تحظى الفلوجة بشعبية واسعة بين المعارضين لاحتلال العراق، لكن المدينة"الممتنعة"بدأت تفرغ من سكانها الذين اتعبتهم الغارات المتكررة للطيران الاميركي. وقالت طرفة فريح علي صاحبة الوجه الموشوم، وفقا لعادات بعض العشائر""لقد ولدت في الفلوجة وفيها تزوجت كما فقدت اسناني فيها ولم اغادرها ابداً والآن يطردني الرئيس الاميركي جورج بوش منها". واضافت انها انجبت خمس فتيات وستة أولاد، موضحة وقد اغرورقت عيناها بالدموع:"فقدت إبناً في احدى الغارات الاميركية وترك وراءه أرملة وستة اطفال لم يعد هناك من يعيلهم أو يؤويهم". وتسكن هذه العجوز، التي تجهل تاريخ ميلادها، أحد منازل بغداد بمعية 50 شخصا من عائلتها الكبيرة. وتابعت تقول:"لقد غادرنا بسبب القنابل التي روعت الاطفال". وتزامن تدهور الاوضاع الامنية مع تراجع مستوى المعيشة في المدينة حيث كل شيء مفقود تقريبا"فمن يتناول الغداء لا يأكل وجبة العشاء". ويتابع الرجال في المنزل عبر وسائل الاعلام المفاوضات الجارية يين وجهاء المدينة البالغ عدد سكانها حوالي 300 الف نسمة والحكومة. وقال ابراهيم رشيد 26 عاما:"سنعود فورا اذا توصلنا الى اتفاق". واضاف:"لكن الوضع انتهى الى القنابل مجدداً في آخر مرة توصلوا فيها الى اتفاق"، في اشارة الى التفاهم الذي انهى المعارك بين المقاتلين وقوات المارينز في نيسان ابريل الماضي. اما فرج العبيدي فيرفض العودة الى الفلوجة مع اتفاق او من دونه، قائلا:"لقد امضيت 15 عاما في سجون الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. لم اكن اعتقد ابداً ان الاوضاع ستسوء بهذا القدر بعد اسقاطه". واستأجر العبيدي منزلا في بغداد تسكنه ثلاث عائلات بينها عائلة خديجة هادي التي وصلت برفقة زوجها وولديها من الفلوجة قبل ثلاثة ايام. وقالت خديجة 37 عاما التي تعمل مدرسة:"لم نكن نريد مغادرة منزلنا لكنه اصيب بأضرار قبل ايام اثناء احدى الغارات فهربنا بالملابس التي كنا نرتديها"موضحة ان جميع سكان حي العسكري غادروه. واضافت والاحراج باد على محياها:"في نيسان ابريل قاومنا الرغبة في الرحيل لكن زوجي لا يعمل، ومنذ اربعة اشهر لم اتلق راتبي ورمضان على الابواب ولا ندري ما العمل". كما انها ابدت شكوكاً ازاء المفاوضات، وقالت وهي تحمل ابنها الرضيع:"الاميركيون يتكلمون في النهار ويقصفون في الليل". ويؤكد الجيش الاميركي ان الغارات على الفلوجة تستهدف مخابئ الاردني المتطرف ابو مصعب الزرقاوي. الا ان خديجة تساءلت"اين الزرقاوي؟ لا يوجد زرقاوي في الفلوجة. فمن يرى شقيقه يقتل او والده في غارة يلجأ الى السلاح ومقاتلة الاميركيين... انهم ابناء الفلوجة". وأوضح العبيدي:"يقولون انهم يستهدفون الزرقاوي ونكتشف في الصباح جثث اطفال تحت ركام المنازل المهدمة"، مشيرا الى بقاء العائلات التي تسكن في وسط المدينة فقط في حين خلت الضواحي من سكانها. وختم قائلا:"الاطفال يشعرون بالتوجس ويرتجفون فور سماع انفجارات والمدارس مغلقة والكهرباء غالبا ما تكون مقطوعة... هذه هي الفلوجة".