السعودية تطلق للعالم «إعلان الرياض» لذكاء اصطناعي شمولي ومبتكر ومؤثر لخير البشرية    هيئة السياحة توقع مذكرة تعاون مع "المعارض والمؤتمرات"    «آركابيتا» و«فلو» تطوران مجمعًا لوجستيًا في الرياض    منح الترخيص ل 15 شركة لتقديم خدمات التصديق الرقمي    «الزكاة»: تمكين ملاك المركبات المستوردة من إدخالها برياً بلا مخلص جمركي    أمير منطقة الرياض يرأس اجتماع الجمعية العمومية العادي الثالث لجمعية البر الأهلية بالرياض    استعرض المخطط المحلي لتبوك وتيماء.. فهد بن سلطان: التخطيط الحضري المتوازن يحسّن جودة الحياة ويحقق التنمية    رينارد: كأس الخليج فرصة للثأر    حسن عابد رياضي سعودي واعد في المبارزة    اتفاقية لتدريب وتوظيف الكوادر الوطنية في تقديم خدمات الكهرباء    "الشورى" يعقد جلسته العادية الثالثة عشرة من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة    تسجيل وتوثيق 13040 موقعا جديدا في السجل الوطني للتراث العمراني    إمارة منطقة تبوك تشارك في معرض وزارة الداخلية واحه الامن    الكشف عن الدور الفريد لسناب شات في جذب انتباه المستهلكين العرب في دراسة "عملة الانتباه"    موسكو: لا قرار نهائياً حول مصير القواعد في سورية    ضحاياها 70 قتيلاً.. مجزرة إسرائيلية في غزة    الداخلية تضبط شبكة إجرامية تمتهن تهريب المخدرات عبر مؤسسة استيراد نحل محلية    لأول مرة في الشرق الأوسط..عملية قلب بالمنظار الثلاثي    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    جمعية وسم تنظف سد عقدة بحائل    دارة الملك عبدالعزيز تطلق مختبر التاريخ الوطني    (No title)    الطقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    لمسة وفاء.. الدكتور طامي بن هديف البقمي    احتفال الفرحان والكلثمي بزواج إبراهيم    استضافة المملكة لكأس العالم تعزز فرص الاستثمار الرياضي    سورية والدعم العربي    عبدالله العلي النعيم في ذمة الله    1.007 تريليون دولار إيرادات قطاع الطيران الإجمالية عالميًا    اختبارات منتصف الفصل الثاني الأحد القادم    جلوي بن عبدالعزيز يكرّم مدير شرطة المنطقة السابق    سعود بن بندر يستعرض إنجازات توعية الجاليات بالأحساء    فيصل بن خالد يرأس اجتماع المجلس المحلي في رفحاء    توقف العمل في مصفاة نفط رئيسية في ليبيا جراء اشتباكات    مقتل ثلاثة مدنيين في هجوم غرب السودان    3 أطعمة تُبطئ نمو سرطان البروستاتا    5 أسباب رئيسية وراء برودة القدمين    «يوتيوب» ترفع أسعار اشتراكات خدمة البث    الأهلي يطرح تذاكر مواجهة الشباب    "النصر لله" تهدي مربط أجمل كأس بوابة الدرعية    الأخضر يواصل تحضيراته لخليجي 26    احتفالات ثقافية    معرض جدة للكتاب يعود    «نور الرياض» يحصد لقبين عالميين من «غينيس»    في افتتاح الجولة ال 14 من دوري" يلو".. نيوم وجدة في أقوى اللقاءات… والطائي يواجه العربي    السعودية هكذا.. لا تقنع بما دون النجوم    منصات الخدمات    دواء جديد لإبطاء تطور العمى الوراثي    القطاع الصحي العام والخاص والخدمات الافتراضية    #كيف_نستثمر_أحلام_النوم    الأمير سلمان بن سلطان.. عام من الإنجازات والعطاء    نقل حي لكاميرات المراقبة    السعودية تستنكر توسع إسرائيل في الاستيطان بالجولان المحتلة    هل أنت منهم؟    اليوم الدولي لمكافحة الفساد    محفظة وقفية لجمعية بنيان للخدمات الاجتماعية    الدحض    المملكة تسهل إجراءات العمرة.. والهدف 30 مليون معتمر من الخارج سنوياً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اوروبا ويسارها ومسلموها ... ومعاداة السامية
نشر في الحياة يوم 29 - 02 - 2004

حتى اللحظات الاخيرة، التي سبقت افتتاح الحلقات الدراسية الخاصة بدراسة ظاهرة معاداة السامية في اوروبا، التي نظمتها الكوميسارية الاوروبية قبل ايام في بروكسيل، كان كل شيء يشير الى الفشل، بسبب الاتهامات المتبادلة بين المفوضية الاوروبية التي اعربت عن صدمتها لما يحدث من اعتداءات عنصرية ضد اليهود وبين المنظمات اليهودية التي اتهمت بلدان السوق الاوروبية المشتركة علناً بتشجيعها على معاداة السامية. لكن لحسن الحظ سارت جلسات المؤتمر كما كان مخططاً لها. صحيح ان السياسيين الذين شاركوا في المؤتمر عبروا عن نياتهم الحسنة بالقضاء على معاداة السامية، الا انهم ايضاً عبروا في الوقت نفسه عن مخاوفهم من تنامي معاداة السامية. فليس من الصعب على احد، ان يكتشف بأن معاداة السامية ترتبط باوروبا مثلما ترتبط كلمة "آمن" بالكنيسة، وبأن الغرب لم يتقدم الا خطوة صغيرة واحدة. ففي الوقت الذي تكرر كل عام طقوس تذكّر الهولوكوست في العديد من البلدان الاوروبية، تتحول هذه الطقوس الى ما يشبه الروتين، الذي يريد منح انطباع بأن كل شيء على ما يرام. بينما الواقع يقول غير ذلك، فالى جانب النازيين الجدد المعروفين بمعاداتهم السامية، تنتشر في السنوات الاخيرة افكار محافظة جديدة تحوي في ما تحويه أحكاماً مسبقة معادية لليهود، في صفوف المجتمع التقليدي، وخصوصاً في اوساط الطبقة الوسطى، لدرجة انها تحولت الى افكار مقبولة في الصالون الاجتماعي.
بغض النظر عن ذلك، فإن معاداة السامية في الاوساط اليسارية بدأت تعبر عن نفسها بشكل علني، اكثر من السابق. فتحت شعار "مقاومة الصهيونية" الذي يبدو بريئاً للوهلة الاولى، تحتمي الدعوات المبطنة حتى وقت قريب، برفض دولة اسرائيل، والذي يفصح عن نفسه في مناسبات عديدة بكونه غطاء او صورة محسنة لمعاداة السامية. طبعاً لا يعني هذا، ان ليس من حق المرء نقد دولة اسرائيل كدولة مثل نقده لاية دولة اخرى، او الامتناع عن نقد سياسة آرييل شارون، انما الامر يختلف هنا. فكثيراً ما تسفر الحجج المضادة للصهيونية عن نموذج لمعاداة السامية، خصوصاً عندما يعتبر وجود اليهود في هذه الحالة وجود دولة اسرائيل، اصل الشرور في العالم، كما جاء في استطلاع اخير في المانيا، عندما يجد 65 في المئة من الالمان، ان اسرائيل خطر رئيسي على السلام في العالم. الامر واضح هنا: سحب شرعية وجود الدولة العبرية، كما هو الامر دائماً في البلدان الناطقة بالعربية.
اليسار الاوروبي، وقبل كل شيء اليسار في المانيا، ولكن ايضاً في فرنسا وفي بلدان اخرى، ما زال يدير النقاش ويطرح الحجج باسلوب جيل 68، عندما ينظر الى اسرائيل على اساس مبدأ "معاداة الامبريالية"، لأن اسرائيل كما ينظر اليسار التقليدي هي ذراع طويلة للسياسة الاميركية، "قلعة امبريالية"، كما ينادي الثورجيون العرب. وتصور التقاليد هذه اسرائيل كقوة كولونيالية، وينسى اليسار الاوروبي بأن نشوء اسرائيل مدين بجزء كبير منه لمعاداة السامية الاوروبية والهولوكوست.
ولا يكتفي اليسار بسحب الشرعية عن وجود دولة اسرائيل، انما يذهب بموقفه موقفاً بعيداً، الى حد تبرير الاعمال الانتحارية ضد المدنيين الاسرائيليين، واعتبارها اعمالاً عقلانية ومبررة. ليس من الغريب اذن ان تنشأ رابطة جديدة تبدو غريبة اذا نظرنا اليها من الخارج، وخصوصاً ليس هناك أي قاسم ايديولوجي مشترك في ما بينها، غير معاداة اليهود، وإلا فما الذي يجمع منظمات يسارية شيوعية وتروتسكية وجيفارية مع منظمات اصولية في العالم الاسلامي، مثل حزب الله وحماس والجهاد تدعو للحرب ضد اليهود عالمياً؟ انها احدى الصور السوريالية التي نراها في مناسبات عديدة، في الشوارع الاوروبية، وفي المانيا بصورة خاصة، عندما تسير منظمات يسارية في تظاهرات مشتركة في برلين وفي اماكن اخرى سوية مع الممثلين الاوروبيين لحماس وحزب الله ضد اسرائيل، ويرفعون شعارات ونداءات تدعو "الموت لليهود"!
وبلغ الامر باليسار ان يصمت على الاعتداءات التي حصلت في فرنسا وبلجيكا وانكلترا والمانيا، من حرق مدارس وكنائس يهودية الى ضرب اليهود علناً في الشوارع. واذا تحدث بعضهم، فإنه يرد تلك الاعمال العنصرية الى تردي الوضع الاجتماعي الصعب في الضواحي التي تسكنها غالبية مسلمة. ولا يعرف البعض أنهم عندما يقومون بذلك، فإنهم لا يقومون بتلطيف الاحداث وحسب، انما يقدمون موافقة مباشرة على ما يحدث. واذا صحّت تلك الحجة، فهذا يعني ان قارة افريقيا التي تعاني من المجاعات والامراض والكوارث، ستكون بصورة اوتوماتيكية مصدراً لتصدير الانتحاريين الى العالم. ولكن هل سمعنا ذات يوم بانتحاري افريقي؟ اتحاد مثل هذا، بين كراهية غربية لليهود واخرى عربية، سيقود في اوروبا، وخصوصاً في تلك البلدان التي تسكنها غالبية مسلمة، في فرنسا مثلاً الى وضع شبيه بالوضع الذي انتهت اليه المانيا في الثلاثينات. وهذا ما لا يستطيع مؤتمر واحد ايقافه.
المؤتمر الخاص بدرس ظاهرة معاداة السامية في اوروبا لم ينته الى الفشل، فبعد ساعات من النقاشات "الحادة" التي سيطرت على اجواء الحلقات الدراسية، تصالح الطرفان المعنيان بالقضية: المفوضية الاوروبية والمنظمات اليهودية الاوروبية، لينتهي المؤتمر بسلام، على رغم ان ليس هناك ما يؤكد هزيمة معاداة السامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.