نفّذت سلطات الأمن البريطانية أمس حملة اعتقالات واسعة، هي الأولى بموجب القانون الجديد لمكافحة الإرهاب الذي أقرّه البرلمان الأسبوع الماضي. وقالت وزارة الداخلية ان الاعتقالات طاولت "ثمانية اجانب يشتبه في انهم ارهابيون" ويُشكّلون خطراً على الأمن القومي، الأمر الذي يسمح بإبقائهم رهن الحجز الاحتياطي من دون محاكمة لفترة ستة أشهر. وبدأت عمليات الدهم مساء أول من أمس واستمرت طوال أمس وكانت لا تزال مستمرة حتى المساء. وقال ناطق باسم وزارة الداخلية ان الاعتقالات شملت مناطق في لندن ومقاطعتي وست ميدلاند وبدفوردشير، وانها تمت بموجب "سلطات وزير الداخلية التي تسمح له باعتقال أشخاص يمكن ان يمثّلوا تهديداً للأمن القومي بموجب قانون مكافحة الإرهاب والجريمة" والذي أقره مجلسا العموم واللوردات فجر الجمعة الماضي. ورفض الناطق في اتصال مع "الحياة" الإدلاء بمعلومات عن المعتقلين أو عددهم، مشيراً الى ان "العملية ما زالت مستمرة". وقال ناطق باسم شرطة سكوتلنديارد ان الاعتقالات مسؤولية وزارة الداخلية وليس الشرطة، ولا يمكنه بالتالي تقديم معلومات عنها. وقال مصادر إسلامية ل"الحياة" ان بين المعتقلين الشيخ عمر بكري محمد زعيم جماعة "المهاجرون". لكن الناطق باسم هذه الجماعة في بريطانيا السيد أنجم تشاوردي قال ل"الحياة" ان جماعته "لن تدلي الآن بأي تعليق"، رافضاً تأكيد اعتقال بكري أو نفيه. واتصلت "الحياة" أيضاً بمحامي الأخير وتركت له رسالة عن وضع موكله، لكنها لم تتلق رداً. وتردد مساء ان بكري لم يعتقل، وان كان لا يجيب على المكالمات التي يتلقاها. والشيخ بكري لاجئ سياسي من سورية جاء الى بريطانيا مطلع التسعينات. وكان حتى العام 1996 ينتمي الى "حزب التحرير" قبل خروجه منه وتأسيسه منظمته الخاصة "المهاجرون" التي تجذب الى صفوفها العديد من البريطانيين من أصل باكستاني وهندي وبنغالي خصوصاً. وكانت وزارة الداخلية فتحت تحقيقاً قبل شهور في وضع السيد بكري لمعرفة هل يمكن ملاحقته قضائياً بتهمة التحريض على القتل، بعدما أصدر مواقف تبيح مقاتلة القوات "الكافرة" في أفغانستان. وقررت هيئة الإدعاء العام الملكي أخيراً انه لا يمكنها مقاضاة الشيخ بكري بسبب مواقفه وأسقطت التحقيق المفتوح ضده. لكن يُعتقد ان وزير الداخلية ديفيد بلانكيت يؤيد توقيفه، بناء على تقارير أمنية مُقدمة اليه في شأن نشاطات بكري ومواقفه. وقالت مصادر إسلامية أخرى ان الشيخ عمر أبو عمر أبو قتادة الفلسطيني كان بين الذين سيُعتقلون لكن أجهزة الأمن لم تعثر عليه. وزادت انه "مُختف" منذ أيام. واتصلت "الحياة" برقم هاتفه، لكن أحداً لم يُجب. كذلك تركت رسالة لمحاميته غاريث بيرس التي لم ترد على المكالمة. وجمّدت السلطات البريطانية قبل أيام الحسابات المصرفية للفلسطيني بعدما ورد اسمه في لوائح لأشخاص ومؤسسات يُشتبه في علاقتها بالإرهاب وتنظيم "القاعدة". لكن "أبو قتادة" قال في مقابلة مع "الحياة" نشرتها الخميس الماضي، ان لا علاقة "تنظيمية" له ب"القاعدة" ولم يلتق أبداً أسامة بن لادن، لكنه لو التقاه "لكنت فخوراً بذلك". وتقول السلطات الإسبانية ان "أبو قتادة" مرتبط بالعديد من الشبكات "الإرهابية" ويُعتبر "الزعيم الروحي" لتنظيم "القاعدة" في أوروبا. وهو محكوم بالسجن غيابياً مرتين في الأردن عامي 1998 الانتماء الى تنظيم غير مشروع و2000 التورط في مؤامرة للقيام بتفجيرات خلال احتفالات الألفية. ونفى الإسلامي الفلسطيني الاتهامات الأردنية الموجهة اليه واعتبرها "ملفقة". وأُفيد أيضاً ان السلطات البريطانية اعتقلت في مدينة لوتون، قرب لندن، شخصين أحدهما مصري يدعى "أبو آيات" حاصل على اللجوء السياسي قبل ستة أشهر. وهو كان وصل الى بريطانيا قبل نحو سنة ونصف فقط، ولا يُعرف عنه انتماؤه الى تنظيم إسلامي معيّن مثل "الجهاد" أو "الجماعة الإسلامية". وقال مدير "المرصد الإعلامي الإسلامي" السيد ياسر السري في اتصال في سجن بلمارش جنوب شرقي لندن انه "يستنكر حملة الاعتقالات" التي جرت في بريطانيا أمس. وأضاف ان تونسياً ومغربياً وجزائرياً وفلسطينياً كانوا بين المعتقلين، من دون الإفصاح عن هوياتهم. وتلقت "الحياة" تعليق السري من مصادر في عائلته. والسري مسجون منذ قرابة شهرين للإشتباه في علاقته بقضية اغتيال زعيم المعارضة الأفغانية أحمد شاه مسعود وتقديم دعم لجماعات إرهابية. وهو ينفي الاتهامات البريطانية، ويُتوقع ان تبدأ محاكمته نهاية الشهر المقبل. وعلمت "الحياة" ان مُترجماً من جنسية مغاربية بين الموقوفين. واستنكر "أبو حمزة المصري" مصطفى كامل في اتصال مع "الحياة" أمس الاعتقالات وقال انها "عنصرية" لأنها تشمل الأجانب فقط "على رغم ان الجريمة هي جريمة بغض النظر عن جنسية مرتكبها". ويحق للسلطات البريطانية إبقاء المعتقلين من دون محاكمة ستة أشهر. لكن يحق لهم تقديم طعن أمام هيئة قضائية أقل من محكمة. وفي بروكسيل رويترز، اعلن مكتب المدعي العام في العاصمة البلجيكية ان الشرطة اعتقلت رجلاً يشتبه انه جند مسلمين للتدريب في معسكرات تنظيم "القاعدة" في افغانستان. وقال جوس كولبين الناطق باسم المكتب ان طارق معروفي الذي وصف بانه مواطن بلجيكي من اصل تونسي اعتقل الثلثاء واتهم بتجنيد مقاتلين للقيام بمهمة عسكرية في الخارج. كما وجه اتهام تزوير الوثائق وجوازات السفر لمعروفي الذي سجن ايضاً قبل عامين بتهمة الانتماء الى منظمة اجرامية في بلجيكا. وصرح كولبين بان السلطات الايطالية تسعى ايضاً الى اعتقال معروفي وطالبت بتسلمه. لكنه لم يكشف عن السبب. واعتقل معروفي في اطار تحقيقات جارية بشأن اختفاء جوازات سفر بلجيكية سرقت عام 1999 خلال عمليات اقتحام لقنصلية بلجيكيا في ستراسبورغ في فرنسا وسفارتها في هولندا. وعثر على الجوازات المسروقة في ايلول سبتمبر مع قتلة الزعيم الافغاني المعارض احمد شاه مسعود الذي اغتاله شخصان قالا انهما صحافيان. واحتجزت بلجيكا من قبل مغربياً وتونسياً وجزائرياً في اطار التحقيقات الجارية في شأن سرقة جوازات السفر.