اسفرت الدورة الأولى للانتخابات الإقليمية الفرنسية اول من امس، عن صفعة قوية الى حكومة رئيس الوزراء جان بيار رافاران اليمينية، وعن مفاجأتين: تمثلت الأولى بعودة الناخبين لوضع ثقتهم بالحزب الاشتراكي والثانية بتراجع نسبة الممتنعين عن التصويت بنحو 5 في المئة مقارنة بانتخابات 1998. وأظهرت النتائج تقدماً لمصلحة الاشتراكيين الذين حازوا وحلفاءهم الشيوعيين وأنصار البيئة واليسار الراديكالي، 3،40 في المئة من الأصوات، فيما اقتصرت نسبة الأصوات لمصلحة حزبي الاتحاد من اجل الحركة الشعبية الحاكم والاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية على 8،33 في المئة. وأحرزت الجبهة الوطنية الفرنسية اليمين المتطرف نسبة 5،17 في المئة من الأصوات، واليسار المتطرف 5 في المئة. وذهبت نسبة 7،3 في المئة من الأصوات الى مرشحين مستقلين. وتفيد هذه الأرقام ان الناخبين نفذوا التهديد الذي تخوف منه رافاران وفريقه الحكومي، بمعاقبته عبر صناديق الاقتراع وتحويل الانتخابات الاقليمية الى استفتاء على شعبيته، مفشلين الرهان الذي تمسك به حتى اللحظة الأخيرة بإمكان حصر عملية الاقتراع بالاعتبارات المحلية وعدم اخفاء اي بعد وطني عليها. وفور صدور النتائج، اقر مسؤول حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية بالطابع العقابي للتصويت، الناجم عن سلسلة الإصلاحات التي تعتمدها حكومة رافاران ولم تجد على حد قولهم متسعاً من الوقت لتظهر ثمارها وترضي الناخبين. ودعوا الناخبين الى التعبئة استعداداً للدورة الثانية يوم الأحد المقبل، طارحين شعار "هل تريدون رؤية الاشتراكيين مجدداً؟"، بهدف الحد قدر الإمكان من الهزيمة المتوقعة لهم. وما يعزز احتمالات مثل هذه الهزيمة، النتائج التي احرزتها الجبهة الوطنية والتي لا تتيح لها السيطرة على اي من المجالس الاقليمية ال22 المتنافس عليها، لكنها مكنتها من الإبقاء على مرشحين لها للدورة الثانية في مناطق عدة ستشهد الأحد المقبل منافسة ثلاثية بين مرشح يميني وآخر يساري ومرشح ثالث عن الجبهة، وجعلتها تحتفظ بقدرتها على الإيذاء. وفي المقابل، فإن الحزب الاشتراكي تمكن بفضل الأصوات التي حصل عليها من إبعاد شبح الهزيمة التي لحقت به في انتخابات الرئاسة سنة 2002 ومن تقليص الخطر الذي مثله اليسار المتطرف الذي خاض الانتخابات على لوائح موحدة. وبعد العبثية التي ابداها الفرنسيون في الانتخابات الرئاسية السابقة وأدت الى خروج المرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان من السباق في الدورة الأولى، عادوا الآن ليساهموا في انعاش شعبية الاشتراكيين، وبمبدأ التناوب بين القوى التقليدية، من دون المراهنة على قوى التطرف. والمتوقع ان يتمكن الاشتراكيون من السيطرة على 6 مجالس اقليمية جديدة، اضافة الى تلك الثمانية التي يسيطرون عليها حالياً، من اصل 22 مجلساً. ويسعى اليمين من جهته الى تحقيق انتصار رمزي، في مدينة باريس وضواحيها من خلال تركيز الجهود على انتزاع المجلس الإقليمي من ايدي الاشتراكيين. في غضون ذلك، وخلافاً للتوقعات التي اشارت الى نسبة قياسية في الامتناع عن التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات الإقليمية، لم تتجاوز هذه النسبة 65،35 في المئة وهو ما عكس تحسناً ملحوظاً مقارنة مع انتخابات سنة 1998 حيث بلغت نسبة الممتنعين حوالى 5،40 في المئة.