اجرى الرئيس الاميركي جورج بوش مساء أمس محادثات مع الرئيس السوداني عمر البشير عبر الهاتف استمرت نصف ساعة، جدد بوش خلالها دعوة واشنطن استضافة احتفال التوقيع على اتفاق السلام النهائي بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة الدكتور جون قرنق. كما أكد الرئيس الاميركي دعم ادارته عملية السلام في السودان، وتعهدها اعمار ما دمرته الحرب بعد توقفها. فيما جدد البشير تعهده لبوش تسريع عملية السلام واقرار اتفاق نهائي مع قرنق. في غضون ذلك، بدأ "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض تحركات مكثفة استعدادا للدخول في مفاوضات مع الحكومة تنفيذا ل"اتفاق جدة" الموقع الخميس الماضي بتشكيل غرف عمليات ولجان فنية ولجنة للتفاوض مع الخرطوم برئاسة نائب زعيم المعارضة. وفي الخرطوم، اتفقت الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية" على ان يتضمن اتفاق السلام النهائي عفواً عاماً عن جرائم الحرب التي حصلت في الماضي. الى ذلك، واصل النائب الاول للرئيس السوداني علي عثمان طه مفاوضاته مع قرنق في منتجع نايفاشا الكيني. قال الرئيس السوداني عمر البشير في لقاء مع قادة الفصائل العسكرية الجنوبية المتحالفة مع حكومته ان السلام صار واقعاً جديداً في البلاد بدلاً من الحرب التي دفع السودانيون ثمنها، مؤكداً ان المحادثات الجارية في نايفاشا ستصل الى "حلم شعبه" في السلام وستكون المحطة الاخيرة. وذكر ان شراكة قوية نشأت بين الجيش الحكومي و"القوات الوطنية الشعبية" في الاعداد للقتال من اجل السلام خلال المرحلة السابقة، مؤكداً ان حكومته تحالفت مع هذه الفصائل في وقت الشدة والحرب ولن تتخلى عنها في مرحلة السلام، لافتاً الى ان شراكة جديدة ستنشأ مع هذه الفصائل من اجل "حراسة السلام وحمايتة". من جهة اخرى، عقد وفد "الحركة الشعبية لتحرير السودان" الذي يزور الخرطوم منذ الجمعة ندوة ليل الاحد الاثنين في مقر "قاعة الصداقة" وسط الخرطوم. واكد رئيس الوفد باغان آموم ان حركته لن تتخلى عن "المناطق المهمشة الثلاث" جبال النوبة وابيي وجنوب النيل الازرق لانها حاربت مع الحركة جنباً الى جنب عشرين عاماً. واكد حرص الحركة على سلام شامل هو سر التباطؤ في توقيع اتفاق سلام نهائي. واوضح ان الاتفاق على اقتسام الثروة يتطلب من الحكومة قرارين شجاعين وإرادة صلبة لحسم قضيتين مهمتين لم يكشفهما، وقال ان ما تبقى من اقتسام السلطة هو وضع العاصمة التشريعي واعلن تمسك "الحركة" بان تكون عاصمة قومية لكل السودانيين وان تحكم وفق التشريعات القومية. وقال الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان ان وفدهم جاء الى الخرطوم لتدشين نشاط الحركة السياسي مؤكداً عزمهم على عدم العودة الى الحرب. وقال مسؤول الامن الخارجي في "الحركة الشعبية" ادوارد لينو انهم لم يأتوا لاسقاط النظام وانما لاشراك الجميع في عهد جديد ولا يحملون ضغينة على احد ولا يرضون بإقصاء الآخرين. وافاد الناطق باسم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" سامسون كواجي في الخرطوم امس ان الحركة ستشكل لجنة للمصالحة والتسامح من اجل معالجة آثار الحرب وستعلن عفواً عاماً بعد اقرار اتفاق السلام. وواصل وفد "الحركة الشعبية" لقاءاته مع القوى السياسية، وسينهي زيارته اليوم ويغادر الى ليبيا ومنها الى نيروبي للالتحاق بمفاوضات نايفاشا. وفي اسمرا، ذكر الناطق الرسمي باسم "التجمع الوطني" المعارض حاتم السر علي في بيان صحافي ان "التجمع" عقد خلال اليومين الماضيين اجتماعين منفصلين على مستوى هيئة القيادة والمكتب التنفيذي في كل من القاهرة واسمرا ناقشا اتفاق جدة الاطاري الذي وقعه النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم التجمع محمد عثمان الميرغني. وترأس اجتماع القاهرة الفريق متقاعد عبدالرحمن سعيد نائب الميرغني، فيما ترأس اجتماع اسمرا، قائد قوات التحالف السودانية العميد متقاعد عبدالعزيز خالد. وقال السر ان الاجتماعين بحثا في الخطوات العملية لتنفيذ الاتفاق وسبل تحويله من اطار الى تفاصيل قابلة للتنفيذ بما يحقق الحل السياسي الشامل المفضي الى استعادة الديموقراطية وضمان الحريات العامة وحقوق الانسان. وعلمت "الحياة" ان "التجمع الوطني" شكل لجانا فنية تكون في حال انعقاد يومي لوضع الآليات الضرورية للشروع في الحوار بين المعارضة والحكومة. وكشفت مصادر في المعارضة ان "التجمع" قرر تشكيل لجنة للتفاوض يترأسها نائب الميرغني الفريق سعيد. وشدد "التجمع" على التنسيق التام مع "الحركة" تفاديا لتعدد مسارات الحل. كما حدد "التجمع" مرجعياته للتفاوض في مواثيق ومقررات التجمع، خصوصاً مقررات اسمرا للقضايا المصيرية في عام 1995.