دخل الرئيس باراك أوباما في سباق مع الوقت لوقف المد الجمهوري الذي يهدد باكتساح الغالبية في الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي الثلثاء المقبل، ما يفرض تغييراً جذرياً في أجندة البيت الأبيض، ويدفعه الى التعايش مع سياسات الجمهوريين واسترضائهم. وتوقعت الاستطلاعات في الأسبوع الأخير قبل الانتخابات، تقدماً مريحاً للجمهوريين في انتزاع الغالبية في مجلس النواب، في مقابل معركة ضارية على مجلس الشيوخ تدور حول خمسة مقاعد تقرر هوية الفائز. وعكست الحملة قبل ستة أيام من التصويت، ارتباكاً لدى الحزب الديموقراطي وهرولة سريعة لقياداته الى ولايات الساحلين الغربي والشرقي التي لم تكن في خانة المنافسة وتعكس الاستطلاعات فيها ارتفاع حظوظ الجمهوريين. وبدا ان المعركة الانتخابية تجاوزت خطوطها التقليدية، اذ برزت منافسة جمهورية قوية في ولايات كاليفورنيا وكونتيكيت المحسوبتين تقليدياً على الديموقراطيين الذين التفوا في المقابل على معاقل للجمهوريين في كنتاكي ومينيسوتا وكولورادو. وأوحى نمط المنافسة بانقلاب الناخب على الواقع السياسي في واشنطن والنواب الحاليين سواء كانوا من الحزب الديموقراطي أو الجمهوري، وتفضيله الى حد بعيد المرشحين «المغردين خارج السرب» الفيديرالي والذين يخوضون السباق للمرة الأولى. من هنا يأتي تقدم الجمهوريين كونهم في صف المعارضة، وتعطيهم الاستطلاعات أرجحية الفوز بمجلس النواب الذي يسيطر عليه الديموقراطيون (بغالبية 39 مقعداً حالياً) وبفارق قد يتراوح بين 40 و70 مقعداً. واذ يحاول أوباما ومعه سلفه بيل كلينتون وقف الزخم الجمهوري باستضافة تجمعات انتخابية في الولايات الحاسمة وتسويق ورقة الديموقراطيين الاقتصادية، يحاول الجمهوريون توظيف النقمة الشعبية على ارتفاع البطالة (9.7 في المئة) والعجز في الموازنة والقاء اللوم على أجندة أوباما وتمريره خططاً فيديرالية باهظة الثمن، مثل الضمان الصحي وخطة انقاذ المصارف في خضم الأزمة الاقتصادية. ويجد خطاب الجمهوريين آذاناً صاغية لدى الطبقة الوسطى والمستقلين الذين صوتوا بغالبيتهم لأوباما في 2008 ويعبرون حالياً عن خيبة أمل بسبب بطء دورة التعافي الاقتصادي. في الوقت ذاته، يحاول الديموقراطيون وضع النقاط على الحروف والإشارة الى «الإرث الثقيل» الذي حمله أوباما من سلفه الجمهوري جورج بوش، وخسارة الولاياتالمتحدة 800 ألف وظيفة خلال ولايتي الاخير. ويتوقع المراقبون تكراراً لسيناريو 1994 الذي يضع أوباما في الموقف ذاته الذي واجهه كلينتون بعد خسارته الكونغرس ذلك العام وحصد زعيم مجلس النواب الجمهوري يومها نيوت غينغريتش غالبية كبيرة (54 مقعداً) أجبرت كلينتون على تغيير أجندة الحكم الداخلية. وفي حين يستبعد أن تصل مكاسب الجمهوريين الى هذا الحد هذه المرة، فإن التركيبة الجديدة للكونغرس، ستفرض على اوباما نمط حكم مختلفاً، اذ سيضطر الى الحد من طموحاته والتخلي عن خطط تمرير قوانين بحجم الضمان الصحي واصلاح النظام المالي والتي طبعت اول سنتين له في الحكم. وسيضطر الرئيس الى استرضاء الجمهوريين بقوانين تعزز التجارة الحرة والاستثمار في الطاقة أو اصلاح نظام الهجرة.