تستمر محاولات الاستخبارات الاسبانية في جمع أطراف خيوط اعتداءات مدريد، وآخرها اعتقال أربعة أشخاص آخرين أمس، ليرتفع اجمالي عدد المعتقلين للاشتباه بصلتهم بالتفجيرات إلى 14 شخصاً. ويتزامن ذلك مع زيارة مرتقبة إلى المغرب لقاضي التحقيق الفرنسي المكلف ملف الإرهاب جان لوي بروغيير في إطار التحقيق حول مدى الارتباط بين الخلايا الارهابية في شمال أفريقيا وأوروبا. وفي وقت تنهمك مدريد بمدى التورط المغربي في الكارثة التي أصابتها، أكد المبعوث السابق للاتحاد الاوروبي لمنطقة الشرق الاوسط ميغيل أنخيل موراتينوس إن رئيس الوزراء الاسباني المنتخب خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو يعتزم معارضة الاستراتيجية الجديدة للاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الخاصة بالحرب على الارهاب، في وقت أقرّ فيه وزراء الخارجية الاوروبيون المجتمعون في بروكسيل خطة مكافحة الارهاب التي وضعها نظراؤهم في الداخلية والعدل. أكدت الشرطة الاسبانية أمس اعتقال أربعة أشخاص جدد في إطار التحقيق في اعتداءات مدريد، ثلاثة منهم اعتقلوا في ضاحية لافابيس القريبة من العاصمة حيث كان المشتبه الرئيسي المعتقل جمال زوغام يدير مركزاً للاتصالات الهاتفية، بينما اعتقل الرابع في خيتافي. وتزامن الإعلان عن الاعتقالات هذه مع توقع مصادر قضائية ان يبدأ القاضي الفرنسي المكلف ملف الإرهاب جان لوي بروغيير زيارة الى المغرب في نطاق التحقيقات في القضية وارتباطها بالتحريات في امتداد الخلايا الإرهابية في الشمال الافريقي، التي برزت بعد توجيه التهم الى المغربي زوغام الذي ورد اسمه في تحريات حول تحركات الأفغان العرب في باريس. وذكرت مصادر امنية ان التحقيقات جارية لمعرفة طبيعة العلاقة المحتملة بين المغربي زوغام وأبو مصعب الزرقاوي الذي تعتبره السلطات المغربية والإسبانية والفرنسية متورطاً في الهجمات الإرهابية باعتباره دافع عن الأفغان العرب المتحدرين من اصول مغربية. كما يعتقد ان دفاعه كان وراء اختيار المغربي عبدالله تبارك حارساً شخصياً لبن لادن، اضافة الى رعايته اجتماعات لإسلاميي شمال افريقيا في دول لا تتطلب زيارتها تأشيرات سفر. وستركز زيارة بروغيير التي تأتي بعد أيام قليلة على زيارة وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي للمغرب، على علاقة محتملة بين الفرنسي المعتقل بيار روبير الحاج عبدالرحمن وبعض المتورطين المغاربة في تفجيرات مدريد. من جهة أخرى، اعلنت الشرطة الإسبانية استمرار التحقيقات مع الإسباني فوسي ايميليو سواريس الذي يعتقد انه سهّل عمليات سرقة المتفجرات التي استخدمت في تفجيرات القطارات وسبق له ان عمل في منجم وأبعد لأسباب صحية. وبدأ يتاجر في السيارات المستخدمة، اضافة الى التورط في تجارة المخدرات. واللافت ان الفرنسي بيار روبير كان بدوره يتاجر في السيارات المستخدمة التي يقتنيها من فرنسا وإسبانيا ويدخلها الى البلاد عبر مضيق جبل طارق. وفي غضون ذلك، تواصل فرق امنية مغربية تحقيقات في المدن الشمالية للبلاد، بخاصة في تطوان وطنجة لجمع اكبر عدد ممكن من المعطيات حول الضالعين في تفجيرات مدريد، وشملت التحقيقات اعتقال عشرات الأشخاص من بين مطلوبين وردت اسماؤهم في التحقيقات، إلا ان السلطات أفرجت عن اشخاص ثبت ان لا علاقة لهم بالأعمال الإرهابية والتطرف. بولندا وفي وارسو، آفادت الشرطة البولندية عن اعتقال باكستانيين اثنين في وسط العاصمة في اطار الاجراءات الامنية المشددة التي اتخذت في أنحاء أوروبا. وامتنع ناطق باسم الشرطة عن التعليق على تقرير نشرته احدى الصحف بأن ضباطاً عثروا الاحد، في الشقة التي يقطنها الرجلان وعمرهما 32 و44 عاماً، على خرائط وضعت فيها علامات على مواقع مطارات ومعبد يهودي وبعض السفارات في وارسو. وقال الناطق: "اعتقل الرجلان في اطار اجراءات أمنية لاستجوابهم في صورة اكثر تفصيلاً والتحقق من وضعهما والغرض من وجودهما في وارسو". موراتينوس ومكافحة الارهاب من ناحية أخرى، أكّد المبعوث السابق للاتحاد الاوروبي لمنطقة الشرق الاوسط ميغيل أنخيل موراتينوس الذي سيحظى بمنصب وزير الخارجية في الحكومة الاسبانية الجديدة، إن رئيس الوزراء الاسباني ثاباتيرو يعتزم معارضة الاستراتيجية الجديدة للاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الخاصة بالحرب على الارهاب. وقال موراتينوس في مقابلة مع صحيفة "لو موند" الفرنسية إن الغرب بحاجة إلى تغيير التكتيك الخاص به في مكافحة الارهاب الذي يجب ألا يكون مبنياً على استخدام القوة أكثر من ذلك، مضيفاً "أننا بحاجة إلى ان ندفع المجتمعات العربية لوضع تدابير أمنية تمنع من انتشار الجماعات الارهابية". وأشار إلى إنه ناقش بالفعل سياسة مكافحة الارهاب مع وزراء خارجية ألمانياوفرنسا وبريطانيا، كما تحدث مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول. ويأتي إعلان موراتينوس بينما جرى الإعلان عن دعم وزراء الخارجية الاوروبيين في بروكسيل خطة مكافحة الارهاب التي وضعها الجمعة نظراؤهم في الداخلية والعدل بحسب تأكيد مصدر مقرب من الاجتماعات. ويفترض ان تتم المصادقة مساء الخميس، في بروكسيل، على خطة العمل التي تنص على تعيين "مفوض لشؤون الارهاب" مكلف تنسيق نشاطات مكافحة الارهاب على مستوى الاتحاد الاوروبي، خلال قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي. وافادت المصادر ذاتها ان عدة وفود اعربت عن ارتياحها لأن تعتمد قمة بروكسيل مسبقاً ل"بند التضامن" المدرج في مشروع الدستور الاوروبي المجمّد.