أحبطت الشرطة البريطانية، أمس، عملية إرهابية ضخمة محتملة في لندن واعتقلت ثمانية إسلاميين في مناطق متفرقة في العاصمة والمقاطعات المحيطة بها. وفي حين تردد أن اعتقالات وعمليات دهم جديدة يُحضّر لها في الساعات المقبلة، أُفيد أن الشرطة صادرت، بالتنسيق مع جهاز الأمن أم. آي 5، أكثر من نصف طن من المواد التي تدخل في صنع المتفجرات في عمليات دهم شارك فيها أكثر من 700 رجل أمن وشملت 24 منزلاً ومقراً تجارياً. وعلّق وزير الداخلية ديفيد بلانكيت على العملية الواسعة التي لم تشهد لندن مثيلاً لها منذ سنوات، وقال إنها تأتي لتُذكّر بأن المملكة المتحدة ومصالحها حول العالم "ما زالت مهددة" بعمل إرهابي. وقال بيتر كلارك، قائد فرع مكافحة الإرهاب في سكوتلنديارد، إن عمليات الدهم بدأت منذ الصباح الباكر وشارك فيها 700 رجل أمن من شرطة لندن ومقاطعات بدفوردشير وساري وساسكس وسهل التايمز مقاطعات تحيط بالعاصمة البريطانية. وأوضح، في بيان، أن العسكريين دهموا مباني سكنية وتجارية في أكسبريدج وإيلفورد وكولونديل في لندن، وكراولي وسلاو ولوتون وهورلي وريدينغ، وأن مجموع عمليات الدهم بلغ 24. وقال إن قوات الأمن صادرت في إطار العملية ذاتها "أكثر من نصف طن من سماد الأمونيوم نايتريت كان مخزّناً في شارع بوسطن في هانويل غرب لندن". وتابع أن ثمانية أشخاص اعتُقلوا بموجب قانون مكافحة الإرهاب للاشتباه في ضلوعهم في "التحضير والإعداد لأعمال إرهابية"، وأن اثنين من المعتقلين أوقفا في منطقة أكسبريدج وواحداً في كل من إيلفورد وهورلي وسلاو وثلاثة في كراولي. وأوضح أن ضباط شرطة مكافحة الإرهاب سيحققون معهم، لافتاً إلى "أن هذه العملية ليست مرتبطة بإرهاب الجمهوريين الإيرلنديين ولا بهجمات مدريد". وذكر أن ال 8 بريطانيون تراوح أعمارهم بين 17 و32 سنة. وسعى كلارك إلى طمأنة الجالية الإسلامية، قائلاً إن الشرطة "تعرف أن الغالبية العظمى من الجالية الإسلامية تحترم القانون وترفض تماماً كل أنواع الإرهاب". لكنه أضاف أن من واجب الشرطة "تجاه كل الجاليات" أن تُحقق في أي نشاط إرهابي مشتبه به. وختم كلارك بأن "التهديد الإرهابي يبقى حقيقياً جداً، وعلى المواطنين أن يبقوا يقظين"، في إشارة إلى حملة إعلانية بدأتها شرطة مكافحة الإرهاب في مترو الأنفاق في لندن للتحذير من اعتداءات إرهابية محتملة مباشرة بعد هجمات مدريد في 11 آذار مارس. وقال ناطقة باسم سكوتلنديارد ل"الحياة" إنها لا يمكنها أن تزيد على معلومات كلارك بسبب استمرار التحقيقات. لكنها أوضحت أنه يمكن استمرار احتجاز الثمانية 48 ساعة في البدء قبل توجيه اتهامات إليهم، وأن فترة الاحتجاز قد تستمر إلى فترة أقصاها 14 يوماً شرط الحصول على إذن من القضاء. ورفضت أن تؤكد معلومات عن أن أربعة من الموقوفين من أصول آسيوية باكستانية وأربعة من أصول مغاربية. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن الثمانية من أصول باكستانية، وأن مادة الأمونيوم نايتريت هي "المادة المفضلة" للإرهابيين وأنها استُخدمت في تفجيرات بالي أندونيسيا في نهاية العام 2002. وقال مسؤولون أمنيون في الأيام الأخيرة إن بريطانيا مهددة بعمل إرهابي مماثل لما حصل في مدريد عندما فجّر إسلاميون متشددون مشتبه بهم حقائب مفخخة في قطارات للركاب في 11 آذار الجاري، مما أوقع 191 قتيلاً ونحو 1500 جريح. وباشرت أجهزة الأمن تسيير دوريات في مترو الأنفاق في لندن، لكن أي اعتقالات لم تحصل. وتقول مصادر أمنية إن المخاوف تتركز على إمكان حصول عمليات تفجير تستهدف أماكن حيوية في العاصمة، خصوصاً المطارات والمنشآت الاقتصادية المصارف والسياسية. واعتقلت الشرطة في بداية العام 2002 مجموعة من الشبان المغاربيين، في عملية وصفتها الصحف بأنها أسفرت عن إحباط هجوم كيماوي في مترو لندن. ويسعى وزير الداخلية ديفيد بلانكيت منذ فترة إلى تعزيز صلاحيات أجهزة الأمن في اعتقال مشتبه في ضلوعهم في الإرهاب، وهو طرح بداية هذا الأسبوع أمام البرلمان مشروع قانون لمناقشته ويقضي بإنشاء جهاز أمني بريطاني على نسق مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي أف بي آي، يُسمح لها بالتنصت على مكالمات هاتفية واستخدام محتواها في أي محاكمة محتملة. كذلك يريد بلانكيت خفض مستوى الدليل الذي تقبله المحاكم لإدانة الإرهابيين.