أثار الرئيس الهايتي السابق جان برتران أريستيد عاصفة دولية أمس، بعد إعلانه عن "انقلاب أرغمته أثناءه الولاياتالمتحدة على مغادرة البلاد". ونفى البيت الأبيض مزاعم أريستيد، ووصفها بأن "لا معنى لها"، في حين بدأت تظهر مطالبات في اوساط الاميركيين السود في الكونغرس وجماعات الحقوق المدنية، بالتحقيق في ممارسات واشنطن في هايتي. اعلن الرئيس الهايتي المخلوع من مقر لجوئه في جمهورية أفريقيا الوسطى امس، أنه تلقى تحذيراً من حمام دم، في حال رفض التنحي. ووصف ملابسات مغادرته بور او برانس بانها "انقلاب لأنها عملية خطف عصرية"، لافتاً إلى أن خاطفيه "كانوا أميركيين وهايتيين تحركوا معاً لتطويق المطار ومنزلي وقصري". وأضاف في اتصال هاتفي مع شبكة "سي أن أن": "قالوا لي إنّه من الأفضل لي أن أرحل. تكلم معي عملاء أميركيون وهايتيون. عندما سألت كم من الناس يمكن أن يقتلوا، قالوا لي أنهم بالآلاف. أمضينا 20 ساعة في هذه الطائرة من دون أن نعلم إلى أين نحن ذاهبون ومن دون أن نتمكن من الاتصال بذوينا". وحول كتاب استقالته الذي تلاه الأحد رئيس الوزراء إيفون نيبتون، قال الرئيس الهايتي السابق انه يريد الاطلاع على نسخة منه. وأضاف: "يجب أن أرى الرسالة قبل أن أقول ما إذا كان هذا بالتحديد ما كتبت". وعما إذا كان رحيله في مصلحة بلاده أجاب: "بالتأكيد لا، لأنه لا يجوز أن يرغم أحد رئيساً منتخباً على مغادرة بلاده". ردود وتبريرات ونفى البيت الأبيض مزاعم أريستيد، وأعلن الناطق باسم الرئاسة الأميركية سكوت ماكليلان "إنه كلام لا معنى له"، لافتاً إلى أنه "اتخذنا إجراءات لحماية أريستيد وعائلته عندما غادروا هايتي، وكانت الاستقالة قراره وأوضح السبب بنفسه". وردّ وزير الخارجية الأميركي كولن باول بأنّ تلك المعلومات "لا أساس لها وهي عبثية. نحن لم نرغمه على الصعود إلى الطائرة". وقال وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد: "لا اعتقد أن ذلك صحيح، لكنت أصبت بالذهول تماماً لو كان هذا واقع الحال". وناقض عضوا الكونغرس الجمهوريين تشارلز رانغل وماكسين واترز ذلك بالقول إنّ أريستيد قدّم لهما رواية مختلفة تماماً. وأكد وارتز أن ميلدريد زوجة أريستيد اتصلت هاتفياً بزوجته وأبلغتها بانتهاء عملية الانقلاب ثمّ أعطت الهاتف لزوجها. وحض الناشط الأميركي في مجال حقوق الإنسان جيسي جاكسون الكونغرس الأميركي على التحقيق في مدى تورط الولاياتالمتحدة عموماً والاستخبارات الأميركية سي آي أي خصوصاً، في التمرّد ونفي الرئيس. وتعهّدت اللجنة التحضيرية السوداء في الكونغرس بالبحث في مسألة خطف أريستيد بعد لقاء خمسة من أعضائها، من بينهم سفير النيات الحسنة لدى الأمم المتّحدة داني غلوفر، الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وقال رئيس اللجنة الجمهوري الياه كومينغز ان الأعضاء ال43 للجنة لن يسمحوا بإقفال القضية و"النظر في سياسة تفكك بلادنا". وفي وقت سرت اشاعات عن اعتقال اريستيد في بانغي، قال الناطق باسم حكومة أفريقيا الوسطى بارفي مباي أن أريستيد حر في تحركاته. وقال إن قول الرئيس السابق إنه يشعر بأنه معتقل "غير مسؤولة"، مشيراً إلى انه يقيم في فيلا مخصصة لكبار الضيوف في القصر الرئاسي ولديه خط هاتفي خاص به. كما تحدث عن "تدابير أمنية لكن لا توجد حراسة حول منزله". من جهتها، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل اليو ماري أن باريس "تحمي" الرئيس السابق في منفاه الموقت الا أنها أكدت عدم سيطرتها على تحركاته هناك، مشيرة إلى أن مفرزة من القوات الفرنسية تتمركز في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ وقوع انقلاب عسكري بها العام الماضي. وأضافت: "إنها مسألة تتعلق بضمان أن تكون إقامته الموقتة في ظل ظروف عادية"، ولم تذكر الجهة المتوقع أن يتوجه أريستيد إليها مستقبلاً أو متى يتم ذلك. بدورها، رفضت الناطقة المساعدة باسم وزارة الخارجية الفرنسية سيسيل بوزو دي بورغو التعليق على ادعاءات اريستيد. وقالت مصادر ديبلوماسية فرنسية ان فرنسا لم تشارك في مثل هذا العمل ولم يكن لها أي دور في ذلك. مصلحة اميركية - فرنسية وعن تطابق المواقف بين فرنساوالولاياتالمتحدة في شأن هايتي، رأت مصادر فرنسية أن ذلك مرده "مصلحة مشتركة لأسباب تاريخية وجغرافية وسياسية قائمة لدى كلا البلدين". واعتبرت ان الرئيس الأميركي جورج بوش أدرك ان قضية هايتي عنصر في الحملة الانتخابية الأميركية وينبغي عدم تفرد منافسه الديموقراطي جون كيري بها، في ظل تقارير إعلامية أشارت الى أن فرنسا وحدها تعمل على صعيد هذا الملف. وذكرت ان السلطات الفرنسية عملت على سحب دعمها لأريستيد والمطالبة برحيله عن الحكم نتيجة حال الفوضي والاضطراب والانتهاكات الفاضحة في حقوق الانسان التي شهدتها هايتي والتي بلغت ذروتها في شباط فبراير الماضي.