تهيئ "الطيران العماني" لخطة خماسية ستعتمدها للاعوام 2006 - 2010، لمراعاة التقلبات والتغيرات التي تشهدها السوق الاقليمية والدولية، مع وجود رغبة للتوصية على طائرات عريضة البدن وهو ما يشكل قطيعة مع نهج الشركة التي تأسست العام 1993. وتعد الناقلة العمانية بسعيها الدؤوب الى تطوير قدراتها بعيداً عن الدعم المالي الحكومي، نموذجاً يحتذى للناقلات الاقليمية المتخصصة التي تحاول زيادة معدلات نموها بحذر، من دون تعريض نفسها الى مخاطر غير مبررة في السوق. تعتبر صناعة النقل الجوي الوطنية حديثة العهد نسبياً في سلطنة عمان اذ لم يمض على تأسيس شركة محلية متخصصة في هذا المجال اكثر من ربع قرن، وسهّل الاعتماد على خدمات "طيران الخليج" التي تملك السلطنة حصة رئيسية فيها عدم ايلاء اهتمام كاف بهذه الصناعة محلياً. وانشئت "الشركة العمانية لخدمات الطيران" العام 1983 شركة مساهمة برأس مال مقداره ثلاثة ملايين ريال عماني نحو 8.7 مليون دولار ومنحت حق امتياز حصري لمدة 20 عاماً لخدمات المناولة الارضية وخدمات التموين والشحن وتأمين الرحلات الخاصة بشركات النفط، ليصار الى تجديد امتياز الخدمات الارضية العام 2003 لمدة خمس سنوات وامتياز التموين لمدة عشر سنوات اخرى. ويقول ل"الحياة" عبدالرحمن البوسعيدي، الرئيس التنفيذي لشركة "الطيران العماني" والذي تدرّج في مناصب مختلفة في عالم الطيران منذ 1981 حتى تسلمه منصبه الحالي العام 2001: "يمكن تقسيم عمر الشركة الى مرحلتين: الاولى حتى العام 1993 والثانية ابتداء من 1993 حين أُنشأ الطيران العماني، وكان السبب الرئيسي لهذه الخطوة ان التشغيل الداخلي بين مسقط وصلاله كان يعتمد على طائرات "تشارتر" من طرازي "بوينغ 200 - 737" و"ترايستار" كانت تؤجرها "طيران الخليج" للشركة يومياً على هذا الخط وبطريقة ترغم المسافر المحلي ورجال الاعمال للذهاب والقدوم على مدار اليوم. وهذا لمسناه من خلال الاقبال المستمر على رحلاتنا وجداولنا المنتظمة العمانية. وكانت هذه الطائرات غير قادرة على تلبية الطلب المرتفع في موسم الخريف السياحي، وكذلك الامر بالنسبة الى الرحلات الى القاهرة". كما ان احد الاسباب البارزة التي دفعت الى اقامة شركة طيران عمانية كان تأمين تذاكر سفر بأسعار ارخص للرحلات الداخلية. ويضيف البوسعيدي: "استطاعت شركتنا منذ البداية ان تؤمن عدداً اكبر من الرحلات الداخلية وكذلك عوضت عن اي نقص على خطوط النقل الجوي الى الهندودبي. وهكذا نمت الناقلة التي باتت تشكل الآن 70 في المئة من اجمالي دخل الشركة الام". وبدأت "الطيران العماني" العمل بطائرتين "بوينغ 200 - 737" قديمتين استأجرتهما، وكانت لديها اربع طائرات "فوكر 28" تستخدم للنقل الى حقول النفط، بالاضافة الى طائرة "توين اوتر" التي تبلغ سعتها 12 راكباً. والعام 1995 استُبدلت طائرات مستأجرة من طراز "ايرباص 320" بالطائرات السابقة. وبعد عامين، أدت زيادة سعة الاسطول عبر استئجار طائرات "ايرباص 310" الى خسائر مرتفعة للشركة التي وجدت نفسها عاجزة عن ملء مقاعد طائراتها الكبيرة. وأثرت هذه التجربة في طريقة تفكير مسؤولي "الطيران العماني" الذين وجدوا انفسهم يلتزمون بطرازي "320" او "737" بناء على دراسة تشغيلية اعدها استشاري دولي. ويقول البوسعيدي: "خططنا للتوسع كانت حذرة وعقلانية. وقرارنا كان الاستفادة من شبكة "طيران الخليج" التي تعتبر ناقلاً وطنياً ايضاً للسلطنة ولذا تم التركيز في الخطوط الاقليمية وفي خدمتها برحلات مباشرة ومكثفة تخدم الراكب المحلي، الامر الذي اعطانا ميزة تنافسية، فمثلاً طيران الامارات تسيّر رحلتين يومياً بين دبيومسقط، الاولى عند الحادية عشرة صباحاً والثانية عند الحادية عشرة مساء. اما نحن فنسيّر سبع رحلات يومياً على هذا الخط وبطريقة تلائم المسافر المحلي ورجال الاعمال للذهاب والقدوم على مدار اليوم. وهذا لمسناه من خلال الاقبال المستمر على رحلاتنا وجداولنا المنتظمة". ويضيف: "اما بالنسبة الى التشغيل الدولي او على الخطوط بعيدة المدى، وبدلاً من المجازفة في تشغيل هذه الخطوط التي سنلقى عليها منافسة شديدة فقد رأينا ان الافضل لنا هو الدخول في تحالف استراتيجي مع طيران الخليج. وتم بالفعل ابرام اتفاق بدأ تنفيذه في منتصف 2003 بتقاسم الخطوط. فمثلاً انسحبت "طيران الخليج" من شرق افريقيا بينما زادت شركتنا من وتيرة رحلاتها الى تلك السوق. كذلك انسحبت طيران الخليج من بعض الرحلات بين مسقطودبي، في حين انسحبت "الطيران العماني" من خط مسقطابوظبي لان لدى طيران الخليج اربع رحلات في كل اتجاه على هذا الخط". ويؤكد رئيس الناقلة العمانية ان التحالف مع "طيران الخليج" سيتواصل ويتعزز، ويقول: "شاركنا في برنامج المسافر المتميز لطيران الخليج ونحن ننوي التوسع في كل مجالات التعاون معها". مشيراً الى "التعاون ايضاً مع شركات اخرى مثل "السويسرية" التي أُبرم اتفاق لتبادل الرموز معها على الرحلات بين مسقط وزوريخ، و"السيرلانكية" على الرحلات الى كولومبو علاوة على شركات عدة ابدت اهتمامها بتوسيع تعاونها مع الطيران العماني". دقة المواعيد ويعتبر البوسعيدي ان "اهم الميزات التي تجذب المسافرين الى الطيران العماني هي التزامها الدقيق بمواعيد الرحلات". ويضيف: "لدينا معدل التزام بالجداول يبلغ 99.17 في المئة. وهذا من ابرز الامور التي تميزنا والتي بنت سمعتنا كناقلة جوية تأخذ بجدية مسألة الاهتمام بالخدمة المقدمة للمسافرين، وفي طليعتها احترام وقته، وعدم التفريط بحقه في بلوغ وجهات اخرى قد يقصدها للقيام برحلات متابعة". ومن بداية بسيطة للاسطول الذي كان يضم طائرتين نفاثتين بات اليوم لدى "الطيران العماني" عشر طائرات ست منها نفاثة وثلاث اخرى "بوينغ 700 - 737" وثلاث "بوينغ 800 - 737" واربع مروحيات "ايه تي ار". ومن بين هذه الطائرات ثلاث نفاثة واثنتان مروحيتان تم الحصول عليهما ضمن عقود شراء. وبقدر ما تحسن اسطول "الطيران العُماني" كذلك تحسن الأداء المالي. ويقول البوسعيدي: "خلال العامين الماضيين حققنا أرباحاً تشغيلية وخلال الشهور التسعة الأولى من 2004 حققنا أرباحاً صافية تبلغ نصف مليون دولار، مقارنة بخسائر صافية خلال الفترة نفسها من 2003 مقدارها أربعة ملايين دولار. ولعل نصف مليون دولار ليس مبلغاً كبيراً لكن ما يفرحنا هو اننا حققنا هذه النتائج رغم ارتفاع كلفة الوقود 40 في المئة، أي أنه لولا ارتفاع سعر الوقود لكان الربح الصافي 5.5 مليون دولار". ويشير الرئيس التنفيذي للشركة إلى أن "التركيز سينصب خلال 2005 على الاستثمار في مجال تقنية المعلومات وبالذات اصدار التذاكر الالكترونية والحجز عن طريق الانترنت". ويقول: "نتوقع تنفيذ هذا المشروع منتصف 2005 ونحن نتفاوض لهذا الغرض مع شركات الحجز الآلي الأربع في العالم لتحديد الشركة التي سنعهد إليها بتطوير أنظمتنا لتتلاءم مع المعايير الدولية لاتحاد أياتا". ويضيف: "هذا التغير سيسمح بجعل مستوى الخدمة أفضل وكذلك يخفف كلفة المبيع، لأن 20 في المئة من سعر التذكرة يذهب لتغطية أكلاف الوكلاء من حوافز وعمولات، والمعاملات الورقية الخاصة بالإصدار". ويقول البوسعيدي: "النظرة الأبعد لدينا هي التنويع في النشاطات التي لها علاقة بالسياحة الوافدة إلى السلطنة، وما درجت عليه الطيران العُماني حتى الآن كان استقدام الوفود السياحية لتضعها بعد ذلك في عهدة وكالات السفر التي تنشط في السوق العُمانية. وما ننويه هو تطوير خدمتنا ليكون في وسعنا تقديم خدمة متكاملة للسياحة الدولية والاقليمية الوافدة استجابة لطلب مسافرينا، ولأننا نعرف طبيعة المنتج السياحي العُماني وقادرون على تقديم خدمة مميزة في مرحلة النهضة الحالية التي تركز السلطنة فيها على تعظيم موارد السياحة". ويكشف أن الناقلة "في طور الإعداد لاطلاق شركة تابعة تعنى بتنظيم الأنشطة السياحية وتقديم برامج متنوعة تتلاءم مع مختلف متطلبات السياح، من دون اغفال الفئات العليا من السياح وسياحة النخبة حتى لو ركزنا على الرحلات الجماعية التقليدية". ويضيف: "من الطبيعي أن تطور هذه الشركة الجديدة أنشطتها لتكون شركة سياحية دولية قادرة على تقديم منتجات سياحية ورحلات منظمة إلى وجهات عدة حول العالم، سواء تلك التي تخدمها رحلاتنا أو رحلات طيران الخليج أو رحلات الشركات الأخرى التي نتعامل معها". وبرأي البوسعيدي أن هذه الشركة "ستكون لها فائدة لا تخفى، إذ أنها ستسمح للطيران العُماني بامتلاك أداة ترويج مباشرة للوجهات الجديدة التي قد تفكر في فتح خطوط إليها، وبالتالي زيادة نسبة التشغيل المقعدية على رحلاتنا إليها". ويشير إلى أن هناك اقتراحات عدة يدرس احدها "أن تقام شراكة مع شركة عالمية متخصصة"، وإلى أنه "بوشر لهذا الغرض فتح حوار مع إحدى الشركات الدولية التي أبدت اهتماماً بالعمل معنا". كذلك "تفكر الشركة بعمق في زيادة سعة الشحن الجوي لديها". ويبرر ذلك بقوله إن "عُمان دولة مصدرة للأسماك والمأكولات البحرية - لا سيما التونة - إلى أسواق الشرق الأقصى وأوروبا، ومنها التونة الأصفر والقواقع وأم الربيان والصفيلح آبالون المرغوب بشكل كبير في الشرق الأقصى". إلا أن المصدرين يجدون صعوبة كبيرة في توصيل هذه المنتجات إلى الأسواق العالمية. وقد أجرينا دراسة جدوى بينت ربحية تسيير خطوط للشحن الجوي لنقل الأسماك والثمار البحرية العُمانية الى الشرق الأوسط وأوروبا". ويتوقف البوسعيدي عند الخطة الخماسية التي تعدها "الطيران العُماني" لأعوام 2006-2010 فيقول: "نحن طبعاً ننظر في المرحلة الأولى إلى تطوير شبكة التشغيل، وأنماط الطائرات التي قد نحتاجها بعدما انجزنا مرحلة التشغيل الاقليمي. وهذه الخطة ستحدد ما إذا كنّا سنستخدم في المرحلة المقبلة طائرات أكبر أم سنعمل على وجهات أبعد. ونحن مهتمون برؤية الانعكاسات التي سيتركها تزايد عدد شركات الطيران في المنطقة والتداعيات المحتملة إذا أقرت دول مجلس التعاون سياسة الأجواء المفتوحة أو طبقتها الهند بشكل كامل. لذا لن نحسم موضوع شراء طائرات جديدة إلا بعد انهاء هذه الدراسات". ويضيف: "طبعاً شراء طائرات إضافية من الطرازات الموجودة لدينا أمر قائم ونحن قررنا كل سنتين شراء طائرتين لمواجهة النمو، ولكننا نركز تفكيرنا على شراء طائرات أكبر، وهذا الأمر نضعه في الحسبان ونجري الدراسات بخصوصه". محطات في "الطيران العماني" - يعمل في الشركة العُمانية لخدمات الطيران 2500 موظف، منهم ألف في "الطيران العُماني" 100 موظف لكل طائرة، بينما يعمل 1500 موظف في المناولة الأرضية والتموين والشحن. - تعد برامج تدريب واسعة لتوطين العمالة، ووصلت نسبة العُمانيين في الشركة إلى 76 في المئة، وهي من أعلى نسب التوطين في عُمان. ومعظم موظفي الإدارة العليا من العُمانيين. - منذ الأول من تموز يوليو الماضي طورت الشركة 60 نوعاً من قوائم الأطعمة التي تقدم للمسافرين في الطائرة. ويبلغ انتاج وحدة تموين الطائرات عشرة آلاف وجبة في اليوم يؤمنها 120 طاهياً و200 موظف ل18 شركة طيران. وتتولى الوحدة أيضاً تموين الهيئات الخارجية مثل المدارس والكليات والمناسبات العامة المختلفة، ومنها 60 ألف وجبة لحفل تسليم الجائزة الكبرى لسباق السيارات الذي اقيم في البحرين في نيسان ابريل الماضي.