"أرجوك ناديني يا دكتوره"! هكذا خاطبت اليزابيت تيسييه احد الصحافيين. الطلب لم يزعج أحداً، ويستخدمه مذيعو برامج المنوعات في شبكات الراديو والتلفزيون للترحيب ب"الدكتورة اليزابيت". هل يوجد أفضل من لقب دكتور؟ خاصة عندما نحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون الشهيرة، وبتقدير: "مشرف جداً". الأطروحة تقع في 900 صفحة وهي عموماً مرافعة للارتقاء بالتنجيم الى مصاف العلم، بكل ما للكلمة من معان. عندما غادرت تيسييه الحرم الجامعي كان في توديعها طلبة يحملون لافتة تندد بقبولها في الحرم الذي احتضن مفكرين وأعلاماً كباراً من ريشيليو إلى ديكارت. لكنها لم تأبه. وهي تعودت على مدى 65 سنة أن تتحمل النقد اللاذع. قرأت مراراً في جرائد الموضة أنها لا تصلح لتمثيل دار الأزياء "شانيل"، ومع ذلك اختيرت للعروض الخاصة بكبار الزبائن. غير أن مهنة عارضة لا تدوم طويلاً. عاودت الاتصال بعالم النجوم والكواكب، لكن كساد هذه التجارة في ذلك الحين قادها للبحث عن مصدر رزق دائم. المرأة جميلة فعلاً، عيون وقامة وشعر وصدر، من النوع الذي يحب تصويره المخرجون في هوليوود. أما نجاح أشهر عرّافة في فرنسا المعاصرة، فلم تصنعه الأفلام التي لم تندم على تصويرها بحسب شهاداتها، إنما علاقاتها برجال السياسة هي التي عبدت طريقها الى النجومية. أطروحتها الجامعية اختارت أن تصدرها عن "دار بلان" الشهيرة بعنوان "انسان اليوم والنجوم، بين انبهار ورفض"، لكنها لم تلق الرواج المتوقّع. بعكس كتابها "تحت برج ميتران" الصادر عام 1997، وتكشف فيه علاقتها الحميمة مع الرئيس الفرنسي السابق ميتران، وكيف كانت تستعين بالنجوم والكواكب، ما جعلها تتوقع بعض الأحداث الدولية اشهراً قبل حدوثها. وجاء في الصفحة 25 من الكتاب أن الرئيس ميتران "كان في جلساته الأولى مع تيسييه غير مكترث بتوقعاتها، لكن جدار الشك زال مع مرور الوقت". وتضيف تيسييه أن "بعض التوقعات مثل سقوط جدار برلين واشتعال حرب الخليج الأولى، جعلت الرئيس يستشيرها في مختلف القضايا". والأكيد ان اخصام ميتران السياسيين في معارك الرئاسة الفرنسية استشاروها بدورهم واستمعوا الى تنبؤاتها... تيسييه تقول في كتابها إنها توقعت أن تكون حرب الخليج الأولى في كانون الثاني يناير 1991، وأخبرت الرئيس بذلك، وطلبت منه أن يكون في صف التحالف، لكن لا احد يستطيع اليوم تأكيد هذه المعلومات، بعد رحيل الرئيس الفرنسي الاسبق. لكن الذين عاشوا في محيط ميتران يعلمون أن اليزابيت تيسييه كانت تتردد على الاليزيه باستمرار في عهده، وهناك من يبرر هذه الزيارات بوجود علاقة بين العرافة والرئيس. وما لا يختلف حوله اثنان، أن الضجة الإعلامية التي خلفها الحديث عن علاقاتها المختلفة بالرئيس ميتران، جلب لها الشهرة، وهذا ما تبحث عنه، وبأي ثمن، منذ أن تخلت عن اسمها الحقيقي وهو جيرمان إليزابيت هانسلمان.