في وسط مدينة الناصرية تتخذ امرأة عراقية من بيتها ورشة عمل لتصليح السيارات بأنواعها وموديلاتها كافة، هي وافراد عائلتها وزوجها الذي ترك فيها حب هذه المهنة منذ زواجهما. فاطمة أم نجم من مواليد 1968 تشاهدها يومياً ترتدي بدلة العمل في تصليح السيارات التي تأتيها من كل حدب وصوب، لتوفير لقمة العيش لعائلتها المؤلفة من 6 افراد. وتقول أم نجم انها مارست هذه المهنة منذ عقد الثمانينات بعد ان تزوجت، "لأساعد زوجي الذي تعرض لإصابات في قدميه خلال الحرب العراقية - الإيرانية وأصبح غير قادر على مزاولة المهنة فأخذت على عاتقي إكمال المشوار في ظل ظروف الحصار الذي أصبح ينخر في كل جسد عراقي وبالعمل والتفاني والاخلاص. وبمشورة زوجي، أصبحت من العاملات اللواتي يجدن مهنة التصليح، واتخذت من بيتي مكاناً لورشة التصليح لأنني لا استطيع فتح أي محل في الحي الصناعي لتصليح السيارات. بالتالي أصبح إسمي لامعاً في هذه المهنة خصوصاً بعد توافد الزبائن من محافظاتالبصرة والرمادي والكوت والعمارة والسماوة والموصل هذا الى جانب مدينتي الناصرية". وعن المضايقات التي قد تحصل لفاطمة في عملها، تقول: "لا توجد أي مضايقات لكوني امراة او من قبل الزبائن بل بالعكس أمارس مهنتي اسوة بالرجال وبمتابعة وباشراف زوجي وأولادي نجم وجواد اللذين تركا الدراسة لمساعدتي ومساعدة والدهم في هذه المهنة". الطريق كان شاقاً ولا تنسى فاطمة ان تقول إن عملها لا يقتصر على التصليح، بل يتعداه الى بناء البيوت. وتضيف: "كنت أساعد حماتي التي تركت الناصرية واستقرت في محافظة البصرة مع عائلتها والتي تجيد فن العمارة". فالح جاسم يصلح سيارته عند المصلحة فاطمة: "عندما لمست خللاً في محرك السيارة، سارعت الى بيت أم نجم لتصليحها لأنها ذات خبرة عالية ولديها باع طويل في تصليح المحركات". وعن عدم ذهابه الى الحي الخاص بالسيارات وتصليحها، يقول: "المصلحون هم الذين ينصحوننا بالذهاب الى أم نجم". أما زوجها فيشرح ان "الطريق كان شاقاً نوعاً ما من حيث اتقان المهنة بجدية. لكن بعد ان أجادتها وأحبتها أصبحت الآن أقدر مني في هذا المجال وقد اعانتني حينما اصبحت معوقاً في الحرب".