عقد قادة بريطانيا وفرنسا والمانيا قمة في برلين امس، وصفت بقمة "الثلاثة الكبار"، فيما ابدى "المحور الاسباني - الايطالي" مخاوفه من "ترويكا أوروبية جديدة" تسعى الى فرض "مجلس رئاسي" على الاتحاد الأوروبي للهيمنة عليه وتوجيهه. وهيمن على قمة برلين ملفا اصلاح الاقتصاد الاوروبي وهيكلية الاتحاد. أبدت دول الاتحاد الأوروبي التي لم تشملها قمة "الثلاثة الكبار" في برلين أمس، مخاوفها من ترويكا أوروبية جديدة ترجح كفة احد المحورين التقليديين اللذين ظهرا نتيجة الخلافات والانقسامات على اثر حرب العراق. ووجهت الى الدول الثلاث اتهامات من دول أخرى، بمحاولة فرض "مجلس رئاسي" على الاتحاد الأوروبي للهيمنة عليه. وبحثت القمة محورين أساسيين: الاقتصاد الأوروبي والاصلاحات المطلوبة في هذا الشأن وفي هيكليات الاتحاد الأوروبي، الى جانب أزمات العراق وأفغانستان والشرق الأوسط وتنسيق المواقف ازاءها في ظل الموقف البريطاني القريب من واشنطن. وضم اجتماع الترويكا الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والمستشار الالماني غيرهارد شرودر. وجاء ليدعم المحور الفرنسي - الألماني الذي يملك مخاوف متزايدة من فقدان نفوذه داخل الاتحاد الاوروبي، بعد التوسع المرتقب لهذا الاتحاد في مطلع أيار مايو المقبل، ليضم 25 دولة بدل 15 حالياً، خصوصاً ان الدول العشر الجديدة مناصرة للولايات المتحدة. وأثارت السرية التي طبعت العشاء الذي تلا القمة الثلاثية مخاوف الأعضاء الآخرين المغيّبين، من محاولات "الترويكا" التوصل إلى اتفاق حول دستور الاتحاد، عقب فشل قمة بروكسيل في ذلك في كانون الأول ديسمبر الماضي، ولو كان اللقاء يعتبر فرصة لتعزيز التعاون وتحفيز النمو والتخطيط لقوة تدخل عسكرية. واستأنف الزعماء الثلاثة المحادثات على مأدبة عشاء أعقبت مؤتمراً صحافياً حضره وزراء الخارجية، تناول قضايا مثيرة للجدل تضمنت اختيار رئيس جديد للمفوضية الأوروبية يرشح خلال قمة حزيران يونيو المقبل، وتسوية الخلافات مع بروكسيل في شأن تمويل موازنة 2007 - 2013 التي يؤيد الثلاثة تجميدها. المحور الاسباني - الايطالي وأبدت إسبانيا وإيطاليا وبولندا التي تشكل محوراً مقابلاً، قلقاً من جلوس الثلاثة لرسم مستقبل القارة تاركين رؤساء وزراء الدول ال22 الأقل أهمية يتكهنون بما يدور خلف الأبواب المغلقة. وطرحت الترويكا مسألة الدستور المقترح للاتحاد بعدما فشلت دوله في التوصل إلى موقف موحد العام الماضي، علماً ان رئيس الوزراء الايرلندي بيتي أهيرن الذي يترأس الدورة الحالية للاتحاد يواصل مشاوراته مع نظرائه ال24 الآخرين الاعضاء ال15 الحاليين والعشرة المستقبليين. وكانت شهرة أهيرن كمفاوض محنّك وصبور على عكس سلفه الإيطالي سيلفيو برلوسكوني، عززت الآمال في التوصل الى اجماع في هذا الشأن. لكن ثمة تخوّفاً من أن تصب الترويكا الجديدة "الزيت على النار" في خلاف أسدل الستار عليه في كانون الأول ديسمبر الماضي، في انتظار معالجة صامتة لتعنّت إسبانيا وبولندا في رفضهما "عدم المساواة" في القدرة التصويتية لدول الاتحاد التي كرستها قمة نيس عام 2000. ولا يتوقع أن يتبدل الموقف الإسباني من "التصويت المضاعف" لفرنسا والمانيا مع انتهاء ولاية رئيس الوزراء خوسيه ماريا إثنار في 14 آذار مارس، أو مع وصول ماريانو راخوي المتوقع أن يحلّ محلّه. وفي إطار منفصل، تعتزم إسبانيا جر بريطانيا إلى محكمة العدل الأوروبية في مسألة السماح لسكان جبل طارق بالتصويت في الانتخابات الأوروبية في حزيران يونيو المقبل. أما بولندا، فتعتبر أقل مرونة من إسبانيا نظراً إلى شعورها بأنها تعامل كعضو صغير الشأن، خصوصاُ من الجانب الفرنسي. انتقاد عنيف من بيرلوسكوني وكان رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني تحدث عن ديكتاتورية ثلاثية، إذ قال: "لا نرغب بأي ديكتاتورية، وهو رأي تشاطرني إياه الدول الأعضاء الأخرى" باستثناء الدول الثلاث المعنية. وأكد وزير خارجيته: "نريد لأوروبا ان تزدهر باتفاق الجميع، لا بحكومات ثلاث تضر ببنية الاتحاد. يجب أن يتفق الجميع على القوانين لا أن يفرضها البعض". وقالت مصادر حكومية ألمانية مطّلعة أمس، ان الزعماء الثلاثة سيقدّمون اقتراحات جديدة تتعلق بإصلاح سوق العمل والأنظمة الاجتماعية وسياسة التطوير والإبداع. وأضافت: ان شرودر وشيراك وبلير سيوجهون رسالة مشتركة الى الرئاسة الايرلندية للاتحاد الأوروبي تتضمن الاقتراحات المشتركة. تجاوز اميركا اقتصادياً وأشار بعض المصادر الى ان الاقتراحات التي سيصيغها "الزعماء الثلاثة" تستند الى "مبادرة لشبونة" عام 2000 التي كان هدفها تجاوز الولاياتالمتحدة اقتصادياً وجعل الاتحاد الأوروبي حتى عام 2010 "المنطقة الأقوى في العالم" في مجال التنافس الاقتصادي. وكانت المفوضية الأوروبية وجهت اللوم الى أعضائها الشهر الماضي، كون الاصلاحات التي نفذوها لا تكفي لتحقيق هذا الهدف.