اخيراً نقل قائد "القوات اللبنانية" المنحلة، سمير جعجع، من زنزانة في الطابق الثالث تحت الأرض، لا يصلها ضوء الشمس، الى زنزانة اخرى فوق سطح الأرض، تدخلها اشعة الشمس والهواء النقي. استغرق النقل من تحت الأرض الى فوق الأرض ما يقارب العشر سنوات. وبذلك استحق لبنان الرسمي ان يدخل بجدارة موسوعة "غينيس" العالمية للأرقام القياسية، لتحطيمه كل الأرقام العالمية في نقل سجين من مكان مظلم معتم، لا يدخله النور، الى مكان آخر يدخله نور الشمس. اي نعم سمير جعجع يستحق ما ناله من احكام قضائية عادلة. ولكن ما نأسف له حقاً ان يد العدالة لم تستطع ان تنال من بقية "امراء الحرب" الذين هم لا يزالون طلقاء احراراً يسرحون ويمرحون في الوزارات والإدارات والمؤسسات الرسمية التي افسدوها بفسادهم من طريق المحاصصة، والتسبب بالهدر المتعمّد، والتطاول على المال العام بغير وجه حق. فهؤلاء اللصوص المرتزقة يستحقون العقاب والقصاص والمحاكمة، وليس وحده سمير جعجع من يستحق السجن المؤبد مدى الحياة. ومن منطلق انساني حقوقي لا بد من احترام حقوق السجين كإنسان. فمن حق الدكتور سمير جعجع من اول يوم نطقت فيه العدالة بحكمها المحق والعادل، ان يعامل كسائر السجناء في سجن يتمتع بالمواصفات القانونية والإنسانية والشرعية، وأن تُحترم حقوقه كاملة في الاستشفاء والعلاج، وفي مقابلة من يشاء من الأهل والأقارب والأصدقاء من دون اي تحفظ. وفي هذا السياق، نأسف، كغيرنا من المواطنين الشرفاء، للظروف الغامضة المثيرة للشكوك والريبة التي قضى فيها المعتقل السجين، اسماعيل محمد الخطيب، نحبه. ومنعاً لتكرار مثل هذه الحوادث داخل السجون، لا بد لنا، في لبنان، من لجان اهلية مدنية تضم عدداً من القضاة والمحامين والحقوقيين النشطاء في مجال حقوق الإنسان، كي يراقبوا ويرصدوا عن كثب، على مدار السنة، اوضاع وأحوال السجناء في السجون اللبنانية. صور - د. قاسم اسطنبولي