يعقد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اليوم "مجلس حرب" مع الرئيس جورج بوش لتحديد الخطوات المقبلة في شأن العراق. ويحمل بلير معه الى كامب ديفيد "هدية" تتمثّل في "رسالة تأييد" لموقف بوش من العراق وقّعها ثمانية زعماء أوروبيين. وإذا كانت هذه الرسالة تُظهر بوضوح ان الموقف الأميركي يلقى تأييداً من دول أوروبية عدة، فإنها، في المقابل، تُظهر ان القارة القديمة تعيش إنقساماً لم تعرفه منذ عقود، وتُكرّس "محور" فرنسا - ألمانيا في مواجهة "محور" بريطانيا - إسبانيا. وتجلّى هذا الإنقسام في رسالة وقّعها قادة بريطانيا واسبانيا وايطاليا والبرتغال والمجر هنغاريا والدنمارك وبولندا وتشيخيا، ودعوا فيها الى الوحدة مع الولاياتالمتحدة حيال الأزمة العراقية. راجع ص وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة" ان الرسالة هي في الأساس فكرة رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا أثنار، أحد أقرب الحلفاء الأوروبيين لبوش. وأوضحت انه عرضها يوم الجمعة الماضي على بلير. وتوليا معاً توزيعها على "بعض الزعماء الأوروبيين". وكان واضحاً ان أثنار وبلير اللذين التقيا في مدريد أمس، قُبيل توجه الأخير الى واشنطن، أرادا إظهار ان موقف أوروبا من العراق لا يختصره الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر المعارضان للإسراع في الضربة العسكرية قبل منح المفتشين فرصة التحقق من نزع اسلحة الدمار الشامل. ولفتت الى ان أثنار وبلير حققا جزءاً مما أرادا، إذ انضم اليهما فوراً رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني وهو من حلفاء واشنطن أيضاً ومعه زعماء خمس دول أخرى بينها هنغاريا وتشيخيا وبولندا المفُترض ان تنضم الى الاتحاد الاوروبي في 2004. وذكرت ان الرسالة أُرسلت أيضاً الى الحكومة الهولندية التي لم تُوقّعها، لكنها لم تُعرض على الحكومتين الفرنسية والألمانية، ولا على اليونان على رغم انها ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. وأضافت ان مدريد ولندن كانتا تعرفان ان ذلك سيُغضب باريس وبرلين، لكنهما أرادتا إظهار ان أوروبا ليست كلها ضد سياسة الولاياتالمتحدة إزاء العراق. ويعيد هذا الإنقسام الى الأذهان الجدل الذي أثاره وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الأسبوع الماضي عندما وصف فرنسا والمانيا بأنهما تُمثلان "أوروبا القديمة". وفي حين اعتبر وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان الرسالة "اسهاماً في الجدل القائم" في شأن العراق، قائلاً "اننا لا نسعى الى مواجهة اوروبا بأوروبا أخرى"، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتيس ان الرسالة التي "لم تبلغ بها أثينا ولم تدع" الى توقيعها، "لا تساهم في التوصل الى مقاربة مشتركة". وأشارت مصادر ديبلوماسية اخرى الى ان اجتماع بوش وبلير سيكون على جانب كبير من الأهمية، إذ انه سيعرض بالتفصيل الخطوات المقبلة إزاء العراق، وربما يُحدد الموعد الذي ستبدأ فيه العمليات العسكرية. وأوضحت ان الجانبين سيناقشان فكرة عيش الرئيس صدام حسين في منفى، وإقامة "انتداب" على العراق يضمن عدم حصول تقاتل بين الفئات العراقية المختلفة بعد سقوط النظام. وأشارت الى ان الدولتين ستسعيان الى ان يكون لهذا "الانتداب" غطاء من الأممالمتحدة، ويكون مُحدداً بفترة زمنية يتولى فيها قادة عسكريون غربيون مساعدة السلطة العراقية الانتقالية على إنشاء نظام ديموقراطي تعددي. وستسعى السلطة "الانتدابية" الى عدم حصول عمليات انتقام ضد البعثيين كونهم يمثلون شريحة مهمة من الشعب العراقي، والى تأمين قيام حكومة تُمثّل كل شرائح الشعب، من أكراد وعرب، وسنة وشيعة.