تصاعدت حدة التوتر الذي يعتري المؤسسة الحاكمة في اسرائيل مع اقتراب موعد الجلسة الاولى لمحكمة العدل الدولية في لاهاي للنظر في قانونية "الجدار الفاصل" الذي تقيمه تل ابيب في عمق الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وارتفعت اصوات من داخل اسرائيل نفسها مطالبة باستباق مجريات المحكمة واعلان "تعديلات" في مسار هذا الجدار الذي يقضم ويضم الاف الدونمات من الارض الفلسطينية، اضافة الى تحويل المدن والقرى الى بانتوستات معزولة. وفي هذا السياق، طالبت ممثلة النيابة العامة الاسرائيلية إدنا اربيل حكومتها بالاعلان فورا عن احداث "تعديلات" على مسار الجدار الذي يمتد بطول720 كيلومتراً ملتوياً بين التجمعات السكانية الفلسطينية، وذلك قبل شروع المحكمة الدولية باستقبال المرافعات القضائية من الاطراف المعنية. وحذرت من ان ذهاب اسرائيل الى المحكمة قبل اعلان هذه التعديلات سيصعب عملية الدفاع عن الموقف الاسرائيلي. وانضمت اربيل بذلك الى وزير القضاء الاسرائيلي يوسيف تومي لبيد الذي سيعرض اليوم مساراً "بديلا" لمسار الجدار الذي اقرته الحكومة الاسرائيلية سابقا يقلص طوله ب200 كيلومتر. وكانت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي اشارت في نشرتها مساء اول من امس ان رئيس الحكومة ارييل شارون "يدرس امكان تغيير مسار الجدار" في الضفة، مشيرة الى ان مدير مكتبه دوف فايسغلاس سيتوجه الى واشنطن نهاية الاسبوع المقبل للبحث في مسألة الجدار وحشد الموقف الاميركي الى جانب الموقف الاسرائيلي الذي يشكك في شرعية الهيئة الدولية وقانونية نظرها في هذه القضية. ويعقد شارون سلسلة من الاجتماعات التشاورية في اليومين المقبلين للبحث في امكان تغيير مسار الجدار "لتسهيل عملية الدفاع" في المحكمة الدولية. ومن المقرر ان يلتقي شارون رؤساء الطواقم العسكرية والسياسية والاعلامية الاسرائيلية التي تتولى تمثيل اسرائيل في المحكمة الدولية، بالاضافة الى اعضاء اللجنة الوزارية الاسرائيلية المصغرة للشؤون الامنية والسياسية للبت في ما اذا كانت تل ابيب ستمثل امام المحكمة ام ستكتفي بتقديم مرافعتها الرسمية خطيا والتي ستتضمن، بحسب المصادر الاسرائيلية "وجهة النظر الاسرائيلية بأن هدف الجدار امني وليس سياسيا". ورغم اصدار المحكمة العليا الاسرائيلية قراراً رفضت فيه التماسات تقدمت بها سابقا منظمات حقوقية ضد بناء الجدار في منطقة القدسالمحتلة، اعلنت قبل يومين موافقتها على النظر في اعتراض اخر تقدمت به منظمة "هموكيد" للدفاع عن الفرد. واعتبرت محافل فلسطينية واسرائيلية يسارية ان هذه الخطوة "تكتيكية" تحاول من خلالها المحكمة الاسرائيلية الايحاء بوجود خطوات قضائية في ما يتعلق بقضية الجدار، وذلك لاستباق جلسة محكمة لاهاي الدولية.