يتوجه وفد الحكومة السودانية الى محادثات السلام مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" برئاسة النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه الى نيروبي غداً للمشاركة في جولة تستمر شهراً لحسم القضايا العالقة المرتبطة بمستقبل المناطق المهمشة الثلاث واقتسام السلطة. في غضون ذلك، تجاوزت المعارضة السودانية في اجتماعات عقدتها في أسمرا خلافاً في شأن اتفاق رئيسها محمد عثمان الميرغني مع النائب الأول للرئيس السوداني في جدة أخيراً. توقع عضو الوفد الحكومي السوداني الى مفاوضات السلام الدكتور أمين حسن عمر ان تتوصل المحادثات مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" خلال الأيام الثلاثة الأولى من الاجتماعات، الى اتفاق في شأن منطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق بعدما شهدت الجولة السابقة شبه اتفاق في شأن المنطقتين، موضحاً ان مواقف الطرفين لا تزال متباعدة إزاء منطقة أبيي التي تطالب الحركة بضمها الى الجنوب. وقال ل"الحياة" امس ان حكومته تقترح وضع ابيي خلال الفترة الانتقالية تحت الرعاية المباشرة للرئاسة باعتبارها المؤسسة السيادية الأعلى في الدولة، لافتاً الى أن موقف الحركة المتشدد تجاه المنطقة لن يعين على سلاسة التفاوض في اقتسام السلطة. ورأى عمر ان مناقشة مسألة أبيي واقتسام السلطة ينبغي أن يمضي متزامناً للاستفادة القصوى من الوقت حتى تحسم كل القضايا في وقت لا يتجاوز موعد نهاية الجولة الذي حدده الوسطاء في 16 آذار مارس المقبل. وأضاف ان المحادثات ستنتقل بعد حسم القضايا المتبقية الى تفاصيل عدة متعلقة بالضمانات المحلية والدولية للاتفاق وازالة الألغام واعادة الحياة المدنية الى جنوب البلاد وترتيبات التوقيع النهائي على الاتفاق وحسم مسائل مهمة عالقة مثل مدى الحاجة الى قوات حفظ سلام دولية أو رقابة على وقف النار كما تفضل الخرطوم. وتابع ان "الجميع في حاجة الى انجاز حاسم وسريع في ملف المفاوضات التي تطاولت الى درجة أثارت ملل الفرقاء والمراقبين على حد سواء"، مشيراً الى أن احساس "الحركة الشعبية" بأهمية عنصر الوقت "كان في المستوى الأدنى وينبغي أن يرتفع الى أعلى المستويات". وذكر عمر ان "الحركة لا تزال في جعبتها بعض المناورات مثل الايماء الى حلفائها في الكونغرس الاميركي لدفع السيناتور وولف بتقديم مذكرات الى الرئاسة للضغط على الحكومة السودانية من اجل التنازل عن ابيي"، أو مثل طلب عضوي الكونغرس تانكريدو وتوماس من الرئيس جورج بوش بمساءلة 12 من كبار المسؤولين السودانيين بتهم الارهاب. ورأى ان هذه المناورات لن تؤدي الا الى "مزيد من الاستقصاء في المحادثات وبالتالي ستكون النتيجة خلاف ما كان يتوقعون وتريده الحركة الشعبية". وفي تطور ذي صلة، أعلن وزير العدل السوداني علي محمد عثمان ان حكومته ستقاضي عضوي الكونغرس اللذين اتهما 12 مسؤولاً بدعم الارهاب، موضحاً ان وزارته خاطبت محامياً اميركياً لتولي الاجراءات القانونية في مواجهة تانكريد وتوماس بتهمة "الكذب الضار"، مشيراً الى أن "التهم التي ادعوها تقع خارج نطاق الكونغرس ما يسقط عنهما الحصانة". وفي أسمرا، علمت "الحياة" ان أعضاء هيئة قيادة "التجمع الوطني" المعارض تمكنوا من تجاوز الخلافات في شأن اتفاق جدة الذي وقعه الميرغني مع النائب الأول للرئيس السوداني بالتوصل الى حل توفيقي رحب بالاتفاق واعتبره "دعماً مهماً لعملية السلام يفتح الباب ليكون التجمع جزء أصيلاً في الحل السياسي الشامل ويعد اعترافاً من الحكومة بالتجمع". وكان الميرغني وقرنق التقيا على هامش الاجتماعات لردم الهوة وتفادي الاصطدام داخل الاجتماعات. وأشاد المعارضون في جلسة أمس بدور الميرغني من أجل تحقيق أهداف التجمع، وطرحوا ملاحظات تركزت على المواد المتعلقة بمستقبل أجهزة الأمن والجيش الحالية بعد اتفاق السلام المرتقب، والنظام الاقتصادي ونظام الحكم ومساءلة المسؤولين الحاليين في الحكومة وإقرار التحول الديموقراطي. وأكد المعارضون ضرورة "تحقيق شمولية المشاركة في الحل السياسي الشامل وإشراك التجمع في عملية إرساء أسس السلام الجارية في كينيا". ورحبوا بالتزام "الحركة الشعبية" السعي من أجل ادخال "التجمع" في الجولة المقبلة من مفاوضات كينيا، وان الجولة المقبلة تتناول قضايا تهم الوطن والمواطنين ولا يمكن حلها الا بمشاركة كل القوى السياسية السودانية. وقرر "اجراء الاتصالات اللازمة مع كل اطراف عملية السلام للتأكد من مشاركته في مفاوضات نيافاشا، لأن من دون مشاركته لن يمكن التوصل الى حل سياسي شامل".. وكشف قرنق في تصريحات صحافية ان التجمع "سيجري اتصالات مكثفة مع الحكومة ووسطاء عملية السلام لإشراك القوى السياسية في المفاوضات". وقال قرنق ان "اتفاق جدة يصب في اتفاق نيافاشا، والاثنان يخاطبان قضايا واحدة ويؤكدان ضرورة الحل السياسي الشامل للأزمة". وأعرب قرنق عن ترحيبه بإنضمام "حركة تحرير السودان" التي تنشط في غرب البلاد الى التجمع. وكان اعضاء في هيئة قيادة "التجمع" اقترحوا ان يسافر زعيمهم محمد عثمان الميرغني الى جانب قرنق الى نيفاشا للقاء النائب الأول للرئيس السوداني.