أعلن مسؤول كبير سابق في الاستخبارات العسكرية البريطانية ان تقدير رئىس الوزراء توني بلير لترسانة أسلحة الدمار الشامل العراقية وتجاهل تقديرات خبراء الاستخبارات كان خاطئاً. وقال الدكتور برايان جونز، أحد الشهود الرئيسيين في التحقيق الذي اجراه اللورد هاتون، في مقابلة مع صحيفة "إندبندنت" نشرت أمس، ان هناك خطراً حقيقياً في ان يؤدي الفشل في العثور على اسلحة كيماوية وبيولوجية في العراق الى جعل الرأي العام يستنتج بان تبرير بلير للحرب كان "خدعة سياسية". وكانت حكومة بلير ادعت في ملف نشرته في ايلول سبتمبر 2002، ان نظام صدام حسين قادر على "نشر اسلحة كيماوية وبيولوجية خلال 54 دقيقة"، وذلك ضمن مساعيها لاقناع الرأي العام بضرورة شن الحرب. واعتبر جونز، الذي كان يشغل منصب رئيس فرع الاسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية في وزارة الدفاع البريطانية حتى كانون الثاني يناير 2003، ان مهلة ال45 دقيقة المشار اليها في الملف كانت واهية الى درجة انه كان مستحيلاً معرفة ما اذا كانت تشير الى اسلحة ميدانية او استراتيجية. وكشف جونز، الذي اطلع على تقويم الاستخبارات البريطانية ومن ضمنه الادعاء بمهلة ال45 دقيقة، للمرة الاولى، بأن الوثيقة كانت تشير الى "سيناريوهات ممكنة" وليس الى أي تهديد محدد يمثله العراق. وقال انها "كانت في الواقع مسألة غامضة الى درجة انه لم يكن هناك أي شيء محدد يمكن فعلاً الاستناد اليه". وارتفعت في بريطانيا الاسبوع الماضي اصوات تطالب بلير بالاستقالة بعدما اعترف بأنه لم يُبلّغ ما اذا كانت مهلة ال45 دقيقة لا تشير إلاّ الى اسلحة ميدانية. واستأثرت شهادة جونز امام لجنة التحقيق التي رأسها هاتون باهتمام وسائل الاعلام عندما كشف انه كان أبدى رسمياً اعتراضه على ملف الحكومة في شأن اسلحة الدمار الشامل العراقية. وعبّر في حديثه الى "اندبندنت" عن قلق كبير في تداعيات الفشل في العثور على مخزون الاسلحة العراقي، محذراً من ان ذلك سيلحق الأذى بالجهود المبذولة للحد من انتشار الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية. وقال إن الرأي العام سيكون اكثر شكاً في المرة المقبلة، إذا حاولت الحكومة التحذير من وجود تهديد آخر تمثله اسلحة الدمار الشامل. واضاف ان "الجمهور سيقول ان هذه الاسلحة لم تشكل أبداً أي مشكلة لأن القضية كانت خدعة سياسية". كما شكك جونز بالمعلومات التي قدمت إلى وزراء، من بينهم وزير الدفاع جيفري هون ووزير الخارجية السابق روبن كوك، حول مهلة ال45 دقيقة وارتباطها باسلحة ميدانية. وتساءل "من كان يقدم تلك المعلومات؟ اين كان الخبراء؟ من الواضح انه لم يكن هناك أي خبراء في تلك اللقاءات. وهناك تشويش كبير في شأن اسلحة الدمار الشامل".