أمير الرياض يستقبل مدير عام السجون المكلف    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    أمير نجران يستقبل القنصل العام لجمهورية فرنسا    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في جلسة اليوم الثاني لقمة مجموعة العشرين    أمانة القصيم تودّع سيتي سكيب بعقود استثمارية ب 45 مليون ريال    وزير الإعلام: 120 ألف مادة إعلامية منشورة لزيارة ولي العهد إلى أمريكا    السيولة السعودية ترتفع 7.8% إلى 3.2 تريليون ريال    رؤية عابرة للحدود تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط    وزير الخارجية يلتقي الرئيس الفنلندي    نائب أمير حائل يستقبل نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام "إخاء"    القصيم: فرع الاسلامية يحصل على شهادة الامتثال الاسعافي    مركز الأمير سلطان للقلب بالأحساء ينقذ حياة ثلاثة أطفال في أسبوع    قنصل عام فرنسا بجدة يستضيف خريجي الجامعات الفرنسية في أمسية مميزة ب«دار فرنسا»    أمير جازان يطّلع على برامج ومبادرات جمعية التغذية العلاجية بالمنطقة    بلدية القطيف تحتفي باليوم العالمي للطفل في حديقة صفوى    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    أكثر من 100 عمل بمعرض الفن الإسلامي    أمانة جدة تضبط 5,250 كجم من الأغذية الفاسدة وتوقف أنشطة عشوائية بعمائر سكنية    وزير البيئة يشهد توقيع 3 اتفاقيات لتعزيز استخدام المياه المجددة    مؤتمر MESTRO 2025 يوصي بتعزيز التعاون الإقليمي وتطوير تقنيات العلاج الإشعاعي    افتتاح متحف البحر الأحمر بجدة التاريخية في 6 ديسمبر    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في منطقة الجوف    روبن نيفيز.. سيد الجزائيات وحاسم الهلال في اللحظات الحرجة    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة عسير تقبض على شخص لترويجه (23) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    بن حفيظ افتتح موسم شتاء مرات السادس.. ويستمر للجمعة القادمة    في الجولة ال 13 من الدوري الإسباني.. قطبا العاصمة خارج الديار أمام إلتشي وخيتافي    في الجولة ال 12 من الدوري الإنجليزي.. ديربي لندني مرتقب يجمع آرسنال وتوتنهام    في ختام الجولة التاسعة من دوري روشن.. النصر يسعى لعبور الخليج.. والتعاون يصطدم ب «نيوم»    ضمن فعاليات موسم التشجير الوطني.. «الري» تستهدف زراعة 2 مليون شجرة    الجلاجل يعقد اجتماعات رفيعة المستوى ويلتقي المبتعثين.. تعزيز التعاون الصحي والابتكار الرقمي بين الرياض وبرلين    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    وزير الدفاع الهولندي: تعليق عمليات مطار أيندهوفن بعد رصد طائرات مسيرة    الداخلية: إهمال الطفل يعرضك للمساءلة القانونية    العقيل يحتفل بعقد قران عبدالله    عريس يشارك فرحته مع المحتاجين    منديل كشافة شباب مكة على صدور المديرس وهجاد وعمر    هزة أرضية بقوة 4.4 درجات تضرب شمالي العراق    مقتل 8 مسلحين في عملية للجيش الباكستاني شمال غربي البلاد    «واتساب» تتيح إنهاء صلاحية الرسائل تلقائياً    روبوت صيني يمشي لمسافة 106 كيلومترات    الجيش السوري و«قسد» يتفقان على وقف التصعيد بالرقة    أحمد أمين يصور«النص 2» مطلع ديسمبر    «وسم الثقافي» يكرم الشاعر أبو زيد    الإسكندراني يستعرض تاريخ الأغنية السعودية    هنأت الرئيس اللبناني بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة إبراهيم بن حمد    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة سمو الشيخ إبراهيم بن حمد بن عبدالله آل خليفة    بدء طرح تذاكر كأس آسيا تحت 23 عامًا "2026 السعودية"    ملصقات العقوبات في مرافق الصحة.. مخالفة    السجائر الإلكترونية تحتوي على جراثيم خطرة    الرياض وواشنطن مرحلة جديدة بعنوان الشراكة الإستراتيجية    للفترة الثانية .. "الرياضة" تعلن نطاق شهادة الكفاءة لأندية "روشن"و"يلو" لموسم 2025-2026    الأحمدي يكتب..جماهير الوحدة تُعيد ماضيها!    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    الشيخ صلاح البدير: الموت محتوم والتوبة باب مفتوح لا يغلق    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة كتاب قبل قراءته ؟
نشر في الحياة يوم 02 - 03 - 2004

مع ان كتاب الناقد عبدالله الغذامي "حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية" لم يقرأ بعد كما يجب، إلا ان ردود الفعل عليه بلغت حداً من التوتر والتأويل للأشخاص الذين لم يذكروا إلا رمزاً أو في السياق... واتهم بعضهم الغذامي بأنه يحاول اقصاء شركاء الامس من منصة تتويج نجاح التيار الحداثي في مجتمع محافظ. هذه المقولات ومثيلاتها ما زالت تتردد في أذهان الكثيرين الذين لم يكتبوا بعد عن الكتاب وفضلوا التريث الى حين يقفون على الكتاب كاملاً...
إلا أن فكرة الإقصاء هذه هي فكرة قائمة على افتراض سوء النية وهذا ما لا يمكن أن يلصق برجل كالغذامي... وطبيعة كتاب "الحداثة" هي طبيعة سردية تمكن الراوي من استلهام حكاياته وفق امتزاجها في داخله وليس وفق واقعها، وهذا ما فات من يرى أن الغذامي يسعى الى تنصيب نفسه راعياً للحداثة في السعودية.
وفي حوارات عدة رفض الغذامي ان يوصم بألقاب شعاراتية كما يطلق عليه في "الشبكة العنكبوتية" من كونه رسول الحداثة. هذا اللقب جاء عبر شريط كاسيت حين كان الاحتدام قائماً بين التيار الحداثي والتيار السلفي الذي كان يرى في الحداثة تجديفاً وخروجاً على الدين بما تحمله دعوة الحداثة من دعوة الى التغيير في البنى الثقافية.
والناقد عبدالله الغذامي كلما وجد الساحة الثقافة راكدة فجر قنبلة ليحرك سبات النائمين في الطرقات. هذا الوصف لا يخلو من بعض الحقيقة وإن ارتدى لبوس المجاز. وكتاب "حكاية الحداثة" ليس التفجير الوحيد الذي أقدم عليه الغذامي بجرأة متناهية، فهو سبق أن أثار جدلاً واسعاً في أول كتاب له وعنوانه "الخطيئة والتكفير" وقدمه الى الساحة الثقافية في العام 1985، والكتاب طرح نقد ما بعد البنيوية، وهو العمل التشريحي الذي طرح في الكتاب للمرة الأولى على مستوى العالم العربي. وهذا الكتاب اختصم حوله الاقربون والبعيدون وظل مادة للتداول الصحافي والاكاديمي وقتاً طويلاً، وامتهن احداث الاختلاف حول ما يكتب عبر مؤلفات الغذامي المتعددة ككتاب "اللغة والانثى" مثلاً. وحين تحول الغذامي من النقد الادبي الى النقد الثقافي عصف بالساحة الادبية ودفع بالكثيرين الى اقتفاء أثره. وأذكر أنني سألته في إحدى المناسبات عما يحدث من تغيرات ثقافية محلية وهل يعود الامر الى قوة ما يطرحه أم الى ضعف الساحة الثقافية حتى تنساق هذه الساحة خلف ما يكتب من غير مراجعة لما يكتب.
ولكي أكون اميناً فإنني لا أتذكر اجابته في شكل يجعلها مكتوبة. وأياً كانت الاجابة فإن ما يكتبه الغذامي سواء اتفقت معه او اختلفت يظل فعلاً وحدثاً ثقافياً.
وكتاب "حكاية الحداثة" في السعودية اثار من اللغط ما سيجعله قائماً لوقت طويل. فعلى رغم ان الكتاب لم يقرأه بعد عدد كبير من المعنيين بالامر والمشاركين في صوغ الحداثة في المملكة العربية السعودية إلا أنه اثار مداخلات مبكرة.
لا أعرف تحديداً كيف يمكن تناول كتاب لم تتم قراءته بالقبول والرفض من دون الوقوف على ما جاء فيه. هذه ظاهرة لافتة في الساحة الادبية السعودية حيث تتحول الصحافة الى محكمة تصدر حكمها من خلال المراجعة الصحافية السريعة او من خلال الحوار مع المؤلف لتتحول تلك الكتابة الى حكم يعمم على أفواه الكثيرين، أو أن يصبح حكماً نافذاً على الكتاب والكاتب. كما ان كتاب "حكاية الحداثة" يتحدث عن الحداثة في شكل عام وجزء منها خاص. وقسمت المرحلة إلى ثلاث مراحل: الموجة الأولى، الموجة الثانية، الموجة الثالثة. ونجد أن الموجتين الأولى والثانية تدوران حول حركة المجتمع، ببعدها الإداري والاقتصادي والاجتماعي وحول مظاهر اجتماعية مثل مظهر "الطفرة"، ومظهر هجرة الأرياف، وتأسيس "الوحدة" والأفكار الجديدة... هذه كلها أمور جرى الوقوف عندها لأنها تنبئ عن حالة من الاحتكاك مع "المتغيرات". اما الموجة الثالثة، فهي تمثل ظهور "النظرية النقدية"، وكان كتاب "الخطيئة والتكفير" علامة عليها. هذا تغيّر نوعي لدينا. لقد بدأ يصير عندنا نظرية نقدية، وحدثت ردود فعل كبيرة على الكتاب من خلال دراسات بلغت أكثر من مئتين من كتب ومقالات وخطب جمعة... هذه كلها تدل على أن هناك نوعاً من الرفض الذي يعبّر عن نفسه بطرق متنوعة. وكان هذا محركاً لكتابة "حكاية الحداثة" وقوفاً على هذه الاحتكاكات. وجرى التعبير عنها عبر القصص التي ألفها الكاتب والتي يرى انها قصص ذات دلالة رمزية وليست مجرد سرديات.
إلا أن ما استأثرت به الصحف وتناوله الكتاب هو الجزء الخاص بالقصص التي وردت عن أشخاص بعينهم من وجهة نظر السارد... فإذا اهمل ثلاثة أرباع الكتاب وتم التركيز من قبل الصحافة على ما أثير حول تلك الشخصيات، فهذا يشير الى الافتتان بما يمكن تسميته الادب الفضائحي، والفضائحي لا يفهم هنا بمعناه الاخلاقي وإنما بما يمثل للصحافة من مادة صحافية استهلاكية تكون على حساب المضمون. والذين حاكموا الكتاب ابتعدوا كثيراً عن مفهوم الحكاية التي اتخذها الكتاب كمرتكز أساسي للكتابة. فالحكاية غالباً ما تنطلق من المخزون الذاتي في رؤيتها الى ما يحيط بها، وهي بهذا تقدم جزءاً من الذات ويمكن الآخرين الذين شاركوا في صوغ الحداثة في تلك الفترة، أن يعيدوا صوغ الفترة بما تعكسه ذواتهم مما حدث، فيمكن أن تكون هناك حكايات اخرى لدى كل فرد شارك في تلك الصيغة.
في هذا الكتاب يعتمد عبدالله الغذامي نهجاً غير منهجي حيث اتخذ من الحكاية وعاء لتقديم رؤيته الى فترة تاريخية مهمة في الحركة الادبية السعودية، وبالتالي تكون مادة الكتاب فنية سردية، ويجب التعامل معها وفق سياقها السردي وليس لبطلان احكامها أو وقائعها.
"هذه شهادة لشاهد من أهلها أروي فيها حكاية الحداثة في مجتمع محافظ. ولا شك في ان أبرز سمات المجتمع السعودي هي المحافظة ... وقد يتصورون الحداثة في أي مكان الا في السعودية .... ولهذا فان الحداثة لا بد من أن تكون حكاية غير عادية في مجتمع كهذا ... ولذا فان قدر المجتمع السعودي ان يكون محافظاً مثلما ان قدره ان يكون فيس زمن العصرنة والتحديث بل زمن ما بعد الحداثة. ولن يتخلص من واحد مثلما انه لن يسلم من الآخر".
من مقدمة كتاب عبدالله الغذامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.