اشتهر كثير من القادة السياسيين بتتبع الطالع والاستئناس بآراء المنجمين والدجالين، وعلى الرغم من المنصب السياسي وما يتطلبه من رزانة وواقعية في ممارسة العمل السياسي إلا أن كثيرا من الرؤساء كانوا يعتمدون بصورة قوية على آراء المنجمين والدجالين في أدائهم السياسي، بل والعمل بما يقولونه لهم فيما هو مستقبلي، أي أن بعض القرارات التي اتخذوها لم يكن لها بعدها السياسي الكافي وإنما بمشورة وتوصية هؤلاء الدجالين. وقد كشف أشهر منجم فرنسي معاصر اندريه باربو أسرار الحكام مع العرافين والمنجمين، وفي مقدمتهم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، الذي كان يستفسر عن أبراج زعماء العالم قبل مقابلاتهم، وكانت تربطه علاقة قوية مع العرافة الفرنسية الشهيرة إليزابيث ميسه التي تنبأت بانهيار الشيوعية، وسقوط حائط برلين، وغزو العراق للكويت. وغير بعيد عنه كان الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان مهووسا بالطالع والنجوم، وقد اعترف بأن حياته بأكملها كانت من تخطيط المنجمين، وأشهرهم جين ديكسون التي تنبأت بأن الرئيس الديموقراطي الذي سيحكم أمريكا عام 1960م سوف يموت قتيلا في الشارع، وليس في مكتبه، وهو ما حدث للرئيس كنيدي، وتنبأت باغتيال شقيقه أيضا، ويعرف أنها قالت له إنه سيسكن البيت الأبيض طويلا، وكان حينها محافظا لكاليفورنيا، وقد ترأس بالفعل أمريكا لولايتين رئاسيتين، ولاعتقاده العميق في العرافين عين ريجان عند توليه الرئاسة عام 1980م ثلاثة منجمين ضمن مستشاريه، ولم يأخذ أي قرار دون الرجوع إليهم. وربما لم يفقه بالهوس بالعرافين سوى زوجته نانسي التي كان لها عرافها الخاص، وهو عراف هوليوود الشهير كارول بيتر الذي كانت تزوره على مدار أعوام عديدة، غير أنها سرعان ما اختلفت معه، لأنها كانت تريد أن يصبح زوجها رئيسا عام 1976م، ولكنه أخبرها أن الوقت ليس مناسبا فلكيا لريجان. الرأي النهائي للعرافين وبعد أن ابتعدت نانسي عن بيتر تعرفت إلى المنجمة جوان كيجلي التي أصبحت صديقة مقربة لها، وكانت تستشيرها في كل ما يتعلق بحياتها وحياة زوجها، وكثيرا ولأسباب غير واضحة تأجلت رحلات لريجان وحفلات، إلى جانب مواعيد لقاء رؤساء وتوقيع اتفاقيات، عملا بنصائح كيجلي، والأدهى أنه وخلال الثمانية أعوام التي قضاها ريجان وزوجته في البيت الأبيض، لم يكن هناك قرار يتخذ، أو مقابلة صحفية أو تليفزيونية يجريها، أو إجازة يقوم بها، إلا وكان للعرافين رأي في كل ذلك. وكذا الحال بالنسبة إلى نائبه جورج بوش «الأب» الذي أصبح رئيسا فيما بعد، لم يتردد في استشارة النجوم التي حددت له موعد توقيع معاهدة تدمير الأسلحة النووية مع الرئيس السوفيتي جورباتشوف، في الساعة الواحدة والنصف ظهرا في اليوم الثامن من ديسمبر. في غرفة النوم وكذلك كان يفعل الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين، الذي لم يوافق على إجراء جراحة في القلب، إلا بعد استشارة الجنرال السابق في المخابرات جورجي روجوزيم الذي تفرغ لفك طلاسم النجوم. وكان يلتسين يشبه في علاقته بالعرافين ما كان يفعله ملك فرنسا لويس ال14، الذي كان يجبر العرافين على البقاء معه في غرفة النوم، ليحددوا له الوقت المناسب للإنجاب، وذلك ما كان يقوم به كذلك الرئيس الأوغندي الأسبق عيدي أمين، الذي أطلق الرصاص على أشهر السحرة في بلاده، عندما اخطؤوا في نوع المولود الذي كان ينتظره من إحدى زوجاته، كما اختفى العراف الخاص بالرئيس الإندونيسي الأسبق سوهارتو، عندما سمع منه أنه لن يبقى في السلطة، وأنه سيموت مسموما .