أظهرت النتائج الأولية لعملية فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية الايرانية التي اجريت أول من امس، ان المحافظين يتجهون الى فوز كبير يمكنهم من اكمال سيطرتهم على كل مفاصل السلطة في الجمهورية الاسلامية. وبحسب معلومات حصلت عليها "الحياة" من مصادر اصلاحية، فاز الاصلاحيون ب49 مقعداً بعد انتهاء فرز الاصوات في 198 دائرة فيما فازت القوائم المحافظة خصوصاً قائمة "بُناة ايران" ب110 مقاعد، والمستقلون بتسعة مقاعد من اجمالي عدد المقاعد المتنافس عليها والبالغ 289. واعلن قائمقام طهران علي اوسط هاشمي ان عملية فرز الاصوات في طهران قد تستغرق ثلاثة الى اربعة ايام معلناً ان 147 مرشحاً فازوا حتى الآن في الانتخابات التشريعية في كامل الاراضي الايرانية. وقال انه تم حتى الآن فرز نسبة 5،2 في المئة فقط من الاصوات، ولا بد من فرز نسبة 10 في المئة منها ليكون في الامكان اعطاء ارقام اولية عن النتائج. وحرص المحافظون على اظهار صورة جديدة يمكن معها وصفهم ب"المحافظين الجدد" اذ قال ل"الحياة" الدكتور علي رياض أحد المرشحين البارزين على قائمة "بُناة ايران": "لسنا محافظين بل نريد خدمة الشعب والمساهمة في حل مشاكله المعيشية ونحن في جوهرنا اصلاحيون حقيقيون". ويرى بعض المراقبين ان المحافظين قد يعمدون الى اتباع سياسة جديدة بعدما أبعدوا المتطرفين عن قوائمهم. وأظهرت النتائج الأولية تراجع قائمة الاصلاحيين في طهران وعلى رأسها رئيس البرلمان الاصلاحي مهدي كروبي الذي ساد غموض حول امكان فوزه بعدما حل، بحسب معلومات حصلت عليها "الحياة" في المرتبة ال32 في دائرة طهران التي تضم 30 مقعداً، علماً ان عمليات الفرز في العاصمة لم تنته بعد. وكما في طهران كذلك في غيرها، حصد المحافظون مقاعد معظم المحافظات ومنها خوزستان جنوب ذات الغالبية العربية والتي فازوا بمعظم مقاعدها ال18. لكن اللافت ان الوجود العربي في البرلمان الجديد سيكون أكبر مما كان عليه في البرلمان الحالي. اذ بلغ عدد الفائزين من العرب ثمانية نواب ولا يزال هناك احتمال بفوز آخرين في الدورة الانتخابية التالية التي ستجرى في مدينة عبادان لاحتلال مقاعدها الثلاثة، علماً ان عدد النواب العرب في البرلمان الحالي هو ستة فقط. ويعتبر ذلك مؤشراً على ان المعركة الانتخابية في المحافظات اتخذت اشكالاً اخرى، بمعنى تدخل العامل القومي في وقت تطمح القوميات غير الفارسية الى تعزيز وجودها في البرلمان للمطالبة بمزيد من حقوقها المنصوص عليها دستورياً. وفي مدينة قم جنوبطهران حافظ المحافظون على مقعدين فاز بهما مرشحان مدعومان من الحوزة الدينية، من أصل ثلاثة مقاعد على ان تقام دورة ثانية لتحديد الفائز بالمقعد الثالث. وأقر الاصلاحيون بالخسارة وعزوا اسبابها الى "الظروف غير العادلة" التي احاطت بالانتخابات. وقال ل"الحياة" رسول منتجب نيا الناطق باسم "جماعة علماء الدين المناضلين" التي يقودها كروبي "ان المنافسة لم تكن عادلة، اذ ان المحافظين لجأوا الى اساليب غير قانونية من خلال رفض صلاحية اعداد كبيرة من المرشحين الاصلاحيين". وعلى رغم تأكيد مصادر القائمة الفائزة ان البرلمان الجديد سيتعاون مع الرئيس محمد خاتمي ولن يعمد الى اضعاف الحكومة، سيكون الرئيس أمام استحقاق التعايش مع برلمان يسيطر عليه المحافظون. ورجحت أوساط اصلاحية مقاطعة ان يعمد البرلمان الجديد الى الضغط على حكومة خاتمي عبر التشدد مع الوزراء الحاليين واستجوابهم تمهيداً لسحب الثقة من عدد منهم خصوصاً اولئك المنتمين الى حزب "جبهة المشاركة الاصلاحية" الذي منع مرشحوه من خوض الانتخابات البرلمانية. واعتبر مجلس صيانة الدستور الذي يمسك به المحافظون ان الانتخابات تميزت بمشاركة "حماسية" من شأنها ان تؤدي الى تقوية النظام، واعرب عن أمله بأن "يخصص المجلس السابع جهوده للدفاع عن دين الاسلام المقدس وحل مشاكل الشعب وتشجيع الممارسة الدينية والاخلاق في الحياة العامة ومحاربة كل قوى الشر والفساد وتحقيق التقدم". من جهة أخرى، ذكرت "فرانس برس" ان تسعة أشخاص جرحوا في مواجهات مع رجال الأمن أعقبت الاعلان عن النتائج في محافظة خوزستان. واعترف مسؤول في وزارة الداخلية بوقوع قلاقل، لكنه أكد "ان الوضع تحت السيطرة".