المسؤول الأول عن كل ما حصل لمدينة الفلوجة هم الذين جيشوا البعثيين، وأعطوهم الشرعية، وسموه "لواء الفلوجة". علماً ان تلك الثلة من البعثيين ما كانوا في قديم الزمان سكانها، فهم التجأوا الى الفلوجة هرباً وخوفاً من ثأر عوائل السجناء السياسيين والمقبورين جماعياً، وذوي اللاجئين في رياض الله. هرب البعثيون بعد سقوط صنم صدام، الى الفلوجة والرمادي وغيرهما. اما من الجانب الاجتماعي فقد جعل صدام من ضباط استخباراته وحوشاً تفترس كل من يخاف منها، اي "انحرفوا" وأصبحوا "المنحرفين" راجع كتاب "المنحرفون"، 1964، وزارة الدفاع العراقية، بغداد. والمنحرفون ينصاعون لكل من يعطيهم الشرعية الرسمية على انهم طبيعيون، ويستحقون رواتب من المال العام، وكأنهم "كريما" المجتمع، والقدوة الصالحة. لذلك لا بد من ان تأتي معاشاتهم من المال العام الدولة. فعليه اصبح "لواء الفلوجة" يستوعب ذوي الطبيعة الشاذة، ومن يتمتع بالإجرام. وليكن ما كان، ومن اي قومية. وهنا لا تلعب الإيديولوجية الفاشية اي دور غير وسائل بطشها. لذلك انتفخ "لواء الفلوجة" بشكل شارد ووارد. ولا شيء سوى القتل برنامجاً، حتى يُقتل. هكذا كُتب على اهل الفلوجة ان يعترفوا بالمنحرفين على أنهم طبيعيون، وأنهم جيش الدولة الرسمي الوحيد على مستوى العراق، وعلى حساب سكان الفلوجة الذين عاشوا بأمان قبل ان يلتجئ إليها جلادو النظام البعثي. وعندما حل الشيطان في "لواء الفلوجة"، فعشعش ونما برواتب الدولة، وفرّخ الشيطان في بيوضه التي تغذت بالتسليح الرسمي حتى اصبح لها جناحان تطير بهما من اعشاشها في كل الاتجاهات. وكلما تمرنت على الطيران ازدادت الشياطين الجدد بسرعة لتصل ليس الى ارجاء العراق كله فحسب، بل تعدى طيرانها الحدود. فلما تم قطع الرواتب وسحب الشرعية من "لواء الفلوجة"، انطلقت الشياطين الطائرة بكثافة كأنها كسرت اقفاصها. وهم أقذر الإرهابيين يقطعون رؤوس الأبرياء "على الطريقة الإسلامية"، والإسلام منهم براء، لأنهم هم البعثيون الذين طمسوا الملايين من شعبهم حتى أدمنوا القتل والإرهاب. وهم اصلاً ينتمون لمدرسة صدام للإجرام. وصدام صنيعة اميركية وسي آي ايه لا تزال تسهل تلويثها. اما تنظيم الإرهاب في عموم العراق فقد ارتبط آنذاك بتعيين زملاء ضباط "لواء الفلوجة" في السلطة ببغداد، كوزراء الدفاع والداخلية والاستخبارات. وعلاوي يبارك ويحلم ببعث جديد، وديكتاتور جديد يرث صدام. فيزداد الإرهاب طرداً مع عودة البعثيين. ولكن التاريخ لا يبقي للديكتاتور المطلق عندما يسقط اي وريث. لذلك فالبديل هو الديموقراطية. هكذا حصل بعد سقوط هتلر وموسوليني وفرنكو، وفي شيلي ورومانيا ويوغوسلافيا. وستحل الديموقراطية في العراق. هامبورغ - د.لطيف الوكيل استاذ علوم سياسية