أكدت مصادر سورية رفيعة المستوى ل "الحياة" وجود "قرار رسمي" بإعداد دراسة لاعمار مدينة القنيطرة المحررة - المدمرة في الجولان السوري المحتل منذ العام 1967 مع ابقاء بعض "المواقع المؤثرة شاهداً على جرائم الاحتلال الاسرائيلي". ويكتسب هذا المشروع أهمية سياسية لأن الحكومة السورية حافظت على القنيطرة خلال الثلاثين عاماً الماضية مدمرة كلياً مثلما تركتها القوات الاسرائيلية قبل انسحابها بموجب اتفاق فك الاشتباك للعام 1974. ومذاك اصبحت وجهة للزوار الرسميين والاعلاميين ل "لاطلاع على الهمجية الصهيونية". وتزامن مشروع اعادة الاعمار والاحصاءات مع اعتماد "الجبهة الوطنية التقدمية" اعلى ائتلاف سياسي من الاحزاب المرخصة ميثاقا جديدا حذفت منه عبارة "لاصلاح ولاتفاوض مع الدولة الصهيونية" مقابل اعتبار "تحرير اراضي العام 1967 خياراً استراتيجياً". وقيل ان السفير مارتن انديك طرح خلال لقائه الاخير مع الرئيس بشار الاسد "فكرة اعادة اعمار القنيطرة كمؤشر الى التزام السلام مع اسرائيل كخيار استراتيجي" وان لجنة وزارية تضم خمسة وزراء بينهم وزير الخارجية فاروق الشرع ستشرف على المشروع، اضافة الى موافقة اسرائيل على الانسحاب خمسة كيلومترات في القسم الجنوبي من المدينة لتسهيل عملية اعادة الاعمار. ولم تحصل "الحياة" على تأكيد لذلك. لكن المصادر ذاتها اوضحت انه "كانت هناك نقاشات مطولة لهذا الموضوع وتقرر اخيراً اعتماد مبدأ دراسة منطقة الجولان ككل واعادة اعمار المدينة المحررة مع ابقاء بعض المواقع المؤثرة كشاهد على جرائم الجيش الاسرائيلي". ووضع النائب عن القنيطرة نصر الدين خير الله هذا المشروع في اطار "خلق كثافة سكانية تكون حجر الاساس للتحرير لأن الانسان اقوى من الصاروخ". واوضح ل "الحياة" ان دائرة الاحصاء طلبت من اهالي القنيطرة والقرى المجاورة "تقديم ثبوتات لتملكهم عقارات او اراض او استئجارهم بيوتاً" قبل عملية الاحتلال في العام 1967 وان المدينة قسمت الى تسعة احياء، لافتاً الى انه اقترح ترك "مدرسة الشهيد احمد مريود دليلاً عن وحشية الاحتلال". وفيما قالت المصادر ان "الفكرة لم تتبلور بعد الى مشروع ملموس وخطط تنفيذية". اشار خير الله الى ان المشروع يقترح بناء نحو 22 منزلاً في المدينة. كما ان النائب السابق عن القنيطرة مدحت صالح اوضح ل "الحياة" ان المشروع يتضمن اعمار نحو الف وحدة سكنية. لكن نائب محافظ القنيطرة نديم ميرزا اوضح ل "الحياة" امس: "طلبنا من الاهالي تعبئة استمارات بالسكان والممتلكات والمنشآت لتوفير قاعدة بيانات ومعطيات تكون اساس المرحلة اللاحقة"، مشيراً الى ان عملية جميع المعطيات ستنتهي في الاسبوع الاول من الشهر المقبل. وقال مراقبون ان قطرواليابان ستمولان المشروع على "اساس الاعتقاد بأن قطر لعبت دوراً سياسياً في هذا الموضوع"، فيما أكد خير الله أن "دولاً شقيقة وصديقة ستساهم في التمويل". لكن مصادر السفارة اليابانية اوضحت ل"الحياة" انها لم تتلق الى الآن طلباً رسمياً، مشيرة الى ان اليابان التي تنشر نحو 50 جندياً في "القوات الدولية لفك الاشتباك" قدمت في السنتين الاخيرتين معدات طبية وزراعية و500 سيارة الى محافظة القنيطرة، وانها تقدم سنوياً 30 مليون دولار اميركي بينها 15 مليوناً كهبات. وبالتوازي مع هذا المشروع، تواصل محافظة القنيطرة خطتها لبناء ثلاث قرى واسكان 1670 عائلةعائلة: في "ضاحية العودة" 200 عائلة وقبالة مجدل شمس كبرى القرى الواقعة تحت الاحتلال 800 عائلة و"العدنانية" 670 عائلة. وتبلغ مساحة الجولان السوري 1860 كيلومترا. وفي حرب حزيران يونيو العام 1967 احتلت اسرائيل 1260 كيلومتراً مربعاً وجرى تحرير 600 كليومتر مربع حرر بعد حرب تشرين الاول اكتوبر العام 1973. وفي حين بقي تحت الاحتلال نحو عشرين الف سوري في خمس قرى، نزح 53 الفاً عن 157 قرية و176 مزرعة. لكن عدد النازحين ارتفع الى 500 الف بينهم 150 الفا في مدينة القنيطرة. وهم يسكنون في احياء ومناطق مختلفة حول دمشق. ويقومون بزيارات سنوية للوقوف على ممتلكاتهم وبيوتهم خصوصاً في 17 نيسان ابريل الذي يسمح فيه لجميع السوريين بالذهاب الى الجولان من دون موافقات رسمية بموجب اتفاق فك الاشتباك. واطلقت الحكومة قبل سنوات مشاريع لبناء قرى مقابلة لتلك المحتلة او مكانالمدمرة، اذ بلغ عدد القرى المبنية الى الآن تسعاً بينها "صيدا" و"الحرية" و"البعث" و"بئر عجم".