من "استديو الفن" الى "سوبر ستار" مروراً بالكثير من التجارب الأخرى، شكلت برامج صناعة النجوم عامل استقطاب مهماً للجمهور، لما تحمله من روح المنافسة وإثبات الذات واكتشاف المواهب الفنية الجديدة. برامج اختلفت فيها اساليب ولادة النجوم وتطورت الى ان وصلت مع "سوبر ستار" الى مرحلة ظنّ فيها كثر ان هذا آخر الممكن لما حققه هذا البرنامج من نجاح كبير، فاق كل التوقعات الى درجة انه اقترب في احيان كثيرة ليصبح "حالة قومية" تحرك الشارع... وبخاصة الغرائز! وعلى رغم التطور الملموس الناتج من التقدم التكنولوجي وابتكار اساليب جديدة، فضلاً عن تحول التلفزيونات الأرضية وجمهورها الضيق داخل حدود معينة، الى فضائيات تطاول شرائح واسعة من المشاهدين، فقد ظل بعض من روح "استديو الفن" ساكناً في مختلف الأعمال التي تلته لدرجة ان كثراً رأوا فيها مجرد نسخة منقحة عنه. مشتركون يرتجفون امام لجنة الحكم وكأنهم امام قوس المحكمة، خوف وتردد، روح شكلت اساس برامج الهواة في عالمنا العربي قبل ان نشهد في الأسبوع الفائت نقطة التحول اللافتة مع "ستار اكاديمي" الذي بدأت المؤسسة اللبنانية للإرسال عرضه. كسر الروتين "عندما شاهدت الحلقة الأولى من ستار اكاديمي، انتابني شعور بأن مشتركي برامج الهواة الأخرى مصابون بإمساك في المعدة". بهذه العبارة الطريفة علّق احد النقاد عقب انتهاء سهرة الأسبوع الماضي من "ستار اكاديمي". ولعل قوله هذا يختصر كل الموضوع. من الخوف والتردد الى الراحة، من الجمود والتوتر الى الحركة والنشاط كلها امور قرّبت المشتركين من المشاهدين منذ السهرة الأولى مروراً بالحلقات اليومية واكتشاف شخصية كل من المتبارين عن قرب بإيجابياتها وسلبياتها. وبذلك لا نُدهش للإقبال الكثيف الذي لقيه البرنامج اذ حصد نسبة عالية من المشاهدين بلغت على ما قيل، ملايين اللبنانيين والعرب المنتشرين في ارجاء العالم. لقد تميز البرنامج بضخامته ومواءمته للمواصفات العالمية بحيث جاء نسخة جيدة عن النسخة الأجنبية فعرّفنا على ست عشرة موهبة آتية من مختلف الأقطار العربية: اربعة من لبنان سينتيا كرم، ليلى اسكندر، نسرين جبران، برونو طبّال اثنتان من سورية ميريم عطالله، وفاء نادر، اثنان من تونس بهاء الكافي، احمد الشريف، اثنان من المغرب صوفيا المريخ، امين الرشيدي، مشترك من السعودية محمد خلاوي وآخر من الكويت بشار الشطي وأخيراً متبار من الإمارات يوسف كاظم. مواهب استخرج منها معدّو البرنامج كل طاقاتها وأظهروها بأجمل حلة. فمن يجيد العزف غنى وعزف ومن يجيد الرقص غنى ورقص في سهرة لم يكن اساسها الاستمتاع بالصوت الجميل فقط كما عودتنا البرامج الأخرى المماثلة بل ان جواً من الفرح والنشوة لفا في تلك الليلة ارجاء المسرح بدءاً من المتبارين وصولاً الى الجمهور الحاضر فالجمهور العريض. في "ستار اكاديمي" تغيب رهبة الوقفة المنفردة امام لجنة التحكيم اذ يؤدي كل من المتبارين مقطعاً من اغنية ليفسح المجال امام زميل له كي يتابع الغناء على طريقة المدلّة وبذلك يكون معدو البرنامج استطاعوا ايصال صوت المتبارين والأهم كسر الروتين وايجاد جو من الحركية والتأثير المتواصل في الجمهور من طريق تقصير الوصلة المنفردة وتوسيع العمل المشترك. التطور والعمل على الذات والغوص في شخصية كل من المشتركين ميزات البرنامج الأساسية، إذ ان "ستار اكاديمي" وكما عرفته تسميته اكاديمية متكاملة تهدف الى تعليم اصول الفن من غناء وموسيقى ورقص وأداء مسرحي، كل ذلك بأسلوب تلفزيون الواقع بحيث يتابع الجمهور يوميات المتبارين مكتشفاً تصرفاتهم وطباعهم وملاحظاً درجة تقدمهم لكي يكون الخيار في النهاية غير مقتصر فقط على الصوت، وإنما ايضاً على الذكاء والحضور وحسن التصرف والكثير من العوامل الأخرى المؤثرة. فكم من المتبارين في برامج الهواة السابقة ممن نالوا المراتب الأولى نسيهم الناس في حين ان العديد ممن لم يصلوا الى هذه المرتبة استطاعوا بفضل ذكائهم وشخصيتهم والعمل على انفسهم الوصول الى اعلى مراتب النجومية. والحال ان "ستار اكاديمي" بجمعه بين برامج الهواة وتلفزيون الواقع، خلق روحاً جديدة في اسلوب صناعة النجوم كاسراً القيود غير المبررة المفروضة بحكم العادة وتعلّق مجتمعنا الشرقي بكل ما هو قديم، وواضعاً حداً للهالة التي تحيط بالفنان وتجرده من انسانيته. انقاذ المتابعين ومن الملاحظ انه وبعكس معظم البرامج الأخرى التي انتظرت مراحلها الأخيرة لتحقيق نسب عالية من المشاهدين، استطاع، "ستار اكاديمي" كما يقول منتجوه، ومنذ سهرته الأولى، فرض نفسه برنامجاً جماهيرياً يتابع المشاهدون اخبار متباريه في الحياة اليومية المشتركة التي يوفرها لهم البرنامج ليلة الجمعة من كل اسبوع، ويستضيف البرنامج نجوماً كان أولهم الفنانة ماجدة الرومي. ومن عوامل الجذب في البرنامج، اللوحات الفنية التي يقدمها المتبارون، وكذلك إمكان انقاذ المشتركين في البرنامج بمساعدة الجمهور.