يدرّبون آمري المجموعات بين 8 و21 جندياً، في حين يتولى المنغوليون والبلغار والرومانيون الإشراف على"فرق التدريب المتنقلة". كذلك يتولى الجيش الأميركي مهمات مختلفة في عملية تدريب المتطوعين، في حين تقوم شركة أمنية أميركية تضم عسكريين سابقين بمهمات أخرى غير مجددة. وكان المدربون الغربيون على اختلاف جنسياتهم يتولون مباشرة عملية تدريب المتطوعين لدى انطلاق مشروع بناء الجيش الوطني. لكن بعد بدء تخريج دفعات من المجندين وبينهم ضباط، انتقلت مهمة التدريب الى العناصر التي تخرّجت في الدفعات الأولى، وأخذ الغربيون موقف"المراقب"لعملية التدريب الحاصلة لضمان عدم هبوط التدريب عن المستوى المقبول. وقال مسؤول في الفريق البريطاني الذي يتولى عملية التدريب ان فريقه سيترك اعتباراً من نيسان ابريل أو أيار مايو عملية التدريب كلها الى الأفغان أنفسهم و"سنكتفي بمراقبتهم لئلا يهبط المستوى". لكنه اعترف بأن السلطات الأفغانية تمارس نوعاً من الضغط لتسريع عملية تخريج الجنود، الأمر الذي أدى الى خفض فترة التدريب من عشرة أسابيع الى ثمانية. وقال:"كنا تحت ضغط للإسراع في عملية زيادة حجم الجيش الوطني ... لكن أي شيء تحت مستوى ستة أسابيع غير كافٍ". ويوضح هذا المسؤول ان عملية التخريج كانت تشمل في كل مرة كتيبة من نحو 003 عنصر تنقسم الى وحدات من 63 فرداً تنقسم بدورها الى وحدات أصغر حجماً. وأقر بأن بداية السير بعملية التدريب كانت صعبة الفرق بين طريقة التدريب العسكرية الغربية والطريقة الروسية التي يتبعها الأفغان. وأوضح ان درجة انسحاب المتطوعين كانت مرتفعة جداً في البداية، إذ كان المتدربون يقبضون رواتبهم نحو 07 دولاراً ويذهبون الى عوائلهم ويتأخرون في العودة أو لا يعودون أبداً. وكان بعض المدربين الأفغان يضرب بعنف الجنود المتأخرين، الى درجة ان كثيرين من هؤلاء كانوا لا يريدون العودة لهذا السبب بالذات. لكن المدرّبين الغربيين عمدوا لاحقاً الى منع زملائهم الأفغان من مس الجنود المتأخرين في العودة، في خطوة يبدو انها أخذت تفعل مفعولها. إذ انخفضت نسبة الانسحاب من التدريب الى نحو ستة في المئة حالياً بعدما كانت تتجاوز 22 في المئة في الدورات الأولى. ويقول الجنرال غلام اسيفي، قائد الجيش الوطني الجديد، ان الوحدات التي تتخرج حالياً"متوازنة إثنياً ... لكننا نجحنا في ان نجعل كل عنصر من عناصر الجيش يشعر كما يشعر رفيقه. إننا عائلة واحدة". ويضيف الجنرال في لقاء معه في"الكلية الحربية"في كابول:"نحتاج الى وقت لإعادة بناء الجيش. فجيشنا دُمّر بالكامل"خلال سنوات الاقتتال. ويتابع انه يخطط لبناء جيش من 07 الف جندي، وهو رقم أدنى بكثير من رقم الجيش خلال فترة الحكم الشيوعي حين كان عدده قرابة 002 الف جندي. لا يشعر اسيفي، الطاجيكي، بأنه غريب في"الكلية الحربية"، فقد قضى فيها معظم فترات حياته، حتى بعد انهيار نظام نجيب الله في 2991 عندما أصر أحمد شاه مسعود - الذي دخل كابول إثر انهيار النظام الشيوعي - على"ابقاء الكلية مفتوحة". لم يترك"ابن المؤسسة"مقره سوى بعد دخول حركة"طالبان"العاصمة في 6991 وتحويلها"الكلية الحربية"الى"مدرسة دينية"أساساً، إذ صارت تعطي الطلاب 11 درساً دينياً ودرساً واحداً في العلوم العسكرية قبل ان ترسلهم الى جبهات القتال ضد تحالف الشمال. وقتها غادر اسيفي كابول والتحق في بيشاور بابنه الدكتور الذي"فتح محل خياطة. كنت أساعده في المحل وآخذ المقاييس". عاد اسيفي الى"بيته"الآن. ورشة بناء واسعة تدور في أرجاء مباني الكلية. يبدو سعيداً بما حققه حتى الآن."سنوات قليلة وسنكون جاهزين. إننا سعداء بالمساعدة التي تقدمها لنا أميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول. لكننا سنظل نحتاج الى هذه المساعدة بضع سنوات أخرى". ومتى سيكون الجيش جاهزاً ليتسلم مسؤوليات الأمن من القوات الأجنبية ما دام انه لم ينجح في تخريج أكثر من الفي جندي 6891 بالتحديد حتى الآن؟رد بابتسامة عريضة:"قبل فترة قصيرة لم يكن عندما جيش بتاتاً. الآن نواة الجيش تكوّنت. سنحتاج بالطبع الى سنوات لإعادة بناء قواتنا ... ربما نكون جاهزين في أربع سنوات من الآن". عمليات التدريب انطلق موكبنا من مقر"الكلية الحربية"الى منطقة تبعد بضعة أميال عن قلب العاصمة. منطقة جبلية جرداء تعلن نهاية حدود مدينة كابول وبداية سلسة الجبال التي تحيط بها من كل جهة. الجبال من فوقنا تكسوها الثلوج. لكن حرارة الشمس كانت كافية ل"تُشعل النار في منطقة الرماية". كان الجنود الأفغان يفترشون الأرض لتناول طعام الغداء. بعضهم انتحى جانباً عن رفاقه لتأدية صلاة الظهر. مدربوهم من عناصر"الغوركا"البريطانية كانوا يراقبونهم من بعد. كان المتدربون في اليوم الثاني من الأسبوع الثالث من فترة تدريبهم التي تدوم ستة أسابيع. 141 عنصراً في المجموع. أشكالهم تدل على تعدد أعراقهم. بينهم البشتون ببشرتهم السمراء، وكذلك الطاجيك والأوزبك وأيضاً الهزارة. خليط يعكس تنوع المجتمع الأفغاني. هل يمكن ان أتحدث اليهم؟ سألت الضابط البريطاني المشرف على التدريب."بالطبع. لكن الرجاء الإسراع فوقت الغداء يشارف على الانتهاء وعليهم البدء في تسلّق الجبل". لماذا التحقت بهذا الجيش؟ رد الجندي الصغير نجيب الله 22 سنة الآتي من ولاية بادخشان أقصى الشمال الشرقي:"التحقت لادافع عن وطني وشعبي. أريد ان أعيد كرامة بلدي". سارع رفيقه عصمت الله 22 سنة الى الإدلاء بدلوه:"التحقت لأدافع عن بلدي. نريد ان يكون عندنا جيش في المستقبل قادر على ان يمنع الأجانب من التدخل في أفغانستان"، في إشارة ليس فقط الى الدول المجاورة التي ما انفكت تحاول التدخل في شؤون هذه الدولة بل أيضاً الى الدول الغربية الموجودة حالياً في أفغانستان. شير آغا 82 سنة التحق بالجيش من جلال آباد ولاية ننغرهار شرق أفغانستان. قال انه انضم ل"أحمي بلادي وأدافع عنها". ممن؟ أجاب:"أدافع عنها في مواجهة أعدائها. عدونا هو من لا يريد ان يرى أفغانستان تعيش بسلام. الإرهابيون هم اعداؤنا"، مستخدماً التعبير الذي تطلقه السلطات الأفغانية وقوات التحالف الغربي على فلول"طالبان"و"القاعدة". رحيم شاناري 62 سنة أضاف:"لم نعرف سوى الحرب في السنوات ال52 الماضية. كل الدول الآن تريد مساعدتنا. علينا ان نكوّن جيشاً موحداً يدافع عن وطننا. وعندما تكون عندنا حكومة جيدة يكون ذلك جيداً لجيشنا وبلدنا". صرخ الضابط البريطاني في الجنود الأفغان. وقت الغداء انتهى. بدأوا يقفون في صفوف متراصة. بعضهم كان لا يزال يصلّي. ناداه الضباط الأفغان المشرفين على التدريب. أسرع المتأخرون للالتحاق برفاقهم. انقسموا مجموعات، كل واحدة منها انطلقت نحو هضبة. كانوا يستعدون ل"المعركة"القادمة. ابتعدنا عن هذا الموقع الجبلي الى موقع آخر قريب. كانت ثلة من الجنود تفترش الأرض. أمامهم وقف مدرّب أميركي يشرح درسه عبر مترجم أفغاني يقف بجانبه. طلب من جنديين ان يتقدما اليه. أمر الأول بالارتماء أرضاً وفي يده سلاحه والتظاهر بأنه"قتيل". ثم طلب من الجندي الثاني ان يحاول التأكد من انه"ميت"."لا تقترب دفعة واحدة منه. فربما كانت جثته مفخخة". كان عنوان الدرس، كما قال الأميركي، هو تعليم الجنود الأفغان"طريقة جمع جثث الأعداء والتعامل مع أسرى الحرب". لم أعرف هل سيقدّم لهم"أمثلة حيّة"على كيف يتحقق ذلك، وهل ستشمل هذه الأمثلة كيف تعامل الأميركيون مع جثث"طالبان"و"القاعدة"في معارك تورا بورا الأفغانية أو كيف تعاملوا مع أسراهم، سواء كانوا محتجزين في كامب دلتا في غوانتامامو باي في كوبا أو في مراكز اعتقال سرية في أنحاء متفرقة من العالم حيث يُزعم ان الأميركيين يمارسون ضغوطاً مختلفة على المحتجزين لإرغامهم على التحدث الى المحققين، بما في ذلك استخدام سلاح"الحرمان من النوم". لم ننتظر إكمال الدرس الأميركي. أكملنا السير في تلك الجبال الجرداء من أي حياة. بعد أميال قليلة ظهرت ثلة أخرى من الجنود. كانوا يقفون في صف وأمام كل واحد منهم"هدف"كان يتدرب على إصابته. انطلقت الرصاصات وتردد صداها بعيداً. غادرنا المنطقة مسرعين. فالتدريب يتم بالذخيرة الحية، ولا نريد ان تُخطئ رصاصات أحد المتدربين هدفها فتصيبنا.