سلطت وسائل الإعلام الضوء على "كتائب أبو حفص المصري" منذ إصدارها بياناً تتبنى فيه مسؤولية تفجيرات مدريد الأسبوع الماضي، ثم إعلانها أول من أمس، "هدنة في أرض الأندلس" وأنحاء أوروبا بعد "تحقيق مبتغاها في إطاحة الحكومة الإسبانية المتعاملة مع الأميركيين". ولم يسبق ل"القاعدة" أن تبنت بيانات هذه الجماعة أو نفتها، لكن مصادر مطلعة على هذا الملف تعتقد بأن وجود "الكتائب" حقيقي. ويبدو أن "الكتائب" تركز على العمل في الدول الغربية. ولم تستبعد المصادر أن يكون ظهورها رداً على كل من يشكك في عجز "القاعدة" عن الضرب في العمق الغربي. ويرمز اسم الجماعة إلى المسؤول العسكري الثاني في تنظيم "القاعدة"، بعد مقتل مسؤوله العسكري الأول "أبو عبيدة البنجشيري" في غرق سفينة في أفريقيا منتصف التسعينات من القرن الماضي. ولقي الضابط المصري السابق "أبو حفص المصري" واسمه تيسير عبد الله، مصرعه خلال غارة شنتها الطائرات الأميركية على موقع للمقاتلين العرب في قندهار وذلك قبل أيام من سقوط حركة "طالبان" الأفغانية. وتعتقد مصادر الأفغان العرب أن "أبو حفص" أحد العقول المدبرة لهجمات 11 أيلول سبتمبر و"سياسة جر الأميركيين إلى أفغانستان لإشغالهم في حرب عصابات بعيدة المدى". وارتبط زعيم "القاعدة" أسامة بن لادن مع "أبو حفص المصري" بعلاقة مصاهرة، ذلك أن نجل الأول تزوج ابنة الثاني، في عرس أقيم في قندهار شتاء عام 2000. وبرزت "الكتائب" للمرة الأولى صيف العام الماضي، حين أعلنت مسؤوليتها عن حادث انقطاع الكهرباء في عدة ولايات أميركية، ولو كانت واشنطن شددت على أن الحادث تقني. كما ترددت أنباء عن مسؤوليتها عن الهجوم على الناصرية ضد القوات الإيطالية وكذلك تهديدها لإسبانيا قبل أشهر بالثأر، ما لم تنسحب الأخيرة مما تصفه بيانات "الكتائب" ب"الحلف الصليبي". ويعتقد مراقبون لملف "القاعدة" في إسلام آباد بأن الرسالة الواضحة من وراء عمليات مدريد، هي تعميق ما تصفه "القاعدة" بالصراع الإسلامي - الصليبي، خدمة لأيديولوجية التنظيم.