شهدت دورة الخليج السابعة عشرة ارتفاعاً عاماً في العطاءات الفنية لمعظم المنتخبات المشاركة، بما فيها المنتخب اليمني والذي لم يشارك سوى في الدورتين الأخيرتين. وصاحب هذا الارتفاع الفني هفوات كثيرة للاعبين يعدون من لاعبي الخبرة في المنتخبات الكبيرة مما أثر في نتائجها، وكان من الواضح أن الضغوط النفسية الكبيرة التي شهدتها هذه الدورة, إضافة إلى مستوى المنافسه المرتفع على تحقيق اللقب، فعلى رغم الترشيحات المبكرة للمنتخبين السعودي والكويتي إلا أن المراقبين كانوا يرون في المنتخب البحريني والمنتخب العماني فريقاً مرشحاً وبقوة لخطف اللقب. وأدت حساسية اللقاءات المرتفعة والرغبة الكبيرة من اللاعبين لتقديم مستوى مقرون بالنتائج دوراً سلبياً في ارتكاب الكثير من اللاعبين لهفوات محرجة, حرمت البعض البقاء في دائرة المنافسة, والبعض استطاع تعديل ما يمكن تعديله وعاد بقوة لمواصلة الركض نحو اللقب. الهفوات الكبرى تظل دائماً في ذاكرة الجماهير الرياضية، خصوصاً إذا صدرت من لاعبين يحتلون صدارة النجومية في بلدانهم. وإذا استعرضتا أبرز هفوات هذه الدورة, فستأتي هفوة الحارس العماني ونظيره القطري، في المباراة النهائية كأبرز الهفوات، استناداً إلى أهمية المباراة وهو ما يعكس ما ذكرناه سابقاً عن عامل الضغوط النفسية. فالحارس العماني علي الحبسي والذي سبق له الاحتراف في الدوري النرويجي، والذي يطمح إلى تعزيز وجوده من خلال إبراز قدارته في هذه البطولة، على أمل الحصول على عروض أخرى أفضل لدى الأندية الأوروبية، ونتيجة لذلك فقد ارتكب هفوة لا يمكن أن تصدر من حارس بإمكاناته, عندما صد تسديد كرة القطري وليد جاسم بأسلوب غير مناسب، وأعادها لمنطقة الخطر، مانحاً الفرصة للاعب القطري وسام رزق لتسجيل الهدف الأول لقطر بكل يسر وسهولة. ولم ينج الحارس القطري محمد صقر من حمى الهفوات حين سدد الكرة في جسم المهاجم العماني عماد الحوسني، لترتد لبدر الميمني الذي لم يتوان في إرسالها سريعة قوية لتهز شباك صقر، الذي لم يجد الوقت الكافي للعودة إلى موقعة. وبعيداً عن المباراة النهائية نجد أن الهفوات كانت في الأدوار السابقة حين ارتكب العملاق محمد الدعيع أخطاء جعلت الجمهور السعودي يصب جام غضبه عليه، ويعتبره احد المسؤولين عن الخروج من الدورة وعلى رغم أن أخطاء الدعيع كانت تأتي بسبب هفوات دفاعية جعلته في مواجهة مواقف صعبة إلا أن أبرز هفواته كانت في الهدف الثاني للمنتخب الكويتي، وهو الهدف الذي اعترف الدعيع نفسه بأنه يتحمل 80 في المئة من مسؤولية ولوجه المرمى السعودي. ولحق الحارس الكويتي شهاب كنكوني برفاقه حين ارتكب هفوة قاتلة بتمركزه السيئ أثناء انفراد لاعب قطر سيد البشير وتسرعه الذي أتاح للاعب القطري فرصة اختيار الوضعية الأنسب لإحراز الهدف. وحتى الحارس العراقي نوري صبري ظل في ذات فلك الهفوات حين أفلتت الكرة من بين يديه لتجد وليد جاسم الذي أودعها الشباك الخالية. واذا نظرنا إلى الهفوات السابقة سنجد أن الحارس اليمني معاذ عبدالخالق, هو الحارس الوحيد الذي لم يرتكب هفوات كبيرة, وقد يعود السبب في ذلك إلى عدم وجود ضغوط نفسية على المنتخب اليمني، أو مطالبات بتحقيق اللقب, إذ كان الهدف الرئيس هو المشاركة في الدورة إضافة إلى أن تصريحات مدرب اليمن كانت واضحه في هذا الشأن منذ البداية. وشملت الهفوات لاعبي العمق الدفاعي إذ يبدو أنهم شعروا بالغيرة من هفوات الحراس، حيث أصروا على ترك بصمتهم القوية بهذه الدورة بارتكاب عدد من الهفوات المؤثرة، بداية ًمن القطري عبدالله كوني، حين فشل في إبعاد الكرة لتتجاوزه وتصل للمتابع إسماعيل مطر الذي أودعها المرمى كهدف ثان للإمارات، وتكرر هذا المشهد مع المدافع السعودي رضا تكر، والذي ترك الكرة للمهاجم الكويتي بدر المطوع, الذي وجد نفسه منفرداً بالمرمى السعودي ليسجل الهدف الثاني لمنتخب الكويت، وشارك البحريني محمد حسين بهفوة أمام منتخب عمان بعد تباطؤه وتشتيته للكرة بعشوائية، لتجد العماني الخطير بدر الميمني الذي تعامل معها بهدوء وأسكنها مرمى البحرين هدفاً ثانياً. وعلى صعيد الأظهرة فقد ارتكب السعودي أحمد الدوخي هفوة كبيرة, بتحركه المفاجئ من حائط الصد لترتطم الكرة به، ويتحول مسارها باتجاه المرمى مخادعة للحارس الدعيع لتلج المرمى كهدف كويتي. وفي المقابل، فقد ارتكب الظهير الكويتي الأسر مساعد ندا هفوة أحبطت زملاءه ومنحت النتيجة والمركز الثالث للمنتخب البحريني. وعلى رغم هذه الهفوات الكبيرة والتي تعدها الجماهير أخطاء فادحة ولا تتسامح معها أو مع من ارتكبها من النجوم، إلا أنها لا تعكس سوى وضع نفسي خاص في دورات وبطولات معينة، يكون فيها الصراع النفسي في أوجه، إلا أنها لا تعني البتة التقليل من إمكانات أو قدرات هؤلاء النجوم, والكثير منهم لا يلتفت لهذه الهفوات بل يجبر الجماهير لاحقاً للتصفيق له وبحرارة, مثلما فعل حارس قطر محمد صقر الذي أرتكب هفوة كادت أن تئد الحلم القطري بالبطولة ولكنه بثقته في نفسه وتجاوزه لهفوته السابقة وعدم التفاته لها نجح في قيادة المباراة.