شهدت الساحة السياسية في البحرين أمس حدثين بارزين، أولهما نجاح مجلس النواب، بعد مناقشات ساخنة، في تمرير اقتراح ب"تخصيص 500 دينار لكل أسرة بحرينية يقل دخلها عن ألف دينار، من فائض إيرادات النفط"، والثاني يؤشر الى مواجهة سياسية بين السلطة والمرجعية الدينية الشيعية بعدما قررت الاخيرة، على خلفية تشكيل"المجلس الإسلامي العلمائي"، رفض لقاء وزير الشؤون الإسلامية المقرر اليوم. وضمت الهيئة المركزية المكونة من سبعة أشخاص لقيادة المجلس الشيخ عيسى أحمد قاسم رئيسا، وسيد عبدالله الغريفي نائبا، وهما أعلى شخصيتين مؤثرتين في القرار السياسي الشيعي، إضافة الى شخصيات اتهمتها الحكومة سابقا بالمشاركة في أعمال مناهضة لها، وعادت إلى البحرين بعد تدشين الإصلاحات السياسية، بينها الشيوخ محمد حبيب وحيدر الستري وعادل الشعلة. وقالت مصادر رسمية رفيعة ل"الحياة"انه"يهمنا أن لا يكون هناك انشقاق. وتأسيس مجلس إسلامي شيعي هو توجه نحو الانشقاق"، وأضافت"غدا سيقوم السلفيون بإنشاء مجلس خاص بهم، وسيتبعهم الإخوان المسلمون". واعتبرت تأسيس مجالس خاصة بكل مذهب"ترسيخاً للطائفية"، في مقابل الدعوة إلى"التقريب بين المذاهب". وكان وزير الشؤون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، قال في بيان مساء أول من أمس، في أول رد فعل رسمي على تشكيل المجلس"انه لا يتفق مع مواد الدستور، ويضر بالوحدة الوطنية ويؤثر على التقارب المذهبي الذي تسعى البحرين لتقويته على الدوام". وأشار إلى ان خطوة تأسيس مجلس يعبر عن مذهب واحد من شأنه أن يفتح بابا لقيام مجالس أخرى متعددة ومتباينة، ما يؤثر سلبا على الصف الديني والوطني، ودعا في رسالة بعث بها إلى العلماء إلى"المشاركة في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية"الذي يرأسه. وتأسس المجلس الأعلى في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، ويتألف من ثلاثة علماء شيعة ومثلهم من السنة، وآخرين بحكم مناصبهم، غير ان أبرز علماء الشيعة لم ينضموا إليه. وصرح عضو الهيئة المركزية للمجلس العلمائي الشيخ محمد صنقور ل"الحياة"، ان"أبرز التحفظات الشيعية التي لا تزال قائمة، تكمن في هيمنة المجلس على المؤسسات الدينية كالمساجد والحسينيات والوعاظ ومرشدي الحج"، واعتبر ذلك مناقضا ل"استقلالية المؤسسات الشيعية، وهو المقدار الذي حفظه لنا الدستور في حرية ممارستنا لشعائرنا". وشدّد على ان المجلس يسعى إلى"خدمة أبناء البحرين كونهم مواطنين، بعيدا عن الطائفية، وتنظيم الوضع الداخلي للبيت الشيعي"، لافتا إلى ان أهدافه اجتماعية ودينية"وإذا تدخل في الجانب السياسي فسيكون في شكل التوجيه العام، ولن يدخل في التفاصيل". وحول دعوة وزير الشؤون الإسلامية العلماء الى الاجتماع به اليوم، قال:"لا يمكننا الحضور لوجود رؤية شرعية تحول دون اجتماعنا مع الوزير بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية". من جانب آخر وافق البرلمان بعد مناقشات ساخنة استمرت ساعتين على اقتراح برغبة غير ملزم للحكومة، يقضي بدفع 500 دينار لكل أسرة بحرينية يقل دخلها عن ألف دينار، من فائض الإيرادات النفطية، واشترك في تقديمه نواب من كتل المستقلين والأصالة السلفية والإسلامية الشيعية والديموقراطيين. وأيّد معظم النواب الاقتراح ووجهوا انتقادات لاذعة للحكومة التي أشار ممثلها وزير الدولة لشؤون مجلس الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل إلى الحاجة ل"الصرف على مشاريع البنية التحتية من الفائض النفطي". وفي تطور لافت دان معظم النواب عند مناقشة إصدار بيان يطالب بوضع ضوابط على المسيرات والاعتصامات، الهتافات المناوئة للحكومة ولرئيسها في المسيرات المطالبة بإطلاق سراح الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة. وقال النائب محمد خالد:"هل ننتظر إلى أن يصل الدم إلى الركب، بعدما شتموا رئيس الوزراء"، في حين تساءل رئيس المجلس خليفة الظهراني:"أين هم العقلاء، إذا كان من يشتم رئيس الحكومة هم أطفال"، غير ان نائبه الأول عبدالهادي مرهون قال:"لقد بدأت صدوركم تضيق بالحرية"، لكنه واجه ردوداً من نواب كثيرين سألوه:"هل السب والشتم والتطاول على القيادة حرية تعبير؟".