خلال ما يقرب من العشرين عاماً، استطاعت الفنانة سوسن بدر أن تصنع لنفسها شخصية سينمائية وفنية في غاية الخصوصية والتميز، من خلال عشرات الأعمال الفنية الناجحة سواء في السينما أو التلفزيون أو المسرح. وأخيراً استطاعت أن تقدم العديد من الأعمال السينمائية البارزة، ومنها: "الأبواب المغلقة" أمام محمود حميدة وأحمد عزمي، "سحر العيون" أمام عامر منيب وريهام عبدالغفور، "خريف آدم" أمام هشام عبدالحميد وسري النجار، "حب البنات" أمام ليلى علوي وأشرف عبد الباقي، و"من نظرة عين" أمام منى زكي وعمرو واكد. وفي مجال الدراما التلفزيونية، قدمت سوسن بدر عدة أعمال ناجحة، من بينها: "حديث الصباح والمساء" أمام عبلة كامل، "العطار والسبع بنات" و"رجل الأقدار" أمام نور الشريف، "تعالى نحلم ببكره" أمام ليلى علوي وحسين فهمي، و"أمس لا يموت" أمام رغدة ورياض الخولي. وفي المسرح قدمت العام الماضي عملين مسرحيين، هما: "الملك لير" أمام يحيى الفخراني، و"كوكب ميكي" أمام أحمد راتب. "الحياة" التقت سوسن بدر، وكان هذا الحوار: تم اختيارك كأفضل ممثلة مسرحية للعام 2003، ألم تستغربي هذا الاختيار؟ - وما الذي يجعلني أستغرب هذا الاختيار ما دمت نجحت في تقديم عملين مميزين خلال العام الماضي في مجال المسرح، وهما "الملك لير" و"كوكب ميكي"، أعرف أن تساؤلك هذا يعني أنك تقصد كيف لم أندهش لعدم اختياري مثلاً كأفضل ممثلة تلفزيونية أو سينمائية، والحقيقة أنني لم أقدم العام الماضي العمل الذي أستحق عليه جائزة، لا في السينما ولا في التلفزيون، وأعتقد أن دوريَّ في مسرحيتي "الملك لير" أمام النجم يحيى الفخراني، ومسرحية الأطفال "كوكب ميكي" أمام أحمد راتب، هما الرصيد الأهم لي خلال العام الماضي، ففي التلفزيون شاركت في أعمال عدة منها: "رجل الأقدار" أمام النجم نور الشريف، و"تعالى نحلم ببكره" أمام ليلى علوي وحسين فهمي، و"أمس لا يموت" أمام رغدة ورياض الخولي، وكلها أدوار مهمة، لكنني لا أعتقد أنني قدمت فيها ما استحق عليه جائزة، وصحيح أنني قدمت في السينما أدوارا خفيفة وجميلة، منها "خريف آدم" و"حب البنات" و"من نظرة عين"، على رغم مثلاً أنني في فيلم "خريف آدم" لم أنطق بكلمة واحدة طوال أحداث الفيلم، وكان دوري فيه صامتا تماماً، كل هذه الأدوار جميلة وأحببتها بشدة، لكنني لا أرى أنني أستحق عليها جائزة، وبالطبع كل هذه الأعمال ليست في حجم وضخامة دوري في فيلم "الأبواب المغلقة"، والذي حصلت عنه على عشر جوائز من مختلف المهرجانات الدولية والمحلية، ذلك لأن أي مهرجان دولي يشترط في جوائزه أن يكون الدور رئيسياً وله مواصفات معينة، وهو ما توافر في "الأبواب المغلقة". لا أدوار تكتب لسنّي ولماذا لم تتح لك الفرصة هذا العام لتقديم عمل سينمائي من الوزن الثقيل مثل "الأبواب المغلقة"؟ - لأن لم تعد لدينا أدوار تُكتب لسني، فعلى رغم الدماء الجديدة التي اكتسبتها السينما المصرية في مختلف المجالات والعناصر الفنية مثل الإخراج والمونتاج والديكور والتمثيل، إلا أننا مازلنا نعاني من عدم وجود كتَّاب جدد يبرعون في كتابة أدوار للممثلين في مثل عمري، وهو الأمر الذي لا تجده في السينما العالمية، والتي تجد في أعمالها السينمائية العديد من الأدوار التي تكتب خصيصاً للممثلات في عمري أو أكبر، المشكلة أننا أصبحنا نهتم بالشباب فقط في كل شيء، حتى إننا أصبحنا نهمل العديد من المراحل العمرية في سينمانا الراهنة. في فيلم "أسرار البنات" قبل عامين، قدمت دوراً ثانياً لكنه كان مهماً، والفيلم كله شكَّل تجربة جديدة ومختلفة عن السائد الآن، على رغم أن دورك لم يكن بطولة مطلقة؟ - أنا أعشق هذا الفيلم، إنما يظل من الصعب مقارنته بفيلم "الأبواب المغلقة" الذي شكَّل أيضاً حالة مختلفة عما يقدم الآن في السينما المصرية، ولكن تظل هذه الأعمال نادرة جداً الآن، فهي ليست القاعدة لدينا، إنما هي الاستثناء، القاعدة لدينا ألا تجد أدواراً جيدة تكتب لهذا العمر، بعكس أوروبا أو أميركا، التي تجد فيهما تنوعاً خلاقاً في السينما والدراما التلفزيونية والمسرح. هل هذا هو ما دفعك الى تركيز جهدك في الأعمال التلفزيونية أخيراً؟ - أنا أحب التلفزيون وأعتبره بيتي منذ أول ظهور لي، على رغم أن دراستي الأساسية كانت في المسرح، إنما الحقيقة التي لا يستطيع أحد أن ينكرها، أن بداية شهرتي كانت من خلال الأعمال الدرامية، ولن أنسى أول عمل لي في التلفزيون وهو "أحلام الفتى الطائر"، حين جاء الفنان الكبير عادل إمام والمخرج محمد فاضل إلى معهد الفنون المسرحية ليختارا فتاة لدور صغير في هذا المسلسل، وفي الفترة الأخيرة أصبحت الأعمال الدرامية هي المتنفس الوحيد الذي يتيح لمن في مثل عمري أداء أدوار مميزة وجديدة، لكنني لم أهجر السينما بعد، ومازلت أقدم الأعمال التي أجد فيها شيئاً جديداً ومغايراً، والأعمال التي ذكرتها قبلاً كفيلة بإثبات ذلك. لا أجامل أصدقائي مشاركتك المحدودة في فيلم "من نظرة عين" دفعت بعضهم إلى القول إنك قبلت هذا الدور مجاملة منك لفريق الفيلم وتحديداً للمنتجة ناهد فريد شوقي، فهل هذا صحيح؟ - ناهد فريد شوقي صديقة عمري، لكن هذا ليس معناه أن أجامل في عمل سينمائي يعرض علي من دون أن أكون مقتنعة به، بل على العكس، عندما يكون الشخص الذي يرشحني لعمل ما صديق لي يصبح من السهل التحدث بصراحة ووضوح وإعلان رفضي لهذا العمل، ولماذا لم تقل هذا الكلام عن الأعمال الأخرى" "خريف آدم، وحب البنات، وسحر العيون"، وغيرها، فكلها أعمال سينمائية شاركت فيها من خلال أدوار لها المساحات نفسها، المشكلة الحقيقية وراء قيامي بأداء هذه الأدوار الصغيرة، أننا في مصر لا نملك الأدوار التي تتناسب مع العمر الذي أحياه الآن، كما ذكرت من قبل، فبعض الكتَّاب يظنون أن النساء في مثل عمري ليست لديهن مشاكل تستدعي كتابة أعمال سينمائية لهن، وهذا لا يعني أنني أقبل كل ما يعرض علي من أدوار، بل أنتقي منها ما يتناسب مع تفكيري وقناعاتي كفنانة، فيما أرفض العديد من الأفلام الأخرى لأنني أراها بعيدة عما أطمح إليه فنيا. مَن من النجمات الجدد الآن يلفتن نظرك على الساحة السينمائية المصرية؟ - هناك الكثيرات والحمد لله، موهبة منى زكي لا مجال للتحدث عنها، لأنها أصبحت مؤكدة بما لا يدع مجالاً للشك، من خلال العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، ولكن الموهبة التي لفتت نظري أخيراً هي منة شلبي، فهي من الفنانات الواعدات وسيكون لها مستقبل كبير، بشرط أن توظف إمكاناتها جيداً، وأن تهتم أكثر بعملها وبالتنوع في أدوارها التي تقدمها في السينما والمسرح والتلفزيون. وما هو جديدك؟ - أستعد لدخول تجربة سينمائية جديدة ما زالت في طور الكتابة، بعنوان "دنيا" أمام ليلى علوي وهند صبري، ولا أعرف حتى الآن التفاصيل الأخيرة عن المشاركين في الفيلم، لكنه يتناول حكاية ثلاث صديقات، كل واحدة منهن مسؤولة عن نفسها وتعمل في مهنة مختلفة عن الأخرى، وتحاول كل منهن الحصول على حريتها بعيداً عن سطوة المجتمع الذي يعشن فيه.