قال مصدر فرنسي مطلع ان باريس لم تتلق بعد رداً رسمياً على دعوتها الرئيس الأميركي جورج بوش الى المشاركة في ذكرى الانزال في منطقة النورماندي، لكن كل المؤشرات التي بلغتها عبر اقنية متعددة ايجابية. وزاد ان الرد الأميركي رهن بانجاز جدول أعمال بوش لشهر حزيران يونيو المقبل، وأن ليس هناك ما يدفع الى الاعتقاد بأنه قد لا يلبي الدعوة الفرنسية. وذكر المصدر ان بوش يعد لجولة اوروبية، يزور في اطارها ارلندا ثم ينتقل في الخامس أو السادس من حزيران الى فرنسا، وان مثل هذه الزيارة مهمة للفرنسيين، لكنها على الأهمية نفسها بالنسبة اليه. وأوضح ان من مصلحة بوش، في ظل حملته الانتخابية ان يظهر حرصه على السلام في ارلندا، و"ان يعطي صورة عن وضعه بصفته رئيساً لدولة مركزية تشارك في ذكرى الانتصار الذي حققته الولاياتالمتحدة وتحريرها العالم عام 1945، وهذه مناسبة ممتازة له". وزاد ان ليس لدى الجانب الفرنسي أي قلق ازاء مسألة الحضور الأكيد لبوش، وأن التكهنات المخالفة لذلك لا تستند الى أي أساس، خصوصاً ان الاطار العام للعلاقات الفرنسية الأميركية خال من أي عنصر قد يحول دون مجيء الرئيس الأميركي الى فرنسا. وتابع: "منذ قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى، والتي عقدت في مدينة ايفيان في حزيران الماضي، شهدت العلاقات الثنائية بوادر ايجابية متتالية من كلا الطرفين، من دون أن يعبر ذلك عن أي تغيير في موقف باريس من القضية العراقية التي أدت الى التباين بينهما". ولاحظ ان "هذه الحقبة لم تعد قائمة وعلى رغم ان الوضع في العراق لا يزال صعباً ومعقداً، ينبغي العمل انطلاقاً من الواقع، والولاياتالمتحدة بدأت تبدي مقداراً أكبر من الحذر في اطار ما تفعله. تحالف لا يلغي التمايز في غضون ذلك، وانطلاقاً من حرص فرنسا على اعتبار ان تحالفها مع الولاياتالمتحدة لا يلغي التمايز في مواقفهما، اقترح وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ارساء "شراكة حقيقية" مع دول الشرق الأوسط، بهدف الرد على كل التحديات التي تواجهها المنطقة. وقال الوزير في حديث الى صحيفة "لوفيغارو" شكل رداً على المبادرة الأميركية ل"الشرق الأوسط الكبير"، ان هذه الشراكة ينبغي "ألا تتركز على المسائل الأمنية"، بل ان تأخذ في الاعتبار كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية". وخلافاً للمبادرة الأميركية التي لم تستشر في شأنها أي من الدول العربية، شدد دوفيلبان على أن الشراكة التي تقترحها فرنسا ينبغي ان تعد بمشاركة الدول العربية "وفقاً لمنطق الشراكة الحقيقية"، وبعيداً عن "الحلول الجاهزة المفروضة من الخارج"، واستناداً الى حاجات هذه الدول وتطلعاتها. ودعا الى العمل مع دول المنطقة لاعداد "اعلان عام يحدد مبادئ الشراكة من أجل السلام والتقدم"، ويتضمن "خطوط عمل عريضة قابلة للتطبيق في المنطقة بأكملها"، مشدداً على أهمية التفاهم الأوروبي الأميركي، ونبذ التنافس. وفي سياق مغاير أيضاً للمبادرة الاميركية، قال دوفيلبان: "اذا أردنا ان تكون لدينا صدقية ليس بامكاننا تجاهل النزاع العربي الاسرائيلي" بل العمل من أجل "اعادة احياء ديناميكية سلام" تشكل "الشرط الضروري لأي مبادرة في المنطقة". وأشار الى أن تلك الشراكة "ستشكل محور مشاورات واسعة على المستوى الأوروبي، اذ تعتزم فرنسا ادراجها على جدول اعمال القمة الأوروبية في آذار مارس المقبل، واثارتها مع دول الشرق الأوسط ومن خلال الجامعة العربية، ومع كبار شركاء فرنسا ومن خلال مجموعة الدول الثماني الصناعية". ونبه الوزير الى أهمية التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية هي "أولاً الحوار السياسي من أجل دفع الديموقراطية في دول الشرق الأوسط والحكم الجيد وحقوق الانسان". الى ذلك، تطرق دوفيلبان الى موضوع العراق، قائلا ان فرنسا ما زالت متمسكة بفكرة عقد مؤتمر دولي "من أجل تعبئة كل القوى الوطنية والاقليمية والدولية"، لأن هناك دوراً على دول المنطقة والأسرة الدولية ممارسته "لتحقيق الانتقال من نظام الاحتلال الى السيادة العراقية". وشدد على ضرورة احترام الجدول الزمني المحدد لعودة السيادة الى العراقيين في 30 حزيران يونيو المقبل، مستبعداً إمكان اجراء انتخابات قبل هذا الموعد. ولم يستبعد الوزير دوراً لحلف الأطلسي في العراق، اذا قبلت بذلك حكومة عراقية ذات سيادة.