عرفت البحرين منذ عقود بتميزها في صناعة البيئة التي تكفل بدورها ابداع المنتج وابداع المواصفة مستندة على حزمة من التشريعات والقوانين الحديثة فضلا عن خبراتها التي تدعم جميع الانشطة والاعمال المتداولة منها واليها. وكانت البحرين وما زالت السباقة في صوغ قانون المصرف الاسلامي منطلقة من مزاولتها المهنية لهذا القطاع في نجاح ادارتها له اضافة الى زخمه وتجمعه في الساحة البحرينية، وهذا ما أفرز ادوات استقطابية جعلت معظم الرساميل الاسلامية تأتي الى السوق المحلية الامر الذي منح البحرين احتكاكا اكبر في الممارسة البحثية بغية انتاج افضل السبل في الاداء العام لهذا الجسم المالي الذي لا يمكن القفز فوقه لما له من ضخامة مالية فاعلة على الصعيد الاقليمي حيال اقتصاديات الدول. حول هذا الموضوع كان الحوار الآتي مع المدير العام ل"بيت التمويل الكويتي - البحرين" عبدالحكيم الخياط. وكان لنا معه الحديث الآتي: لماذا هذا التجمع الكبير للمصارف الاسلامية في مملكة البحرين؟ - تمثل مملكة البحرين ركيزة اساسية للعمل المصرفي على الصعيد الاقليمي والدولي. وقد أفرز هذا البلد خبرات متنوعة متوّجة بجودة عالية في الاداء المصرفي مما آل به الى كسبه حصة كبيرة من اهتمام الجسم المصرفي الخارجي في الاستثمار داخل اسواقه. وحيث انها كانت السباقة في صوغ هذا الحقل بطريقة متطورة الامر الذي جعلها مؤهلة اكثر من غيرها في امتصاص تنوع المنتج وتحديث المضامين التي تكفل بدورها بيئة صحية نقية لكافة عناصر العمل، جاءت مؤسسة نقد البحرين لتضفي اماناً ملموساً على كافة الرساميل والاستثمارات الموجودة على ارض البحرين لمختلف تخصصاتها لا سيما المصارف الاسلامية التي حضنتها المؤسسة بكوكبة من القوانين والتشريعات الحديثة والتي تتماشى ومتطلبات هذا القطاع مما ترجم ذلك البيئة الصحية المرجوة... اذ ان الامان القانوني او التشريعي الذي ينطلق من تفهم مؤسسة نقد البحرين من خلال وضعها لحزمة من القوانين والتشريعات المتطورة والتي تأتي متناغمة وادوات المصرف الاسلامي اضافة الى وضعها لحزمة من الأدوات الرقابية التي تعمل على رفع كفاءة العجلة المصرفية الاسلامية منطلقة من خبراتها، الامر الذي دعانا الى تلمس الشفافية الفائقة في ادائنا واعمالنا والاطمئنان الى الضبط القانوني لدى هذه الساحة، فضلا عن ان البحرين صنفت ضمن الدول المصرفية القوية A- وهذا يعني ان في مقدورها امتصاص اي صدمات قد تأتي لا قدر الله اليها، لذلك تكمن اهمية هذا البلد الى مواصفته التي جاءت لتلبي حاجيات هذا القطاع مما جعله بوابة تنافسية للجميع الى دول المنطقة والعالم ومحرضا على الابداع في ما بين المصارف بمختلف انواعها. هل ترى ان هناك عزلة او عدم فهم لاسلوب المصرف الاسلامي من قبل المجتمعات الاستثمارية؟ - نحن دعاة انفتاح ضمن نظم واضحة ومتطورة وانا اؤيد هذا الكلام بسبب بعدنا نوعا ما عن وسائل الاعلام والصحافة التي تلعب دوراً مهماً في شرح اي تجربة، بيد اننا بدأنا الاهتمام في الاحتكاك مع النظير او الاخر ولدينا خططنا التي تقربنا اكثر الى مجتمعاتنا، ونحن لا نمانع في التعامل مع الجميع طالما ان هذا التعامل لا يمس معتقداتنا وشريعتنا. ومن خلال تطوير ادواتنا التنفيذية عبر التجدد الدائم للقوانين والتشريعات والاجتهادات حيال عمل المصرف الاسلامي وحاجاته استطعنا في الاونة الاخيرة بأن نعمل بقوة امام المصارف التقليدية وبندية تامة وبتنافسية كبيرة، لما لعملنا من جودة متميزة في المنتج بدليل أن كثيراً من المصارف التقليدية فتحت لها نوافذ اسلامية تنتهج نهجنا في وضع الخدمات والسلوكيات، وتعاملنا ونتعامل معها ولا نمانع كما اسلفت لك وكما هو مشروع بأن نقف الى جانب المواصفة التي تضمن الحقوق لكافة ادوات المعادلة، وأؤكد نجاحنا في هذا المجال وباختصار ان ما يضمن صحة اداء المصارف الاسلامية، واضافة الى الرقابة المحاسبية هناك رقابة في الداخل ورقابة شرعية وهيئات تحكيم جميعها تعمل من أجل الشفافية والوصول الى النقاء في المنتج وابراز اجود الاساليب التي تضمن التكاملية في العمل التنفيذي. الفائض المالي الموجود لدى المصارف الاسلامية يدل على ضيق قنواتها الاستثمارية... كيف نعالج هذه الظاهرة؟ - هذه الظاهرة تخف يوما بعد يوم لا سيما مع وجود الية لتطوير التشريعات والقوانين والأدوات المصرفية والصناديق الاستثمارية الاسلامية لتتلاءم مع متطلبات بيئة الاستثمار المحلي والخارجي . كما أن زيادة الوعي بالعمل المصرفي الاسلامي يساهم في تخفيف هذه الظاهرة وتقليص الفجوة بين السيولة والاستثمارات لدى المصارف الاسلامية. ما هي نتائج وجودكم في بيئة كالبحرين؟ - في أول سنة عمل وعلى رغم أعباء التأسيس واحتدام المنافسة تمكن "بيت التمويل الكويتي - البحرين" بيتك من تحقيق أرباح صافية بلغت قيمتها نحو تسعة ملايين دولار خلال العام المنصرم 2003 أي بما يقارب تسعة في المئة من رأس المال المدفوع البالغ 93 مليون دولار. ونتج عن الأداء الجيد ل"بيتك" في سوق البحرين ارتفاع إجمالي الأصول من 93 إلى 267.8 مليون دولار خلال السنة محققة نسبة نمو بلغت 185 في المئة، كما ارتفعت الودائع المباشرة من الجمهور إلى 82.4 مليون دولار اضافة إلى ودائع من المصارف والمؤسسات المالية تجاوزت 80.5 مليون دولار. وبهذا يكون إجمالي الدخل من العمليات 20.4 مليون دولار خلال العام وصافي دخل قارب تسعة ملايين دولار، وذلك بعد تجنيب مخصصات عامة مقابل محفظة التمويلات. وادت هذه الأوضاع المالية الجيدة إلى تحقيق عائد على رأس المال المدفوع بلغت نسبته 9.3 في المئة، وعائد على متوسط إجمالي الأصول بلغ خمسة في المئة خلال 2003. وتمكن "بيتك" بفضل الله من توزيع عوائد جيدة مقارنة بالسوق على عملائه بلغت 1.750 في المئة على الودائع المستمرة و1.125 في المئة على حسابات التوفير المختلفة. هل لديكم نشاطات اخرى تشاركون فيها على الصعيد التجاري او الصناعي؟ - قمنا في العام المنصرم 2003 بشراء شركات داخل البحرين وخارجه، وأن أكثر عوائد هذه العمليات ينتظر بإذن الله تعالى أن تتحقق في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يشير إلى أن ما أنجز في العام الأول من التشغيل لم تحصد ثماره كاملا حتى الآن، ونحن نعمل الى جانب الحكومة البحرينية التي وضعت جل امكاناتها الخبراتية والتشريعية لدعم مسيرتنا داخل البحرين وخارجها لكي نكون من أفضل المصارف التي تتبع أرقى الممارسات المصرفية وأفضل آليات التعاطي مع متطلبات السلطات الإشرافية في مملكة البحرين ممثلة في مؤسسة نقد البحرين والجهات ذات الصلة. كما اننا نعمل باستمرار وفق استراتيجية خاصة ترتبط بتنويع استثماراته تقليلاً للمخاطر من خلال توظيفه لأفضل الطاقات والتقنيات من مختلف النواحي الشرعية والقانونية والفنية. وفي ما يتعلق بالملاءة المالية ل"بيت التمويل الكويتي" في البحرين فانه يتبع سياسة التحكم في هذه الملاءة بمرونة اذ أن استثماراته لن تكون عبئاً بإذن الله تعالى على هذه الملاءة حيث نجح المصرف في إيجاد الآليات التي تمكنه من تصكيك أصوله واستثماراته في أي وقت. وما دوركم في سوق الصيرفة داخل المملكة؟ - نؤكد ابتكاراتنا في هذا المضمار ودور "بيتك" في سوق الصيرفة في البحرين باذن الله سيكون ريادياً، وذلك من خلال محاولة إيجاد هياكل تمويلية ومنتجات جديدة تساعد المستهلك في الحصول على مبتغاه، كما أنها ستوفر للشركات التمويلات التي تحتاج إليها بتأهيل الأموال الفائضة وتمكينها من إيجاد الأصول اللازمة للاستثمار. لذلك فإن "بيتك" يعمل باستمرار على إيجاد هذه الفرص لكي يتيح سلة واسعة التنوع من الخيارات أمام الأفراد والشركات الأمر الذي تمخض عنه إصدار المصرف لبطاقة الإجارة للسلع المعمرة والتي ستطرح في السوق خلال آذار مارس المقبل من هذا العام، اضافة إلى أن "بيتك" ذهب بالعمل المصرفي الإسلامي إلى مناطق جغرافية جديدة بهدف إيجاد التنوع المنشود في محافظه الاستثمارية فأنشأ "صندوق نيوزيلندا واستراليا للاستثمارات الخاصة" الذي تبلغ قيمته 100 مليون دولار أميركي، واكتتب "بيتك" في رأس ماله بالكامل تمهيدا لطرحه على المستثمرين في البحرين ومنطقة الخليج خلال الأيام المقبلة. حيث أعلن بيت التمويل الكويتي البحرين بالتعاون مع شركة "انتليكتشول كبيتل بارتنرز المحدودة" عن استثمارهم المباشر الأول في "صندوق نيوزيلندا واستراليا للاستثمارات الخاصة" الذي طرح في تشرين الأول أكتوبر الماضي، حيث تم الاستثمار في شركة "كانتربري المحدودة" التي تعتبر من اعرق الشركات في نيوزيلندا. وتقوم "كانتربري" بإنتاج أجود الملابس الرياضية في العالم الخاصة بلعبة الركبي. ونظرا الى جودتها العالية، يقبل نجوم العالم والفرق البارزة في هذه الرياضة على ارتداء هذه الملابس الخاصة، مثل الفريق الاسترالي الذي فاز ببطولة العالم أخيراً. ويقوم "صندوق نيوزيلندا واستراليا للاستثمارات الخاصة" بالتركيز على الاستثمار في أسواق نيوزيلندا واستراليا الأكثر جاذبية، والتي تتوافر فيها الفرص الجيدة. كما يتطلع الصندوق للاستثمار في الشركات ذات المعدلات الإنمائية العالية والتي تفوق المتوسط، وذلك لتعزيز رساميل تلك الشركات بحيث تستطيع تحقيق تطلعاتها وأهدافها في زمن قياسي. وتجدر بنا الإشارة الى أن الصندوق قائم على أسس الشريعة الإسلامية الغراء ومبادئها. وتشرف الهيئة الشرعية التابعة ل"بيت التمويل الكويتي" على عمليات الصندوق الاستثماري. وتم تأسيس الصندوق من قبل "شركة نيوزيلندا واستراليا للاستثمار المباشر" وهي شركة بحرينية تخضع لإشراف مؤسسة نقد البحرين ورقابتها. ويهدف هذا الصندوق الى الاستثمار المباشر في الشركات التي تملك إمكانات قوية للنمو في كل من نيوزيلندا واستراليا. ويملك كل من بيت التمويل الكويتي البحرين و I-CAP حصصاً متساوية. وما هو جديدكم؟ - أنهينا كل الإجراءات الشرعية والقانونية والرسمية والفنية المتعلقة بإصدار بطاقة الإجارة الجديدة. وستطرح هذه البطاقة التي تعتبر الأولى من نوعها عالميا خلال هذا الشهر. وتمكن هذه البطاقة العملاء من تمويل تملك مجموعة مختلفة من السلع المعمرة كالأجهزة الإلكترونية والأثاث والهواتف النقالة والمكيفات والسيارات وما شابه بطريقة الإجارة المنتهية بالتمليك. وستكون مدة الإجارة المنتهية بالتمليك 24 شهرا من تاريخ شراء البضاعة على أن يتم تحديد السقف الائتماني الإجمالي لكل بطاقة بحسب تقويم البنك للوضع المالي لكل عميل وإمكاناته المادية، إلا أن هذه الأسقف الائتمانية متوقع في الغالب أن تفوق الأسقف الائتمانية الممنوحة عادة من خلال بطاقات الائتمان التقليدية. وسيتسلم العملاء بيانات مفصلة عن معاملاتهم ومبالغ التسديد من خلال كشف حساب بطاقة الإجارة التي سيرسلها "بيتك" إلى أصحاب البطاقة شهريا. وتتميز بطاقة الإجارة بالمرونة والملاءمة نفسها التي توفرها بطاقات الائتمان التقليدية مع موافقة ذلك للمتطلبات الشرعية. ويتوقع أن تسهم هذه البطاقة في تحريك سوق السلع الشخصية المعمرة في شكل إيجابي ويستفيد التجار من حصولهم على السعر فور البيع من دون الحاجة إلى أخذ مخاطرة العميل الائتمانية. ومن جهة أخرى ستتمكن شريحة كبيرة من المجتمع من اقتناء هذه السلع الشخصية والضرورية من دون عناء الانتظار. وستكون الأقساط الشهرية ميسرة على فترة طويلة يمكن تمديدها من حين لآخر كلما سدد العميل قسطا منها. من جهة أخرى تعتبر الاستثمارات الايجارية استثمارات مهمة في موازنات المصارف الإسلامية، ذلك أن في امكان المصرف تصكيك هذه الاستثمارات وبيع منفعتها من خلال صناديق استثمارية لتحسين الملاءة المالية للمصرف كلما احتاج المصرف لذلك وتوفير منتجات إلى المستثمرين ذات عائد مغر. وستقوم مؤسسة الخدمات العربية المصرفية التي تعتبر الأولى في خدمة البطاقات الائتمانية في المنطقة بإدارة الخدمات المتعلقة بعمليات البطاقة. كما قام "بيتك" بشراء 50 في المئة من مشروع "درة خليج البحرين" وأصبح شريكا رئيسيا في المشروع مع حكومة مملكة البحرين. وجاءت هذه الخطوة في وقت تتجه فيها مملكة البحرين ودول المنطقة إلى تشجيع الاستثمارات المحلية والإقليمية. كما أن امتلاك "بيتك" 50 في المئة من مشروع "درة خليج البحرين" سيسهم بدرجة كبيرة في توفير الدعم اللازم للإسراع في إنجاز هذا المشروع الحيوي والمربح بإذن الله تعالى، وذلك بحسب التوقعات والتحليلات التي قدمت من قبل المستشارين الماليين للمشروع، وأكدته إدارة البنك. ويمثل هذا المشروع معلما من معالم مملكة البحرين ومجالا واسعا للاستثمار سواء للأفراد أو المؤسسات.