لا يثق ابو اخلاص كثيراً بذوي المهن الصحية والكهربائية في اجراء التصليحات اللازمة في منزله، فقرر ان يتعلم المهنة حتى بات يجيدها «بنسبة 100 في المئة»، كما يقول بثقة عالية. ويضيف ابو اخلاص ان الصيف يحمل له هموماً كبيرة، لأنه فصل التصليحات التي لا تنتهي، وأن زوجته غالباً ما تعتمد عليه في شكل كبير في القيام بتلك التصليحات، بعدما اصبح ذا خبرة عالية في هذا المجال، حتى استغنى تماماً عن أصحاب المهن وبات يقوم بجميع التصليحات الصيفية بنفسه. وفي البداية، قرر ان يتعلم تصليح الأجهزة الكهربائية المنزلية، وبعدما اتقنها تعلم تدريجاً اجراء الصيانة الدورية في ارجاء منزله كافة. ثم نقل ما تعلمه لاولاده الذين تفنن كل واحد منهم في شيء معين، حتى اصبح جميع افراد العائلة يجيدون تلك الأعمال في شكل كبير. فصيانة منزله لا تحتاج سوى بضع ساعات ليوم او يومين، على الأكثر، وتتقاسم الأسرة اعمال الصيانة المنزلية في ما بينها، فيبدو الأمر اكثر سهولة من استدعاء مجموعة من متخصصي الصيانة وانفاق مبلغ لا يستهان به. فهذه العملية توفر الجهد والمال، في آن معاً، لعائلة ابي اخلاص التي تشتهر بين سكان الحي بالمهارة في ادارة شؤون منزلها، حتى باتت الزوجة تخشى على زوجها واولادها من عيون الحاسدين، فأقدمت على تعليق قطعة فخار زرقاء مزودة سبعة ثقوب بارزة امام باب المنزل لطرد العين. وعلى رغم الهمة التي يظهر بها ابو اخلاص في شكل دائم امام الآخرين الذين يستشيرونه في بعض امور التصليحات المنزلية، غالباً ما تشكو زوجته من تأخره في الامتثال لأوامرها في اجراء التصليحات في نهاية فصل الربيع، ولا يقوم بها الا بعد منتصف الصيف. وتقول: «حينما يطلب منه احد اصدقائه اجراء تصليحات معينة في منزله يتطوع لإتمامها في اسرع وقت ممكن، اما اذا طلبت منه انا ذلك فيقوم بتأجيلها حتى يصل الأمر الى وضع سيئ، يدفعني الى التذمر والزعل في احيان كثيرة قبل ان يذعن لارادتي ويتحرك للعمل». وتشكو الكثير من الزوجات في العراق من كسل الازواج وعزوفهم عن اجراء التصليحات المنزلية، حتى تصل الحال الى درجة الحرج، قبل ان يتحركوا لاجراء التصليحات او جلب افراد متخصصين في الموضوع. وتبدو عملية التهرب من التصليحات و «التطنيش» عن ملاحظات الزوجة، طرقاً مشروعة لدى بعضهم، لا سيما أن معظم الأزواج الذين لا يجيدون اجراء التصليحات بأنفسهم، يشكون من ارتفاع تكاليف التصليحات في الصيف، وخصوصاً ما يتعلق بتصليح الأجهزة الكهربائية والبناء. ويشترط العاملون في مجال البناء مبالغ مرتفعة تخضع لمفاصلة «مريرة» مع زبائنهم. فالمفاصلة في الأسعار، او كما يسميها العراقيون «التعامل» للحصول على انسب الأسعار، تكاد تكون حالة عامة بين المهنيين واصحاب المنازل التي تحتاج الى تصليحات دورية. وهو الأمر الذي يدفع هؤلاء الى تقديم سعر مرتفع لا يؤثر على ارباحهم الشخصية مهما خفض الاهالي من الاسعار المقترحة. وفي أكثر الأحيان، يعتمد الاهالي على مهنيين تم تجريبهم في السنوات الماضية من ناحية جودة العمل والإيفاء بالوعود وموعد التسليم، ويطلقون على الشخص الذي يثقون بعمله، عندما يحدث عطل ما في الاجهزة التي يختص بها، تسمية «المعميل». وتفضل غالبية العائلات العراقية التعامل مع «معميل» واحد في اجراء التصليحات الكهربائية، ولكنها تعتمد على رب العائلة في معظم الأحيان في اجراء التصليحات الاخرى التي تتعلق بأعطال صنابير المياه والامور البسيطة التي تحتاج الى قليل من الفطنة لإنجازها.