بهاء، بشار، عطية، الزعيم.. أسماء حفظناها عن ظهر قلب بعد أن دخلت بيوتنا وقلوبنا فارضة نفسها بقوة، شئنا أم أبينا، مشجعين أم معارضين، على يومياتنا وأحاديثنا... وبعدما يقارب الأربعة أشهر من انطلاق البرنامج تفصلنا ثلاث حلقات فقط عن اختيار المشاهد العربي "نجمه" المفضل في برنامج "ستار أكاديمي" على شاشة LBC قبل أن يتكرر المشهد نفسه بعد أشهر على شاشة المستقبل مع "سوبر ستار 2" الذي تجاوز حلقته الثالثة. الصدفة الزمنية جعلت آخر حلقات "ستار أكاديمي" تترافق في عرضها مع أولى حلقات "سوبر ستار 2". وبالتأكيد سيتيح هذا الأمر لملايين المتفرجين أن يبعدوا عن أذهانهم فكرة كانت ترسخت طوال الأشهر الماضية، فكرة التشابه بين البرنامجين. ذلك أن ليس ثمة تشابه على الاطلاق بين الفكرتين. إذ ان الأول منهما مدرسة لتعليم الغناء وكل ما يتفرع عنه من فنون فيما الثاني هو برنامج هواة. الأول ينتمي بشكل أو بآخر الى ما يسمى تلفزيون الواقع، أما الثاني فبرنامج استعراضي لا نعايش معه المرشحين ولا نعرف حقيقة مشاعرهم وحياتهم ولا نعرف أيضاً كيف صاروا مغنين فيما يضعنا "ستار أكاديمي" في قلب هذا كله سواء أكنا معجبين أم غير معجبين. هازئ ومستهزء به "سوبر ستار" مباراة محتدمة بين المتبارين تظهر حصراً صوت المشترك وتحيل الى الجمهور العربي الواسع مهمة الاختيار فتأتي النتيجة كما أثبتت التجربة الأولى طغيان النزعة الوطنية لجمهور كل بلد من البلدان التي يمثلها "نجيم" يطمح الى أن يكون نجماً، ويطمح ابن بلده الى ذلك أيضاً، فيكون تصويت شبه أعمى لابن البلد. أما في "ستار أكاديمي" فإضاءة كاملة على المشتركين انطلاقاً من خاماتهم الصوتية وقدراتهم الفنية وجديتهم بالعمل وصولاً الى طباعهم وسلوكهم وتصرفاتهم اليومية. وإذا كانت النزعة الوطنية حاضرة أيضاً في "ستار أكاديمي" فما لا شك فيه ان حضورها بسيط جداً إذ أن البطل الرئيس يبقى كاميرا البرنامج التي تشارك الهواة حياتهم على مدار الساعة وتجرد المشترك ولو بالحد الأدنى من العناصر التجميلية فتظهره على طبيعته، ما يخلق ترابطاً من نوع آخر بينه وبين المشاهد، فتطغى العناصر الانسانية كتقارب الأفكار والاعجاب والاستلطاف على العصبية. ولعل خير مثال ما شاهدناه في سهرات البرنامج الاسبوعية من تشجيع حاد من الجمهور اللبناني لبعض المشتركين العرب يفوق بأضعاف تشجيعهم للمشتركين اللبنانيين. من جهة ثانية نعود ونطرح السؤال الذي طرحناه منذ ما يقارب السنة في أولى دورات "سوبر ستارا": لما الإصرار على السخرية والهزء بالمشتركين أمام الملايين، وهل يحق لنا ذلك مهما كانت الأسباب؟ يومها أملنا ألا يتكرر مثل هذا الأمر في "سوبر ستار 2" إلا أنه كما يبدو الأهم هو جذب الجمهور بأي طريقة، عنينا إضحاك المشاهد ما لا يسعنا أن نغض الطرف عنه خصوصاً لجهة الشرخ الكبير الذي يرتسم بشكل فاضح في المتابعة الجماهيرية بين أولى حلقات هذا البرنامج وحلقاته الأخيرة. شرخ يسجل طبعاً لمصلحة النهايات على البدايات. وهو أمر لا نجده في "ستار أكاديمي" لا من قريب ولا من بعيد ومع هذا لم ترحمه الانتقادات كما الاشاعات التي راحت تتناقلها الألسن في الفترة الأخيرة. صحيح ان "ستار أكاديمي" يتضمن هفوات كثيرة لكن هل كله هفوات؟ ونسأل: ما المصلحة في التركيز على الأخطاء وإهمال الإيجابيات؟ لماذا يغفل كثر الآفاق الكبيرة التي يقدمها البرنامج لكل من يريد أن يصبح مغنياً، ويعلقون على الجدوى من تصوير ما يأكل الطلاب وما يلبسون؟ تحية لا بد منها والحال ان "ستار أكاديمي" في جانب كبير منه، الجانب الذي أغفله كثر، خطوة متقدمة في عالم الغناء لجهة كونه مدرسة فنية متكاملة تُعَبّد طريق النجومية لطلابها من خلال إحاطتهم بفريق عمل متخصص من أساتذة كفيين في مختلف المجالات المرتبطة بالفن. ولا تنحصر أهميته في كونه مدرسة تعلم أصول الغناء والتعبير والرقص فحسب، إنما تتعداها لتصبح نقطة إرشاد حقيقية الى طريق النجومية الصحيحة واضعة للفنان "خريطة طريق" أساسها الاجتهاد والتعلم والمثابرة ليكون بذلك صقل ثقافة الهاوي الفنية نقطة انطلاقته وصولاً الى النجومية. وفي الإطار نفسه لا بد من أن ننوه باللوحات الاستعراضية المميزة في كل سهرة من سهرات الجمعة وبفرقة الرقص والديكور المتميز من دون أن ننسى جهود الأساتذة التي أكثر ما تتجلى في الخط التصاعدي لأداء الطلاب منذ دخولهم الأكاديمية الى يومنا هذا. مهما يكن من أمر يبقى الحكم على "ستار أكاديمي" رهن المرحلة التي ستلي حلقته الأخيرة والتي يرى كثر انها ستخرج نجوماً متمرسين يحملون في جعبتهم مخزوناً فنياً متكاملاً لا بد منه للنجاح والتميز في عصر لم يعد الصوت فيه العنصر الأوحد وإن بقي هو الأساس.