اخفقت الحكومة المصرية حتى الآن في علاج مشكلة التعثر المصرفي التي يمر غداً العام الرابع على فتح ملفها أمام الرأي العام، في ظل تأكيدات بأن التدابير التي اتخذت في شأن بعض المتعثرين الفارين الذين عادوا برغبتهم الى البلاد ساهمت بنسبة كبيرة في هذا الاخفاق، اضافة الى غياب الشفافية وعشوائية المبادرات وتضاربها في هذا الإطار. وطرحت الحكومة ثلاث مبادرات لم تحقق اي منها الهدف المرجو، ما دعا أكثر من منظمة اعمال الى المطالبة بضرورة المشاركة بفاعلية في أي مبادرة ستطرح لحل المشكلة. وطالب رجال الاعمال المصريون بدرس حالات تعثر البعض عن سداد مديونياته للبنوك عن طريق تشكيل لجان متخصصة تشارك فيها الحكومة والبنوك وممثلو القطاع الخاص، على أن يكون اساس العمل في هذه اللجان هو وقوف البنوك مع"المتعثر الشريف"والتعرف على اسباب التعثر ثم العمل على معالجة هذه الاسباب. واوضح رجال الاعمال اهمية اتخاذ خطوات فعالة من اجل تخفيض الفوائد على القروض المتأخرة السداد او التنازل عن جزء منها واعادة جدولة الديون وفقاً لظروف المشروع، مع منح قروض لاستيراد معدات جديدة او مستلزمات انتاج اذا تبين وجود ضرورة لاعادة تشغيل المشروع مع المعاونة في رفع مستوى الادارة في الشركات المتعثرة. واكد رئيس جمعية رجال الاعمال المصرية جمال الناظر ان التعثر مشكلة استثنائية لا يجب ان تعوق مختلف الاطراف في البحث عن سبل رفع معدلات التنمية في البلاد وتوفير فرص عمل جديدة واقامة مصانع جديدة لتقليل البطالة. وأكدت ورقة طرحتها الجمعية اخيراً على ضرورة العمل على كسر حدة الركود الحالي وتنشيط السوق المحلية عن طريق سداد المستحقات الحكومية لدى القطاع الخاص والتوسع في مشاريع البنية التحتية وتخفيف الاعباء المالية على المنتجين خصوصاً اسعار الفائدة والاعباء الضريبية والجمركية والمتعلقة بالتأمينات الاجتماعية. واقترح رجال الاعمال اعداد دراسة شاملة للقوانين والتشريعات المرتبطة بالنشاط الاقتصادي بغرض القضاء على البيروقراطية وتطوير نظم العمل في الجمارك والضرائب ووضع استراتيجية واضحة للتنمية بحيث يتم توجيه المستثمرين للمشاريع ذات العائد القومي ومنع التكرار في النشاط الواحد بطريقة عشوائية، كما حدث في الأعوام الماضية، مما ساهم في زيادة مشاكل التعثر وتوقف عدد كبير عن سداد مديونياتهم للبنوك. واكد عضو مجلس ادارة الجمعية عادل جزارين ان غالبية المتعثرين من رجال الاعمال الجادين الذين استثمروا في مشاريع كانت تبدو ناجحة في اطار القوانين والظروف الاستثمارية الاقتصادية، الا ان بعض هذه المشاريع واجه العديد من المشاكل التي ادت الى تعثرها من دون ان يعود ذلك بشكل اساسي، كما يروج البعض، لمحاولة المستثمرين الاستفادة غير المشروعة من قروض البنوك او الالتفاف حول القوانين واللوائح. واكد ان هناك عوامل عدة زادت من حالات التعثر في مقدمها تأخر الحكومة وشركات القطاع العام في سداد مديونياتها للقطاع الخاص، فضلاً عن تضخم ديون رجال الاعمال لدى البنوك لارتفاع اسعار الفائدة والتأخر في السداد، كما تضخمت القروض التي حصل عليها المستثمرون بالعملات الاجنبية نتيجة لارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري. واوضح رجال الاعمال ان البنوك تحفظت في منح التسهيلات الائتمانية كما زادت القضايا والاحكام التي صدرت اخيراً من حال الخوف لدى البنوك والتعنت في التعامل مع العملاء مما ادى الى حال من الشلل في التعاملات المصرفية وضغط البنوك على المقترضين بسرعة سداد المديونيات بصرف النظر عن ظروفهم المالية. واكدت ورقة العمل ان هناك اسباباً كثيرة تقع مسؤولياتها على رجال الاعمال انفسهم ساهمت الى حد كبير في تعثر مشاريع من بينها عدم الاهتمام باعداد دراسات جدوى دقيقة والاتجاه نحو تمويل المشاريع بقروض من البنوك من دون مراعاة للنسب المتعارف عليها بين اجمالي القروض واجمالي الاستثمار وعدم الاهتمام الكافي بالادارة، فضلاً عن اتجاه غالبية المشاريع الصناعية نحو السوق المصرية من دون الاهتمام بالتصدير وتأخر العديد من الشركات الصناعية في تحديث انتاجها وتطويره حتى يتمكن من المنافسة.