تأمل مدينة البصرة، موطن السندباد البحري في الأساطير القديمة، بنهضة تعيد الى المرفأ مجده الغابر، وتجعله مجدداً محط أنظار منطقة الخليج بأكملها. وشكل وصول باخرة محملة مواد كهربائية الى مرفأ المعقل في كانون الثاني يناير حدثاً أعاد ذكرى حقبة بعيدة، عندما كانت حركة السفن تزدحم في شط العرب على مسافة 120 كلم كي تتمكن من الرسو لإفراغ حمولتها. ويأمل المرفأ الذي لم يشاهد اي سفينة تجارية منذ الحرب بين العراقوايران 1980 - 1988 بأن تسمح الحركة التي تنمو ببطء في الممر الصالح للابحار من شط العرب حيث يلتقي دجلة والفرات، باستعادة البصرة وضعها كمنفذ تجاري رئيسي للبلاد. حسين عواد مساعد مدير منفذ المعقل، الأقدم بين خمسة منافذ عراقية تطل على الخليج، قال ان غالبية الأرصفة الخمسة عشر تعمل مجدداً، في حين يستعد حوالى 400 موظف لمعاودة عملهم. وزاد ان اشغال اعادة التأهيل انتهت بمساعدة من سلطة "التحالف"، مؤكداً ان "العنابر كانت دمرت تماماً ويجب العمل لإعمار مبان أخرى في المرفأ". وتابع: "في 1979 كانت الحركة البحرية كثيفة جداً، وكان هناك ما لا يقل عن 500 سفينة تنتظر بين شط العرب والحدود مع ايران. آمل بأن تعود هذه الأيام". وتوقفت الحركة التجارية اثناء الحرب العراقية - الايرانية، وبدا حطام السفن التي تعرضت للقصف يعيق الملاحة، كما أدت أعمال العنف المرتبطة بالنزاع الى إفراغ المدينة من سكانها، في حين اجهز عليها الحظر الذي فرضته الأممالمتحدة اثر غزو الكويت. ووفقاً للتوقعات القائلة بازدياد الحركة التجارية، نظمت دوريات نهرية عراقية لمكافحة عمليات التهريب، خصوصاً في منفذ المعقل، بمساعدة الجنود البريطانيين المتمركزين في البصرة. وفي وقت تستعيد الأرصفة الحياة، يأمل السكان بأن تشهد المدينة المحاذية للمرفأ أياماً سعيدة كما في السابق، عندما كانت وجهة سياحية يقصدها العرسان العراقيونوالكويتيون الذين يريدون تمضية اجازة. وتسعى السلطات العراقية الى جذب استثمارات اجنبية بقيمة 750 مليون دولار لتأهيل المرافئ الخمسة. وتجمعت عائلات قليلة العدد في حديقة مليئة بالنفايات، هي ذاتها كان يرتادها مئات العراقيين والأجانب لسماع الموسيقى أو مشاهدة مسرحية في الهواء الطلق. ويرى فكري خالد حسين الذي احتفل أخيراً بزواجه، ان نقطة الجذب الوحيدة في البصرة، هي الحنين الى الماضي وتذكر عراق ما قبل الحروب. ويضيف "جئنا الى هنا لتذكر أيام طفولتنا عندما كنا نستمتع بالهدوء وصمت المكان وجماله".