تثير جوائز المهرجانات الفنية غالباً الجدل بين مؤيدين ومعارضين كما تتسبب في خلق مشكلات بين النجوم تصل الى حد تبادل الاتهامات بينهم وبين اعضاء لجان التحكيم. فبينما يرى الفائزون أن الجوائز جاءت عادلة يرى الخاسرون أنها لم تكن كذلك ويتهمون اعضاء لجنة التحكيم بالانحياز معتبرين أن أعمالهم كانت الأجدر بالفوز وان هناك من تدخّل لدى لجنة التحكيم لإبعادهم عن الجوائز لمصلحة آخرين أو أن لعبة التوازنات والمصالح الشخصية، بل والمجاملات والصداقات أو العداوات والخلافات لعبت دوراً لكي تحجب الجائزة عن هذا الفيلم أو ذلك النجم لتذهب الى غيرهما. وآخر الجوائز التي شهدت بعضاً من هذه الانتقادات والاتهامات كانت جوائز مهرجان مسقط السينمائي الذي انتهت فعالياته منتصف الشهر الماضي، اذ تعرض الفنان حسين فهمي الذي رأس لجنة تحكيمية لهجوم عنيف من اصحاب فيلم "خريف آدم" الذي شارك في المسابقة الرسمية للمهرجان ولم يحصل على أي جائزة. وتزعم حملة الهجوم ضد حسين فهمي مخرج الفيلم الدكتور محمد كامل القليوبي الذي كان يتوقع فوز الفيلم بالجائزة الاولى وكذلك فوزه هو نفسه بجائزة أحسن مخرج، ولكنه فوجئ بجائزة احسن فيلم تذهب الى الفيلم اللبناني "لما حكيت مريم" كما تعرض فهمي ايضاً لحملة من بطل الفيلم هشام عبدالحميد الذي ذهب الى المهرجان وكله ثقة بفوزه بجائزة أحسن ممثل ليفاجأ به اتذهب الى ممثل ايطالي ما جعله يتهم فهمي بمعاداته والانحياز للممثل الايطالي على حسابه. ويرد حسين فهمي على هذه الاتهامات بأن الفيلم مقارنة بمستوى الافلام الأخرى التي شاركت في المهرجان لا يستحق أي جائزة. وليست الخلافات والانتقادات والاتهامات حول جوائز مهرجان "مسقط" الأولى، كما أنها بالطبع لن تكون الأخيرة، وتاريخ المهرجانات الفنية في مصر يحتفظ بالكثير. ومنه الهجوم الذي تعرّض له الفنان حسين فهمي من هشام عبدالحميد ايضاً كما تعرض له الكاتب الراحل سعد الدين وهبة عندما ترأس لجنة التحكيم في الدورة الثانية للمهرجان القومي للسينما المصرية عام 1996، فبعد أن أعلنت لجنة التحكيم في الحفلة الختامية فوز ليلى علوي بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "يا دنيا يا غرامي" الذي شاركتها بطولته إلهام شاهين وهالة صدقي، شنت الهام شاهين حملة على رئيس اللجنة واعترضت على فوز زميلتها بالجائزة وأكدت أن أحد اعضاء اللجنة أبلغها ان معظم الاعضاء أعطوا أصواتهم لمصلحتها كأحسن ممثلة، ولكن رئيس اللجنة وهبة كان منحازاً الى علوي وأصر على منحها الجائزة. ونفى وهبة وقتها هذا الكلام وأكد أنه لم يكن منحازاً لعلوي على حساب شاهين ولكن أصوات اللجنة هي التي رجحت فوزها. واضاف أن أوراق الفيلم وإعلاناته تؤكد أن ليلى علوي هي بطلة الفيلم وبالتالي فهي الأحق بالجائزة. والطريف أن فيلم "يا دنيا يا غرامي" كان شارك قبل ذلك بشهور في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي التاسع عشر عام 1995 وعند الاعلان عن جائزة أحسن ممثلة بكت إلهام شاهين لأنها لم تفز بالجائزة التي كانت من نصيب الممثلة الفيلبينية نورا انر، وفي عصبية ملحوظة غادرت شاهين القاعة بعد أن قالت لمن حولها إن دورها في فيلم "يا دنيا يا غرامي" كان شديد التميز ليس في نظرها فقط ولكن من وجهة نظر كل من شاهده وأنها كانت الأحق بالجائزة. ولم يفتها وقتها ان تتوجه بإصبع الاتهام الى رئيس المهرجان وهبة وتلمح بأنه كان وراء عدم حصولها على جائزة أحسن ممثلة مجاملة لليلى علوي التي شاركتها بطولة الفيلم. وكان من الصعب أن تفوز بالجائزة نظراً لحصولها في الدورة السابقة للمهرجان الذي افتتح عام 1994 على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "قليل من الحب... كثير من العنف" وهي الجائزة التي اثارت ايضاً جدلاً كبيراً وقتها، اذ رأى بعض النقاد أن ليلى علوي لم تكن تستحقها وان استضافتها للجنة التحكيم في بيتها لتناول العشاء قبل إعلان الجوائز بأيام قليلة كان له تأثير كبير في فوزها بالجائزة، خصوصاً أن أصوات اعضاء لجنة التحكيم كانت قد تساوت بينها وبين لبلبة التي شاركت في هذه الدورة بفيلم "ليلة ساخنة" بأربعة أصوات لكل منهما وحسمها رئيس لجنة التحكيم بالتصويت لمصلحة علوي. والغريب ان لبلبة لم تعلن عن غضبها بعدم فوزها بالجائزة ولكن التي غضبت واعترضت كانت الفنانة لوسي التي شاركت في المهرجان بفيلم "سارق الفرح" وأكدت أنها تعرضت لمؤامرة شارك فيها رئيس المهرجان وأحد أعضاء اللجنة وهو فنان مصري فتم استبعاد اسمها تماماً ليكون الطريق خالياً لليلى علوي. وبقدر قيمة المهرجان وموقعه وحجمه يكون الجدل في جوائزه، ولأن مهرجان القاهرة السينمائي هو أكبر المهرجانات الفنية في الشرق الاوسط وافريقيا، كما أنه ضمن أحد عشر مهرجاناً دولياً يعترف بها اتحاد المنتجين الدولي كمهرجان فئة "أ" كان هناك دائماً جدل في جوائزه. ومن أكثر الجوائز التي اثير فيها الجدل في مهرجان القاهرة جائزة أحسن ممثل التي فاز بها الفنان محمود عبدالعزيز عن دوره في فيلم "سوق المتعة" في الدورة الثالثة والعشرين التي اقيمت عام 1999 وكان يرى معظم من تابعوا وشاهدوا افلام المهرجان من النقاد والصحافيين أحقية أحمد زكي بالجائزة عن دوره في فيلم "أرض الخوف". وحتى قبل إعلان الجوائز، كان الجميع ومنهم احمد زكي نفسه يتوقعون فوزه بالجائزة، ولكن كانت المفاجأة ذهابها الى محمود عبدالعزيز". عدم الفوز بالجوائز ليس وحده فقط الذي يواجه بالانتقادات والاعتراضات من النجوم، ولكن هناك ايضاً من يفوز منهم بجوائز، ومع ذلك ينتقد ويعترض، بل ويرفض الجائزة بخاصة اذا كانت من وجهة نظره أقل مما يستحق وهو ما فعلته الفنانة دلال عبدالعزيز في المهرجان القومي الثامن للسينما المصرية عندما منحتها لجنة التحكيم جائزة أحسن ممثلة دور ثان عن دورها في فيلم "أسرار البنات". وعلى رغم أن دلال عبدالعزيز لم تفز طوال مشوارها الفني في السينما والمسرح والتلفزيون الذي يمتد نحو 25 سنة سوى بجائزة واحدة من مهرجان الاذاعة والتلفزيون عام 1998 عن دورها في مسلسل "سعد اليتيم" إلا أنها أعلنت رفضها جائزة المهرجان لأنها كما قالت لم تكن ممثلة دور ثان. وتساءلت: "لا أدري كيف منحت جائزة أحسن ممثلة دور ثان في هذا المهرجان وعلى أي أساس". واضافت: "اذا كانت الجائزة تقدم وفق حجم الدور ومساحته فإن هناك فنانات وفنانين كثيرين حصلوا على جوائز كبيرة على رغم أن مساحة أدوارهم كانت صغيرة". كما عادت للتساؤل مرة أخرى: "هل من تقدم دور "الأم" تعتبر ممثلة دور ثان؟". وفي حدة وغضب قالت: "أنا لا تهمني المهرجانات وجوائزها وكلنا يعرف ما يحدث في كواليس معظم تلك المهرجانات". واعتذار دلال عبدالعزيز عن عدم تسلم جائزة الدور الثاني لم يكن الأول، ففي المهرجان القومي للسينما المصرية عام 1999 رفضت الفنانة سلوى خطاب ايضاً جائزة احسن ممثلة دور ثان عن دورها في فيلم "كونشرتو درب سعادة". وتقول: "رفضت هذه الجائزة لأن تصنيف دوري في الفيلم كدور ثان غير عادل، فالفيلم تدور أحداثه من خلال ثلاثة أبطال نجلاء فتحي وصلاح السعدني وأنا، اذاً فدوري معادل للدورين الأخيرين ولا يقل عنهما"، وتضيف: "لقد قدمت أدوار بطولة ولا أمانع في تقديم أدوار ثانية، فالعمل ليس بحجمه ولكن بتأثيره وسبق أن حصلت على جائزة أحسن ممثلة دور ثان في فيلم "الاراجوز" وفرحت بها جداً لأنني كنت بالفعل أقوم في هذا الفيلم بدور ثان ولكن في "كنشرتو درب سعادة" يختلف الأمر". جائزة الدور الثاني رفضتها ايضاً الفنانة هالة صدقي في الدورة السادسة عشرة لمهرجان الاسكندرية السينمائي للعام 2000 وذلك عندما منحتها لجنة التحكيم برئاسة الفنانة سميحة ايوب جائزة الدور الثاني عن دورها في فيلم "تحب عيشة الحرية". أطرف الجوائز وكما أن جوائز المهرجانات لا تخلو من الانتقادات والخلافات فهي لا تخلو ايضاً من الطرافة. فقد حدث في المهرجان السادس للاذاعة والتلفزيون عام 2000 ان أعلنت مذيعة حفلة الختام عن فوز نبيلة عبيد بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "امرأة تحت المراقبة" على رغم أن لجنة تحكيم الافلام التلفزيونية لم تمنحها هذه الجائزة، وفي شكل مبالغ فيه عبرت نبيلة عبيد عن فرحتها وصعدت الى المسرح وتسلمت الجائزة وسط ذهول اعضاء لجنة التحكيم الذين لم يمنحوها هذه الجائزة أو غيرها وتقدموا باحتجاج رسمي لرئيس المهرجان يعترضون فيه على منح الجائزة لنبيلة عبيد على رغم أنهم لم يمنحوها اياها، ونظراً الى حدوث ضجة كبيرة في الصحف والمجلات حول هذه الجائزة أعلنت إدارة المهرجان بعد أيام عدة أنها كانت قررت منح نبيلة عبيد درع المهرجان عن مجمل أعمالها الفنية. ولكن موظفة الكومبيوتر اخطأت وحولتها الى جائزة أحسن ممثلة وردت نبيلة عبيد على هذه الضجة مؤكدة أنها ممثلة كبيرة تستحق الجائزة ولا يهمها إن كانت كأحسن ممثلة عن دورها في فيلم "امرأة تحت المراقبة" أو درع المهرجان عن مجمل أعمالها، كما اتهمت المعارضين لفوزها بجائزة لا تستحقها بأنهم حزب أعداء النجاح وأنهم وراء هذه الضجة المفتعلة، بحسب قولها. وكانت نبيلة عبيد بكت عندما لم تفز بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "المرأة والساطور" الذي شارك في الدورة العشرين لمهرجان القاهرة العام 1997 وأكدت انها بذلت جهداً كبيراً في هذا الفيلم وكانت الأحق بالجائزة.