حملت "الحركة الشعبية" لتحرير السودان بزعامة جون قرنق بعنف على الحكومة السودانية واتهمتها بالمراوغة في إكمال اتفاق السلام، في وقت استأنف فيه مفاوضون من الطرفين جولة مهمة من المفاوضات لتحقيق السلام خلال ثلاثين يوماً. وفي غضون ذلك دعت "الحركة الشعبية" قياداتها الى اجتماع عاجل في جنوب السودان وسط أنباء عن خلافات بين قرنق ونائبه سيلفا كير. وألقت التقارير الصحافية عن صراعات بين قرنق وسيلفا كير بظلال سالبة على جولة المفاوضات التي أستؤنفت أمس في ضاحية نيافاشا الكينية. وقال الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان، ان "تصريحات بعض قادة النظام وعلى رأسهم النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه ومحاولاتهم التفاوض مع الحركة عبر وسائل الاعلام غير لائقة، وتؤكد بوضوح ان النظام لا يزال يراوغ في إكمال اتفاق السلام". وتعهد طه وقرنق امام مجلس الأمن بالتوقيع على اتفاق نهائي للسلام قبل انتهاء العام الجاري. واتهم عرمان الحكومة ب"ترويج حملة اشاعات لشق الحركة الشعبية بالتضامن مع بعض الساسة الذين حزت في أنفسهم انجازات الحركة، وتوهموا ان لا مكان لهم بعد اتفاق السلام وان الطريق الوحيد أمامهم هو العمل مع دوائر السلطة لضرب وحدة الحركة". واعتبر هؤلاء "خونة والخيانة لا تقبل التبرير". وفي شأن الخلافات بين قرنق ونائبه سلفا كير، أقر عرمان بذلك قائلاً إن "الحركة بطبيعتها كتنظيم وطني ديموقراطي عريض فيه تيارات معلومة للقاصي والداني، لكن علينا ان نفرق بين التباين في وجهات النظر داخل القيادة وبين المتربصين بوحدة الحركة". وزاد: "سيطول انتظار من ينتظرون جثة الحركة قرب ضفة النهر"، مشيراً الى ان "القائد سلفا كير أحد مؤسسي الحركة وظل على الدوام في داخل صفوفها ومدافعاً عن وحدتها وسيبقى كذلك". وفي السياق ذاته دعا قرنق قيادات حركته الى اجتماع لاجهزة الحركة التنفيذية وقادتها العسكريين "للخروج بخطط موحدة لمناقشة القضايا السياسية الراهنة" سيحضره قرنق ودعي اليه سلفا كير الاسبوع المقبل في جنوب السودان. وتعرضت "الحركة الشعبية" التي تأسست في الجنوب في العام 1983 لانشقاقات سابقة كان أبرزها في العام 1991 وشهد خروج قادة نافذين مثل كاربيتو كوانين ورياك مشار ولام أكول الذين اتفقوا مع الخرطوم في العام 1997، إلا ان مشار وأكول عادا مرة اخرى وتوحدا مع حركة قرنق، فيما قتل كاربينو في ظروف غامضة بعد تمرده على الحكومة وسيطرته على أجزاء من مدينة واو المهمة لساعات عدة. وفي شأن المفاوضات التي انطلقت أمس، شدد عرمان على تمسك الحركة بتمويل جيشها من الخزانة العامة لأن اتفاق الترتيبات الأمنية "نص على قومية الجيشين وليس قومية جيش واحد"، فيما ترفض الخرطوم الصرف على جيش قرنق. وفي نيروبي، قال رئيس فريق الوساطة الجنرال الكيني المتقاعد لازارو سومبيوو، أمام المشاركين في المفاوضات أمس "إن ضرورة اختتام جولة" المحادثات باتفاق "امر ملح". وأوضح في رسالة تلاها مساعده لوكالة "فرانس برس" عبر الهاتف "تم التوصل الى حلول مسائل عدة تتعلق بتفاصيل وقف اطلاق النار وتطبيق اتفاق سلام. لكن ما زال هناك الكثير من العمل". ويمهد الاجتماع الذي بدأ أمس للقاء مباشر اعتبارا من السادس من كانون الاول ديسمبر بين علي عثمان طه وقرنق. واوضح وسيط آخر انه "اذا لم يتم التوصل الى اتفاق حتى ذلك التاريخ، فسنعلق المفاوضات في فترة اعياد الميلاد ونستأنفها في 27 كانون الاول لوضع اللمسات الاخيرة". وافاد مصدر رسمي في نيروبي ان المفوض الاوروبي لشؤون التنمية لوي ميشال سيتوجه الاسبوع المقبل الى كينيا حيث يعتزم توجيه الدعوة الى المتفاوضين للتوصل الى اتفاق سريع. وسيصل ميشال الاثنين الى كينيا آتيا من السودان، وسيجري محادثات مع الجنرال سومبيوو.