حسمت الحكومة الاسرائيلية أمرها وقررت مقاطعة جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي كتعبير عن عدم اعترافها بصلاحية المحكمة في بتّ قانونية "الجدار الفاصل" الذي تبنيه اسرائيل في عمق الضفة الغربية. لكن السلطة الفلسطينية التي تلقت امس دعما من الفاتيكان في قضية الجدار، رأت في الموقف الاسرائيلي إقراراً مسبقاً بالفشل، في حين اعتبرت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس ان اسرائيل ستخسر القضية سواء حضرت أم لم تحضر. راجع ص 4 و5 في غضون ذلك، اعلنت اسرائيل حال التأهب القصوى تحسباً لرد فلسطيني على المجزرة التي ارتكبتها في قطاع غزة اول من امس. وتعززت المخاوف الاسرائيلية بعد تعهد فصائل المقاومة ب"رد موجع وسريع" على المجزرة، وورود اكثر من 40 انذاراً بنية فلسطينيين تنفيذ هجمات، اضافة الى الاعترافات التي أدلت بها خلية اعتقلت في رام الله وأفادت بأنها اشرفت على انتاج صواريخ "القسام" في الضفة في اطار مسعى الى "نقل خبرة غزة الى الضفة" في هذا المجال. يضاف الى ذلك حجم الدمار الذي خلفته القوات الاسرائيلية بعد انسحابها من قطاع غزة والذي طاول عشرات المنازل واسوار مدارس، حتى ان احد المواطنين وصف الدمار بأنه فاق ذاك الذي خلفته الهزة الارضية التي ضربت المنطقة اول من امس. ويأتي القرار الاسرائيلي بمقاطعة جلسات محكمة لاهاي بناء على توصية فريق من المستشارين القانونيين الاسرائيليين استندت الى اساسين، الاول ان المحكمة ستنظر الى القضية "لاسباب سياسية بحتة وليست قانونية"، والثاني "لئلا تفسر المشاركة على انها منح المحكمة شرعية بتّ ملف الجدار". وستكتفي الحكومة ب"المرافعات الخطية" التي كانت قدمتها الى المحكمة اواخر الشهر الماضي ودفعت فيها بأن الجدار يشكل "ضرورة امنية لمنع تسلل الانتحاريين الفلسطينيين" الى اسرائيل. وبقرار مقاطعة جلسات محكمة لاهاي، وضعت الحكومة الاسرائيلية نهاية لجدل داخلي استمر اكثر من شهرين وأثار ارتباكاً في المحافل الاسرائيلية خشية تحول الدولة العبرية في نظر المجتمع الدولي الى "جنوب افريقيا" القرن الجديد وتعرضها لمقاطعة دولية اقتصادية وسياسية. أما بالنسبة الى الحكم الذي ستصدره محكمة لاهاي، فإن اسرائيل تعول على دور اميركي في منع اي قرار ملزم بهدم الجزء الذي شيد من الجدار، أو وقف تنفيذ باقي المخطط. وذلك لن يكون امراً صعباً اذا اخذت في الاعتبار نتائج استطلاع لرأي الاميركيين اظهرت ان غالبية الاميركيين تؤيد بناء الجدار. وفي سياق ردود الفعل الفلسطينية على القرار الاسرائيلي، اعتبر وزير الحكم المحلي جمال الشوبكي ان القرار الاسرائيلي نابع من الفشل في الدفع بعدم اختصاص المحكمة بقضية الجدار على اساس ان القضية سياسية، مضيفاً ان الاسرائيليين "رأوا فشلهم المسبق في اقناع العالم بما يريدون قوله لذلك قرروا المقاطعة". أما الزعيم الروحي ل"حماس" الشيخ احمد ياسين فاعتبر ان مقاطعة اسرائيل تعني ان "العدو يفهم انها قضية خاسرة" و"العدو سيبوء بالفشل سواء حضر أو لم يحضر". اما بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني فانتقد اثر استقباله رئيس الحكومة الفلسطينية احمد قريع امس قرار مواصلة بناء الجدار، معتبراً ان الاراضي المقدسة "في حاجة الى التسامح وليس الى الانتقام، والى الجسور بدلاً من الجدران".