قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية امس ان واشنطن ستأخذ في الاعتبار الموقف الذي سيتمخض عن القمة العربية، التي ستنعقد في تونس اواخر الشهر الجاري، ومواقف الشركاء الاوروبيين ودول اخرى، قبل اطلاق "مبادرة الاصلاح" بالاشتراك مع الاتحاد الاوروبي وكندا واليابان في اطار لقاء قمة الدول الثماني في حزيران يونيو المقبل. واوضح المسؤول أن مسودة مشروع الشرق الاوسط الكبير، التي نشرتها "الحياة" الشهر الماضي، "لم تكن وصفة سحرية مقدسة غير قابلة للتعديل بل مسودة للنقاش"، مشيراً الى ان النص المنشور كان تم تعميمه على دول غربية عدة "لأخذ وجهة نظرها قبل طرح المشروع على الاطراف المعنية في المنطقة". وأضاف أنه "لم يُتفق بعد على تسمية المبادرة او آليات تنفيذها بالتعاون مع الشركاء الدوليين "في انتظار استكمال مساهمات الدول المعنية". ونفى نفياً قاطعاً ان تكون الادارة الاميركية قررت الغاء المشروع او العدول عن تنفيذه في ضوء التحفظات العربية والاوروبية التي قال أنها "لا تتضارب مع الموقف الاميركي او روح المبادرة واهدافها العامة". واوضح ان المسؤولين الاميركيين "قالوا من البداية انهم لن يسعوا الى فرض اصلاحات من الخارج، بل سيدعمون أي مبادرات قد تطلقها دول المنطقة". وقال سفير عربي في واشنطن أن الرئيس جورج بوش "متمسك بضرورة ضمان دعم غربي لمبادرته" قبل اطلاقها في حزيران يونيو المقبل، مشيراً الى ان عدم نجاحه في احتواء التحفظات الاوروبية وضمان دعم سياسي واقتصادي وعسكري لها "سيضعه في مأزق ينعكس سلباً على فرص اعادة انتخابه" في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. واوضح ان الرئيس الاميركي "يريد ان يسجَّل له بأنه قاد العالم الى تغيير تاريخي في الشرق الاوسط على غرار التحول الديموقراطي الذي شهدته اوروبا الشرقية في عهد الرئيس الاسبق رونالد ريغان". وتتخوف واشنطن من ان تقع مبادرة الاصلاح في المنطقة العربية رهينة لإشتراط تسوية الصراع العربي - الاسرائيلي، إلا ان اتفاق وزير الخارجية الاميركي كولن باول مع نظيره الاردني مروان معشر على ضرورة "تلازم مسار الاصلاح السياسي مع مسار التسوية السلمية للصراع" طرح تسوية يمكن ان تكون مقبولة من جانب الزعماء العرب في قمة تونس. وكان الرئيس الاميركي أكد في مناسبات عدة، بما فيها خطاب الاتحاد الذي القاه قبل شهرين، أن واشنطن تتوقع من حلفائها في المنطقة ان تلعب دوراً اساسياً في دفع عملية الاصلاح والتحديث في العالم العربي. وفهم اقتصار جولة مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مارك غروسمان الاسبوع الماضي على زيارة مصر والاردن والمغرب والبحرين في المرحلة الاولى بأن واشنطن ترى ضرورة أن تبدأ تلك الدول خطوات اصلاحية بوصفها حليفة للولايات المتحدة وتتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية وعسكرية مميزة معها. ولم يستبعد مسؤولون اميركيون، بمن فيهم باول، تعديل مسودة مشروع الاصلاح والتحديث في الشرق الاوسط الكبير لإحتواء التحفظات التي أثارها نشر مسودة المبادرة خلال الفترة الماضية. وقال معشر عقب لقائه مع باول أن دول المنطقة يجب ان تكون هي صاحبة المشروع بدلاً من أن يبدو كأنه مفروض من الخارج. وأضاف أن "هدفنا هو أن لا ترى الوثيقة مسودة المشروع النور"، مشيراً الى تطمينات من باول بأن لا تعتمد المسودة في شكلها الحالي في قمة الثمانية.