لم تمنع مباراة كرة المضرب الأميركية الحاسمة بين فريقي "يانكيز" النيويوركي و"رد سوكس" البوسطني، ملايين الأميركيين من التسمر أمام شاشتهم امس، لمتابعة المناظرة الرئاسية الأخيرة بين المرشح الديموقراطي جون كيري والرئيس الحالي جورج بوش، والتي كانت مقررة فجر اليوم الواحدة صباحاً بتوقيت غرينتش في ولاية أريزونا. وعلى غرار الحملات الرئاسية الثلاث السابقة، استقطبت مناظرات هذه الدورة أكبر عدد مشاهدين منذ عام 1992، تعدت ستين مليون مشاهد في مناظرة فلوريدا الأولى، وأربعين مليون في الثانية في ميسوري، ووصلت الى 43 مليون بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس: ديك تشيني وجون ادواردز في أوهايو، في زيادة بنسبة 24 في المئة عن عام 2000. واشار استطلاع أجرته صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن 86 في المئة من الناخبين يتابعون عن كثب أحداث السباق. وتأتي المناظرة الأخيرة والتي تحمل عنوان الشأن الاقتصادي مع احتدام السباق وبرصيد 45 في المئة لكل من المرشحين، بحسب استطلاع مركز زغبي الدولي الصادر أمس. وأكد رئيس المركز العربي - الاميركي للاستطلاع جون زغبي في حديث الى "الحياة" أنه "عندما يكون السباق بهذه السخونة، أي خلل أو خطأ قد يعطي زخماً أو يكون ضربة قاضية لأي من المرشحين"، فيما أشار استطلاع لمركز "غالوب" الى تقدم نوعي لكيري في المسائل الاقتصادية والبيئية والتي تعدت نسبة عشرة في المئة لمصلحة الديموقراطي في الضمان الصحي وسد العجز في الموازنة وتحسين سوق العمل. واشار استطلاع لصحيفة "هيرالد تريبيون" الى احتلال الاقتصاد أولوية لدى الناخبين في أوهايو ومينسوتا وكولورادو، والتي يحمل فيها كيري تقدماً طفيفاً على بوش. وتحاول الحملة الجمهورية سد الثغرات الاقتصادية من خلال ربط الأزمة بالحرب على الارهاب، والتأكيد على أن "الرئيس ملتزم بدفع كل ما يلزم لحماية البلاد والجيش الأميركي في العراق"، على حد تعبير سكوت ستانزل الناطق باسم الحملة. واطلق الجمهوريون اعلانات تلفزيونية تتناول سياسية الرعاية الصحية واعطاء بوش "أفضلية للفرد بدل تأميمها للحكومة الفيديرالية". ويسعى بوش الى الخوض في مسائل الأمن القومي والحرب على الارهاب والتي يتقدم فيها على كيري، واعتبار الدفاع عن الولاياتالمتحدة أولوية لأي رئيس في البيت الأبيض. وأعطت التوقعات أفضلية لكيري في مناظرة اليوم والتي وصلت الى 54 في المئة في مقابل 36 في المئة لبوش. وساعدت المناظرة الأولى عن السياسة الخارجية والتي حسمها كيري، باحياء النبض في حملته والعودة بقوة الى السباق بعد تأخر بأكثر من عشرة نقاط، وتلاها تفوق طفيف في الثانية. ومن الثابت تاريخياً أن الفائز بالمناظرات كان له الحظ الأوفر في الوصول الى البيت الأبيض، كما بدا بعد فوز جون كينيدي وجيمي كارتر ورونالد ريغان وبوش الأب وبيل كلينتون والرئيس الحالي في مناظراتهم والسباق. الحرب على العراق وعد الرئيس الجمهوري جورج بوش أخيراً بدور متنام للأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية، فيما تحدث منافسه الديموقراطي جون كيري عن عزمه على السعي إلى إشراك حلف الأطلسي في إعادة بناء العراق. تحدث بوش عن حاجته إلى المزيد القوات العسكرية، فيما تحدث كيري عن نيته في إحضار قوات حليفة لمشاركة القوات الأميركية العبء، والعمل على تقليص عدد الجنود الأميركيين في العراق خلال ستة أشهر. ووعد بعدم إدخال البلاد في حرب "ما لم يكن هناك تهديد حقيقي ووشيك". الحرب على الإرهاب والأمن القومي قال كلا المرشحين إن التدخل العسكري ضروري لمحاربة الإرهاب ودعما استحداث دائرة الأمن القومي. كما أيد الاثنان استحداث منصب مدير قومي للاستخبارات. وقال كيري إنه سيزيد عتاد قوات التدخل موقتاً بنسبة 40 ألفاً، اي ضعف عدد القوات الأميركية الخاصة، للتصدي للتهديدات الإرهابية. ووعد بتطبيق فوري لتوصيات لجنة 11 أيلول، وتفتيش حاويات السفن وحماية المعامل النووية. الاقتصاد والضرائب وخلق فرص عمل يخوض بوش حملته لولاية ثانية في وقت تعاني البلاد من خسائر في الوظائف. ويطالب الرئيس الكونغرس بجعل خفض الضرائب بنسبة .17 تريليون دولار الذي أقر بين عامي 2001 و2003، خفضاً دائماً، قائلاً أن ذلك سيساعد في خلق فرص عمل. كما يخطط بوش لتقليص العجز في الموازنة بنسبة 521 بليون دولار خلال ولايته الثانية. ينوي كيري ايجاد 3 ملايين فرصة عمل في الأيام الخمسمئة الأولى من ولايته، وإعادة جمع الضرائب من الذين يجنون أكثر من مئتي ألف دولار في السنة، للمساعدة في تحسين الرعاية الصحية، فيما سيبقي على إعفاء ذوي الدخل المتوسط من دفع الضرائب. وينوي كيري تقليص الانفاق، باستثناء نفقات الدفاع والأمن والتعليم، متعهداً بخفض العجز الأميركي بنسبة 50 في المئة في 4 سنوات. الرعاية الصحية تضخمت نفقات الرعاية الصحية في الولاياتالمتحدة خمسة أضعاف. ويقدر عدد الأميركيين الذين لا يملكون تأميناً صحياً ب45 مليون مواطن، بعدما كانت النسبة 41.2 مليون عام 2001. ويسعى بوش إلى تقليص عدد الذين لا يشملهم التأمين الصحي بنسبة 4 ملايين ودعم حسابات التوفير الطبي. وعد كيري بخفض رقم غير المشمولين في الرعاية الصحية بنسبة 27 مليون، بالاعتماد جزئياً على خطة الضمان الصحي للموظفين عبر بطاقات ائتمان ضريبية وتوفير مساعدات. كما وعد بمساعدة الشركات على تغطية نفقات موظفيها الصحية والسماح للمواطنين بشراء أدوية رخيصة من دول مثل كندا. سياسة الطاقة أمام ارتفاع أسعار الوقود، دعم المرشحان جهود رفع الاكتفاء الذاتي النفطي، بناء أنابيب غاز طبيعي في ألاسكا وزيادة الاعتماد على الوقود البديل. ويشجع بوش التنقيب عن النفط في ألاسكا وبناء معامل نووية. يخطط كيري لتحويل عشرة بلايين دولار من الضرائب على السيارات لمصلحة انتاج سيارات استهلاكها توفيري، كما وعد بمكافأة مقتني سيارات قليلة التلويث. وتحدث عن خطة استثمار في تكنولوجيا جديدة تقلل من اعتماد أميركا على النفط الأجنبي. وأعلن معارضته بناء معامل نووية، وإن أيد الابقاء على تلك الموجودة حالياً. الاجهاض وأبحاث خلايا المنشأ يعارض بوش الاجهاض واستخدام الأموال الفيديرالية للاجهاض، وتحدث عن نيته مضاعفة دعم برامج الاستشارات قبل الحمل. رفض مبدأ التمويل الفيديرالي للتجارب على خلايا جنينية باعتبارها تقتضي القضاء على حياة من أجل خلق خلايا المنشأ. أما كيري، فيعارض الاجهاض بوصفه كاثوليكي لكنه يدعم حق المواطن بالاختيار وفقاً للدستور. وكان كيري صوت عام 2003 ضد قانون الاجهاض الجزئي الذي أدخله بوش حيز التنفيذ. وهو يدعم الابحاث على خلايا المنشأ لكن بمراقبة أخلاقية. "الحياة"/ "غرافيك نيوز"