كان مؤتمر البجا من اوائل فصائل التجمع الوطني التي حملت السلاح لتقويض حكم الجبهة الاسلامية، ومنحت له الرؤى منذ البداية، وهي المطالب في الفيديرالية، وتقاسم السلطة والثروة. وفتح بذلك، لأول مرة في تاريخ السودان الحديث، القتال المسلح على الجبهة الشرقية الشمالية. لقد كان واضحاً لمؤتمر البجا ان اسقاط النظام الديكتاتوري يتطلب تضافر وتلاحم جميع قوى المعارضة. ولذلك انضم للتجمع الوطني الديموقراطي، والتزم بميثاقه. وخاض المؤتمر، بالتلاحم مع فصائل اخرى من التجمع الديموقراطي، معارك جبارة، وحقق انتصارات واضحة، وعلى رأسها تحرير بعض المناطق الشرقية. وكلفه هذا كثيراً من التضحيات. منذ قيام التجمع الوطني الديموقراطي، تحاول الحكومة تفكيكه، تارة بالسجون والتعذيب، وتارة بالترغيب وتقديم الاغراءات والتلويح بالمشاركة في السلطة. فسال لعاب بعضهم، فهرول من هرول للخرطوم راضياً ببعض المناصب الهامشية. إلا أن التجمع لم يتأثر كثيراً، فازداد تمسكاً بمواثيقه وقراراته، ومواصلاً لنضاله لتحقيق الديموقراطية والعدالة. وفي هذه الظروف، وانكشاف بطش الحكومة بالأقليات الاثنية، وخصوصاً في غرب السودان، وازدياد الاهتمام الدولي والاقليمي، وتصعيد الضغط على الحكومة لاجبارها على عقد مؤتمر دستوري جامع، يكون التجمع قد بلغ نقطة تحول هامة في نضاله لتحقيق الديموقراطية وتقويض النظام الديكتاتوري. وإضعاف التجمع في هذا الوقت الحرج هو إضعاف لقضية البجا، بل هو تقديم خدمة جليلة للحكومة لم تكن تحلم بها. لقد تقوى مؤتمر البجا بانضمامه للتجمع، وقوى الانضمام التجمع، وأي انسحاب منه، في هذا الوقت بالذات، فيه إضعاف للجانبين، وتقوية للوضع الديكتاتوري في الخرطوم. هذا هو منطق الاحداث، لقد قدمنا كثيراً من التضحيات لتقويض ذلك الوضع. فهل ننسى هذا. هل بلغ بنا اليأس درجة تنفيذ سياسة"عليّ وعلى اصدقائي يا رب"؟ لقد فوجئ كثيرون من ابناء البجا في الداخل والخارج بقرار الانسحاب من التجمع. وكثرت المجموعات المتحدثة باسم البجا في الآونة الأخيرة، وكثرت بياناتها. ولوضع حد لهذه الفوضى يجب عقد مؤتمر عام تشارك فيه مناطق البجا لتحديد الاهداف، وتوحيد القيادة، وتحديد الاستراتيجية. ألمانيا - د. أبو محمد أبو آمنة طبيب بجاوي [email protected]