اتخذت قضية انتحار خبير الأسلحة البريطاني ديفيد كيلي منحى جديداً أمس باستجواب شهود جدد وآخرين سبق أن أدلوا بشهاداتهم. واستجوب محامون من هيئة التحقيق شهوداً من بينهم رئيس الوزراء توني بلير ووزير الدفاع جيف هون. غير أن الاستجواب سيكون أصعب كثيراً، من الآن فصاعدا، وسيشمل مستشاراً للحكومة وأفراداً من أسرة كيلي وهيئة الاذاعة البريطانية. ولن يمثل بلير مرة أخرى أمام هيئة التحقيق لكن هون الذي يعتقد كثيرون انه سيكون ثاني ضحية بعد رئيس مكتب بلير الإعلامي اليستر كامبل، استدعي للمثول أمامها الاثنين المقبل. وقطع كيلي رسغه في تموز يوليو الماضي بعد الكشف عن انه مصدر تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية يتهم حكومة بلير بالمبالغة في التقارير حول ما يملكه العراق من أسلحة دمار شامل لكسب تأييد البريطانيين للحرب على العراق. وأوقع التحقيق الذي يرأسه اللورد هاتون رئيس الوزراء البريطاني في أسوأ أزمة يواجهها خلال سنواته الست في المنصب، وأثار تساؤلات خطيرة حول ملف الحكومة عن الأسلحة العراقية الذي عزز حملتها الرامية لكسب التأييد للحرب على العراق. وسيكون مارتن هاوارد نائب رئيس الاستخبارات العسكرية أحد الشهود الذين سيتم استجوابهم اليوم. وخلال صياغة الملف العراقي أبلغ اثنان على الأقل من ضباط الاستخبارات هاوارد عدم رضاهما عن كيفية عرض الدلائل الخاصة بوجود أسلحة دمار شامل في العراق. ومن المرجح أيضاً استجواب هاوارد عن دوره في خطة الحكومة لذكر اسم كيلي كمصدر لتقرير هيئة الاذاعة البريطانية. وقالت جانيس زوجة كيلي في التحقيق ان زوجها شعر بأن الوزارة خدعته بعدما كشفت انه مصدر تقرير هيئة الاذاعة. وكان متوقعاً ان يدلي ضابط شرطة في منطقة تيمز فالي وطبيب شرعي وكيت ويلسون المسؤولة في وزارة الدفاع بشهاداتهم أمس أيضاً. وأثارت الدلائل المطروحة أمام هيئة التحقيق شكوكاً حول مزاعم وردت في ملف بلير ان بامكان العراق استخدام أسلحة محظورة في غضون 45 دقيقة. وسلم السير ريتشارد ديرلاف رئيس جهاز الاستخبارات "ام اي 6" الاثنين بأن هناك ما يبرر انتقاد الملف لأن التأكيدات التي وردت فيه "أسيء تفسيرها". وكانت شهادة ديرلاف عبر دائرة تلفزيونية سابقة. وقال انه يؤيد الاستخبارات في الملف الذي صدر في أيلول سبتمبر عام 2002، لكنه أضاف ان الجزء الخاص بإمكان نشر أسلحة كيماوية أو بيولوجية في غضون 45 دقيقة كان المقصود به الاشارة الى أسلحة قصيرة المدى. الى ذلك، قال عباس بلاسم الخبير العراقي البارز في وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية أمس ان العراق لم يحي أبداً برنامجه السري للاسلحة النووية بعدما فككه مفتشو الاممالمتحدة في التسعينات. وأضاف المدير العام لقسم المواد الخطرة في الوزارة الجديدة "أعتقد بأن المفتشين كانوا يعرفون عندما ذهبوا... ماهية النشاط الذي كان هناك. وأنتم تعلمون أن اي برنامج للاسلحة النووية مسألة معقدة جداً". وأضاف: "سواء بالنسبة الى الأسلحة البيولوجية أو الكيماوية من الممكن المضي في شيء ما في هذا المجال. لكن في المجال النووي يتطلب الامر مفاعلا مثلا. ومن ثم كان من الصعب على العراق البدء مجددا في هذا الامر". وعمل بلاسم قبل الحرب في هيئة الطاقة الذرية العراقية. وتقول مؤسسة العلماء الاميركيين على موقعها على الانترنت ان الهيئة "أسست شبكة مشتريات كبيرة وآمنة وناجحة لدعم جهودها لتخصيب اليورانيوم والتسلح المخطط". وسئل عما إذا كان يصدق تأكيدات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها نجحت في تفكيك برنامج الاسلحة الذرية العراقي في السنوات السبع التي أعقبت رصد البرنامج عام 1991، فأجاب "أعتقد بأن هذا صحيح". وقال ان العلماء النوويين العراقيين يميلون الآن الى استخدام معلوماتهم ومهاراتهم لاغراض سلمية فقط. وأضاف: "خطة الوزارة الجديدة تتمثل في استغلال كل الانشطة لأغراض سلمية والقاء البرنامج السابق وراء ظهورنا".