تسارعت التطورات في ساحل العاج أمس مع مقتل ثمانية جنود فرنسيين وجرح 23 آخرين في قصف نفذته القوات الحكومية ضد موقع لقوات السلام الفرنسية في بواكي وسط. وردت القوات الفرنسية بتدمير طائرتين للجيش العاجي من طراز "سوخوي" على الارض في مدينة ياموسوكرو وسط البلاد. وقتل 11 شخصاً وجرح مئة آخرون في قصف شنه طيران ساحل العاج على مدن في شمال البلاد تسيطر عليها القوات الجديدة المتمردون السابقون، ورد المتمردون بالتهديد بهجوم مماثل إذا اجتازت القوات الحكومية "منطقة الثقة"، ما أثار مخاوف من نشوب حرب أهلية في البلاد، دفعت الاتحاد الأفريقي إلى التحرك أمس وعقد محادثات طارئة على مستوى رفيع لاحتواء الأزمة. وأعلن الناطق باسم المتمردين السابقين صديقي كوناتي أن محطة المسافرين في فافوفا وسط تعرضت الجمعة لقصف بطائرات من طراز "سوخوي" تابعة لجيش ساحل العاج، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وتحدثت مصادر متطابقة في حصيلة سابقة عن سقوط ثلاثة قتلى وعشرة جرحى. ووصف قائد القوات الجديدة غيوم سورو التحرك العسكري بأنه "انقلاب حقيقي"، واعتبر في بيان "أن هذا الانقلاب كان متوقعاً وقد أعلن عنه، وما آل إليه في شكل طبيعي هذا المسار البديهي ما كان ليغيب على أكثر المراقبين سهواً". وأضاف أن رئيس ساحل العاج "لوران غباغبو يعلم أن مصيره السياسي محسوم إذا عاد الوضع إلى طبيعته، وأن الحرب هي فرصته الوحيدة"، معتبراً أن "على الأممالمتحدة أن تتحرك لفرض وقف حقيقي لإطلاق النار"، مهدداً بالهجوم على القوات الحكومية إذا اجتازت "منطقة الثقة". وسارع الرئيس النيجيري أولوسيغون أوباسانجو الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي إلى عقد محادثات على مستوى عال في مزرعته في آبوجا، في شأن الأزمة في ساحل العاج، بحسب تأكيد الناطق باسمه ريمي أويو. وقال أويو إن الاجتماع يجسد القلق البالغ الذي تبديه نيجيريا والاتحاد الأفريقي بشأن مناطق الأزمات عبر القارة الأفريقية. وشارك في الاجتماع رئيس المفوضية الأفريقية ألفا عمر كوناري، يرافقه ممثله الخاص المكلف شؤون ساحل العاج أندريه ساليفو والمفوض الأفريقي المكلف شؤون السلام والأمن سعيد دجينيت. كما التقى كوناري وفداً وزارياً من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. ووصف مجلس الأمن الدولي عمليات القصف "بالخطيرة" وطالب "باحترام كامل" لوقف إطلاق النار. وتشن قوات جيش ساحل العاج منذ الخميس غارات جوية على مواقع المتمردين السابقين في شمال البلاد، مهددة بإعادة اندلاع النزاع، في حين تتعثر عملية السلام منذ أشهر عدة. يذكر أن ساحل العاج مقسمة إلى قسمين منذ اندلاع حركة التمرد على الرئيس لوران غباغبو، في أيلول سبتمبر 2002، ونشرت قوات الأممالمتحدة وقوات فرنسية في البلاد لا سيما في "مناطق الثقة" التي تفصل الطرفين. ويسيطر المتمردون السابقون على شمال البلاد، في حين تبقى عملية السلام المنبثقة من اتفاقات ماركوسي الموقعة في فرنسا في كانون الثاني يناير 2003، متعثرة منذ أشهر. ونشرت قوات الأممالمتحدة في ساحل العاج ستة آلاف عنصر، وقوات فرنسية أربعة آلاف عنصر، لا سيما في "مناطق الثقة" التي تفصل الطرفين.