لا يخفى على أحد ولع المجتمع السعودي بالشعر العربي، خصوصاً المحلي الشعبي منه والمعروف بالشعر "النبطي". ولعل الاقبال الكثيف على ديوانيات الشعر والمشاركة الغزيرة للشعراء السعوديين في المحافل الأدبية في عواصم متعددة من العالم، خير دليل على هذا الولع. وتعتبر المجلات الادبية من أكثر المواد المقروءة انتشاراً في البلاد. وتأتي في طليعتها مجلة "فواصل" التي أسسها الشاعر السعودي الراحل طلال الرشيد الذي قتل في الجزائر نهاية العام الماضي خلال ممارسته هواية الصيد في البراري. أما سبب هذا التعلق الشديد بالشعر، فيرجع، بحسب المختصين، إلى الرومانسية والخجل اللذين يتسم بهما الشاب السعودي في شكل عام، خصوصاً تجاه الجنس اللطيف، فيلجأ إلى التعبير عن مشاعره عبر القصائد. ولا شك في أن ما يساعد الشباب على الانطلاق في هذا الميدان هو تمكنه من اللغة العربية، بفضل حفظه القرآن الكريم وإلمامه باللغة العربية في شكل مكثف مذ الصغر. أما السبب الآخر فهو النجاح الذي يحققه الشعراء على المستوى الجماهيري في حال تمكنوا من الابداع الذي يشكل حافزاً بكل تأكيد لكل شاب حالم. يقول الشاب مازن محمد، 17 عاماً، انه يحب الذهاب إلى الأمسيات الشعرية "لأن الأجواء فيها راقية". ويضيف: "تعجبني الهالة التي تعطى للشاعر... الشاعر انسان محترم ومقدر أينما ذهب". ولمازن محاولات في الشعر لكنه لا يرغب في نشرها، فهو يرغب بداية في "التمكن من قلمه" ثم يبدأ نشر قصائده باسم مستعار. وإلى جانب الشعر تلاقي المجموعات القصصية والروايات المكتوبة بالعربية طبعاً استحساناً، إذ اتضح ان الشباب متعلق بهذا النوع من الأعمال الأدبية. فطالب العلوم السياسية السعودي ناجي الشريف، 23 عاماً، يقرأ لنجيب محفوظ وإحسان عباس والشعراء عمر أبو ريشة وصلاح عبدالصبور ومحمود درويش ونزار قباني، إضافة إلى كتب الفلسفة والتراث العربي الأدبي. أما زميله فيصل الحمد، 22 عاماً، فيفضل الروايات المسرحية والتاريخ والمجلات السياسية. لكن، في شكل عام، لا يقبل الشباب السعوديون على القراءة، خصوصاً إن كانت خارج تخصصاتهم الأكاديمية أو العملية. فتحل الجرائد والمجلات محل الكتب، إذ يقرأ معظمهم الصحف مع قهوة الصباح. وتتسبب الصحف الرياضية بمشكلة دائماً في المقاهي، فغالباً ما يحصل أن يطلب شخصان أو أكثر في الوقت نفسه إحدى هذه الصحف! لذلك باتت المقاهي الصباحية تطلب أكثر من عدد واحد منها. وتأخذ الصحف السياسية والرياضية طابعاً ذكورياً مع بعض الاستثناءات فيما تأخذ المجلات الاجتماعية والنسائية أعلى نسبة مبيعات بين الجنسين. وبحسب أرقام شركات الأبحاث والتسويق، فإن من بين المجلات العشر الأكثر قراءة في السعودية سبع مجلات نسائية متخصصة في الجمال. وتحتل الشقيقة "لها" المرتبة الثالثة ب5،6 في المئة بين قراء السعودية كما جاء في التقرير الأخير ل PARC Pan Arab Survey الصادر في أيار مايو 2002. واللافت أن عدداً من هذه المجلات غيّر استراتيجيته التسويقية لتنال استحسان أفراد العائلة كلها وليس المرأة فقط. وإن كانت الآنسات والسيدات يتابعن هذه المجلات لتتبع آخر صيحات الموضة وأخبار النجوم، فإن الرجال يرون فيها "مادة خفيفة ومسلية" للقراءة في المساء. من جهة أخرى، يتابع عدد محدود من الشباب أعمال الكتاب الأجانب، وهؤلاء معظمهم درس في الخارج أو درس الانكليزية في مدارس خاصة. ومن بين الكتاب المفضلين: أغاثا كريستي وباولو كويلو، وجاي كاي رولنغ مؤلفة سلسلة كتب الطفل الساحر "هاري بوتر". ويعاني متتبعو الكتب الأجنبية أو حتى بعض الكتب العربية تأخر وصول بعض الانتاجات الادبية إلى السوق المحلي أو منع دخولها كلياً بسبب الرقابة.