توقف مراقبون في الجزائر أمام الاتهام الذي وجهته السلطات الأمنية الى دولة أوروبية بالوقوف وراء حصول "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" على كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والرشاشة والذخيرة كانت في طريقها إلى معاقل هذا التنظيم في شمال البلاد. وقالوا ان الدولة التي لم تذكرها السلطات بالاسم، هي على الأرجح ألمانيا التي قدّمت كمية كبيرة من الأموال الى هذه الجماعة في مقابل الافراج عن رهائنها في الصحراء الجزائرية العام الماضي. وأكد بيان أصدرته قيادة أركان الجيش الجزائري وبثته وكالة الأنباء الرسمية، مساء السبت، ان قوة أمنية كانت تتحرك في منطقة عين صالح بولاية تمنراست 1800 كلم جنوبالجزائر، على الحدود المشتركة مع مالي، قضت على عناصر مجموعة تابعة ل"الجماعة السلفية" خلال محاولتها التسلل إلى الصحراء الجزائرية لنقل كميات كبيرة من الأسلحة اشتُريت بأموال دفعها "بلد غربي معني بتحرير رهائنه في مالي في اب اغسطس الماضي". ولفت مصدر رسمي إلى أن تحاشي بيان قيادة الأركان ذكر اسم البلد، وهو ألمانيا، يعود إلى "اعتبارات ديبلوماسية". ولم يستبعد بعض المصادر أن تلجأ السلطات الجزائرية قريباً الى بث إفادات عناصر من "الجماعة السلفية" حول دور مزعوم لبرلين في توفير مبالغ مالية خيالية لعناصر هذا التنظيم المسلح. وأفاد مصدر رسمي أن قوات الأمن دمّرت خلال العملية أربع عربات شحن من نوع "تويوتا" كانت تحمل 17 قطعة من السلاح الثقيل منها قاذفات هاون، و220 قطعة سلاح أوتوماتيكي بينها 190 رشاش كلاشنيكوف، و11 هاتفاً يعمل بالأقمار الاصطناعية. وتعد هذه العملية التي استهدفت وحدة تابعة لعبدالرزاق "البارا" أمير "المنطقة الخامسة" في "الجماعة السلفية"، الأكبر بين العمليات التي قامت بها قوات الجيش منذ 1992 ضد شبكات تزويد الجماعات المسلحة بالأسلحة والذخيرة. وقالت مصادر متطابقة ان قوات الأمن عثرت على اربع جثث لعناصر من المجموعة التي كانت تنقل الأسلحة والذخيرة بعدما تفحمت بالكامل بسبب القذائف التي أطلقتها صوبهم مروحيات حربية تابعة لسلاح الجو الجزائري. وأضافت ان العملية التي جُنّد لها أكثر من ألف عسكري من مختلف الوحدات، ستتواصل إلى غاية تفكيك كل المجموعة التي دبرت ونفذت عملية خطف السياح الأجانب في الصحراء العام الماضي. وتزامنت هذه العملية مع انقضاء المهلة التي منحها عباسي مدني، رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، لعناصر الجماعات المسلحة للتوقف عن العمل المسلح، وهو أمر رفضه "البارا" ضمناً في بيان نشره موقع "الأنصار" عندما أكد تمسكه بالعمل المسلح إلى غاية إقامة حكم إسلامي في الجزائر. ويقول خبراء في الشؤون الأمنية ان المؤسسة العسكرية تخشى من أن يشجع حصول المسلحين على مبالغ مالية كبيرة لتحرير رهائنهم، على تبنيهم اسلوب الخطف لتحسين إمكاناتهم اللوجيستية. ولفتوا الى ما نشرته أسبوعية "لوبوان" الفرنسية أخيراً عن محاولة عناصر "الجماعة السلفية" خطف بعض المشاركين في رالي - باريس داكار خلال عبورهم أراضي مالي. وتقول مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الجزائر تفّهمت في البدء تقديم برلين مبلغاً مالياً كبيراً للخاطفين على أساس أنه "يرتكز على أولوية إنقاذ أرواح الرهائن ... لكن أن يتحول ذلك إلى تهديد لحياة الجزائريين أو لمساعدة الإرهابيين على حساب حق الجزائريين في الحياة فإن ذلك لا يمكن القبول به خصوصاً انه يتعارض مع تعهدات كل الدول بمكافحة الإرهاب". ويقول مراقبون ان الحدود الشاسعة في الصحراء لا تزال تمثل معبراً إستراتيجياً للجماعات المسلحة للحصول على الأسلحة والذخيرة. وكان "البارا" خطف العام الماضي 32 سائحاً أوروبياً خلال تنقلهم في الصحراء الكبرى. وحررت قوات الأمن الجزائرية في ايار مايو الماضي 17 سائحاً أوروبياً، في حين نقل الخاطفون بقية الرهائن الى مالي وهناك أُفرج عنهم في اب اغسطس في مقابل فدية قُدّرت بخمسة ملايين دولار قدّرتها مصادر أخرى بنحو 42 مليون دولار.