قبل 48 ساعة من حسم السباق الرئاسي الى البيت الأبيض بين الرئيس الجمهوري الحالي جورج بوش ومنافسه الديموقراطي جون كيري، استبعد محللون سياسيون ومقربون من الحملتين "تغييراً جذرياً" أو "زحزحة عن الخط الحالي" في ولاية بوش الثانية في حال فوزه بالانتخابات راجع ص 7 و8. فيما راهن آخرون على "انخراط أكبر" لكيري في عملية السلام وعودة جزئية الى خط الرئيس السابق بيل كلينتون لكن من دون أوهام. وعلى رغم توقعات بضخ مزيد من الاعتدال وتحقيق انجازات في الولايات الثانية أو الادارات الجديدة، أجمع المراقبون على أن أحداث 11 أيلول سبتمبر أضعفت هذا الاحتمال لمصلحة الأمن القومي وقضايا الحرب على الارهاب. وأكد دنيس روس المبعوث السابق للشرق الأوسط في ولايتي جورج بوش الأب 1988-1992 وبيل كلينتون 1996-2000 في حديث مع "الحياة" أنه يتوقع "التزاماً أكبر من كيري في اعادة احياء عملية السلام، وعودة الى طاولة المفاوضات بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني". وأضاف أن تعهدات المرشح الديموقراطي بتعيين مبعوث مرموق الى المنطقة، واعادة تشكيل الفريق الرئاسي لعملية السلام تعطي "اشارات الى دور أكبر للادارة الأميركية على خط الصراع". لكن روس لم يستبعد ان يضطر الرئيس بوش، في حال فوزه، الى تدخل أكبر في العملية بسبب جسامة الأحداث وتاريخيتها بدءاً بخطة الانسحاب من غزة ومصير الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات." وتحتل قضية النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي أولوية لدى الناخب اليهودي - الأميركي، والذي حاول كيري استرضاءه منذ بدء حملته بطرح أسماء بارزة في ولاية كلينتون لتسلم حقيبة المبعوث للمنطقة ومن بينها روس نفسه وريتشارد هولبروك ومارتن أنديك، وجميعهم قريبون من الجالية اليهودية. وأشار استطلاع للرأي أعده المركز اليهودي الأميركي الى ان 75 في المئة من اليهود الأميركيين يفضلون كيري مقابل 25 في المئة لبوش، في حين لم تتعد هذه النسبة ال 19 في المئة للجمهوريين في العام 2000. كما أشارت جداول التبرعات الى ذهاب 65 في المئة من مساهمات اليهود الى الحزب الديموقراطي، وأبرزها من البليونير جورج سوروس وجون كوهين. وتتفق الباحثة آيمي هوثرن محررة "نشرة الاصلاح العربي" في "معهد كارنيغي للسلام" مع روس في شأن التدخل الأكبر لادارة محتملة لكيري في العملية السلمية، لكنها لفتت الى تلاقي المرشحين والحزبين على الخطوط العريضة للسياسة الأميركية مع الاختلاف في "اللهجة". وحددت هوثرن ل "الحياة" هذه الخطوط بأربعة عناوين رئيسية، وهي: المصالح النفطية، محاربة الارهاب، الاستقرار الأمني في العراق ودول الجوار، وضمان أمن اسرائيل ومصالحها. وفيما اشارت الى "تغييرات الاستراتيجية" فرضتها ادارة بوش على البيت الأبيض خلال الاعوام الأربعة الماضية، خصوصاً تصعيدها لهجتها في مسائل "الاصلاح ونشر الحرية في المنطقة"، رأت هوثرن أن الوضع مختلف على أرض الواقع. وأكدت أن كلمات بوش حول الاصلاح بقيت حبراً على ورق "نظراً الى الانجازات المتواضعة في مجالات الاصلاح في المنطقة". واستبعدت أي تغيير جذري في هذه المسائل في المدى القصيرخصوصاً مع تأزم الوضع في العراق، وضعف اصوات المعتدلين. ووضعت هوثرن الرأي العام الأميركي والوضع الامني في العراق في صلب المعايير التي تحدد سياسة أي من الفائزين في انتخابات الغد. ويعارض رجل الأعمال العربي الجمهوري زياد عبد النور، وهو قريب من الادارة الحالية، كل هذه التوقعات مؤكداً أن بوش "سيستكمل مسيرة نشر الحرية والديموقراطية في المنطقة في حال فوزه في ولاية ثانية". وأشار عبد النور ل "الحياة" أن "كيري سيعيد عقارب السياسة الأميركية الى زمن كلينتون"، والتي تبرز فيها سياسة "الاحتواء" و"الاستقرار الأمني والسياسي". وأكد أن "لا رجعة الى أيام بوش الأب" في حال نجاح الجمهوريين، نظراً الى "ايمان بوش بضرورة التغيير الشمولي للأنظمة في المنطقة". ويمثل عبد النور أقلية في الجالية العربية الأميركية، التي حسمت قرارها بحسب استطلاعات الرأي وتأييد 54 في المئة منها لكيري مقابل 31 في المئة للرئيس الحالي. ويكشف خبير الشؤون الأميركية من معهد بروكينغز عزة ابراهيم، احتمال اتجاه ادارة مقبلة لبوش في خط معتدل، بسبب "عدم التزاماته الانتخابية" و"في خطوة لاسترضاء المعتدلين في الحزب الجمهوري". ويجمع المراقبون على صعوبة توقع تغييرات جذرية في حال فوز كيري، خصوصاً أن اعتداءات 11 أيلول والحرب على الارهاب نقلت المجتمع الأميركي أكثر الى خط اليمين الذي عمل كلا المرشحين على استرضائه.